المشاهد لنمو مراحل التنمية في المملكة العربية السعودية يجد أنها تركض الى الأمام بخطى قوية وثابتة لا توقف فيها يعيق من تقدمها ويترك السبق لغيرنا ولا عجلة غير مدروسة قد تجر معها شقوقا يصعب رقعها ونندم عليها, بل تسير وفق دراسة وانتظام ودقة واحكام. والمتابع يرى كيف تم اكتمال البنى الأساسية عندنا, وكيف عملت على أعلى المستويات وشيدت وفق أحدث القياسات. بدأت خطط التنمية الخمسية بالضروريات ثم بما تبعها من ضرورات,, ثم بالكماليات ثم بما لحق تلك الكماليات من تبعيات, ثم بدأنا نناشد الأفضليات نلاحق فيها من سبقونا بسنين مبتدئين من حيث انتهوا, نتعلم من أخطائهم ونستفيد من نجاحاتهم, متخذين لنا سياسة خاصة بنا تتناسب مع طبيعتنا ولا تخالف أبدا عقيدتنا, سياسة رشيدة تشد من عزمنا وتقوي عزيمتنا وتضمن سلامة مسيرتنا. هكذا بدأنا وهكذا سرنا وهكذا وصلنا, حتى تخطينا مرحلة الملاحقة ودخلنا مضمار المسابقة وحصلنا فيه على مراكز متقدمة وتعدينا من سبقونا بعشرات السنين كما ننظر اليهم على أنهم أكثر تقدما منا, كنا يبهرنا وضعهم, وكان يروق لنا ما نراه في بلادهم, وكانت تعجبنا أشياء كثيرة عندهم ونتمنى ولو حتى أقل منها, أما اليوم وقد اكتملت لنا البلاد وازدانت لنا الحياة وتمت لنا المقاصد واستوت النتائج وبانت الجهود وتسنمت الأهداف,, صرنا نستقل ما عند غيرنا ويهتال غيرنا بما عندنا. كانت مناطقنا متباعدة وكان يتعبنا التواصل بينها, فتشابكت مناطقنا اليوم بالخطوط وتقاربت في المواصلات والاتصالات. كنا نرى الكباري بالنسبة لنا أحلاماً, وقامت في بلادنا أدوار فوق أدوار, وكنا نرى في الأنفاق الضيقة عند غيرنا اختصارا للمسافات وصرنا نسلكها في بلادنا مسارات، كانت طائراتنا تقلع من القاع وتهبط في مدرجات العالم المرصوفة واليوم صرنا نملك أكبر وأرقى وأحدث المطارات. كنا نرى المباني العالية فنظنها بعيدة علينا حتى رأيناها في شوارعنا أبراجا جنب أبراج, وكنا نرى الفنادق الكبيرة والمجمعات التجارية والسكنية والمراكز التسويقية فلا نتوقعها أبدا حتى اصطفت في بلادنا كم من المحلات, وفي الطريق إن شاء الله الكثير والكثير والمستقبل يبشر بالخير الوفير. كل شيء عندنا اكتمل الا السياحة, ننادي بها والمواطنون يغادروننا كل صيف جماعات جماعات, والأموال ترافقهم خارج البلاد بالمليارات كيف السبيل لاستقطاب تلك اللأموال أو بعضها داخل البلاد, أتساءل هل السياحة الخارجية وممارستها ظاهرة اجتماعية, أم هي مفخرة ومحسوبية, أو نتيجة عوامل دعائية, أو بسبب نواقص عندنا لم نغطيها, أو فرص ضائعة لم نتمكن من استغلالها أو معوقات لم نستطع تجاوزها أو كل الأمور مجتمعة؟,, أياً كان فكل عقدة لها حل, الناس تأمل بالهيئة العليا للسياحة وبأميرها الشاب صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز, وهو الإنسان المعروف بالوقوف جانب المعوقين وهو صاحب اليد الطولى في رفع العبء عنهم والتخفيف من معاناتهم وادماجهم في المجتمع وقد نجح في ذلك نجاحا ملحوظاً, واني أرى السياحة اليوم تحتاج إلى من يسندها ويأخذ بيدها ويشد من أزرها, والمؤمل في أميرنا الشاب أن يفتش عن معوقاتها ويبحث عن الأسباب التي تحد من تقدمها، فبلادنا واسعة ومدنها كثيرة وقراها جميلة وجبالها عالية وشواطئها ممتعة وأجواؤها مختلفة وخدماتها متوفرة, وآثارها ضاربة، ومواقعها التاريخية معروفة للجميع، والتجوال فيها ميسر ونسبة الأمن في بلادنا أكثر من مرتفعة وكل شيء فيها آخذ طريقه إلى الأمام, فقط السياحة فيها هي القاصرة العاجرة, واذا أدركنا بأن السياحة مصدر دخل قوي تتنافس عليه الدول وتبذل من أجله الشيء الكثير, ونحن قد نافسنا غيرنا في مجالات عديدة فلم لا ننافس في السياحة, وبلادنا مؤهلة؟,, ولم نرض بالقليل وعندنا كل الأمكانيات لاستيعاب الكثير؟,, فقط نحتاج لشيء من التنظيم يلبي الاحتياجات ويفي بالرغبات ويقضي على المعوقات. لماذا لا ننقل السياحة من مجرد شعارات الى صناعة انتاجية تدر علينا الخير الكثير. الدولة أيدها الله دعمت الصناعة وساعدت المستشفيات ووقفت مع المزارعين وهي من كل خير قريب, هذه المرة فقط نريد اتاحة الفرص بشكل أكبر للاستثمار السياحي وتشجيع المستثمرين فيها وتخفيف الروتين المعقد الذي يلاقيهم,, خاصة من البلديات وشركات الكهرباء كي يستطيع المستثمرون أن يقوموا بدورهم وينشط عطاؤهم في مناطقنا كلها وتقل تكاليفه وبالتالي يرخص للمرتادين من المواطنين وتعم الفائدة الجميع. وفي تشجيع الاستثمار في السياحة ودعم المستثمرين في مجالها دعم لعموم المواطنين فكل مشروع يقوم تنفتح معه فرص عمل كثيرة لتشغيل الشباب السعودي الذي يحتاج هو الآخر الى مراكز تقوم عاجلا، يتم فيها تأهيلهم لشغل وظيفة مرشدين سياحيين يجيدون أساليب الجذب الراقية وفن التعامل الرفيع, أعود وأقول لنا في الهيئة العليا للسياحة كبير الأمل والله من وراء القصد والسلام. فهد بن عبدالله العضيب بريدة