المملكة توقع مذكرات تفاهم مع 6 دول لتعزيز الشراكات في قطاع التعدين والمعادن    مذكرة تعاون بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية ووزارة الحج والعمرة    لافروف: رفض التغيير تسبب في انهيار نظام الأسد    تشيكل لجنة مركزية للجهات الأمنية بالمنافذ    انتهاء التصويت ل"Joy Awards 2025" والاستعداد لإعلان الفائزين في الحفل السبت المقبل    جمعية سيل" ماء ونماء" تنفّذ مبادرة سقيا ضيوف الرحمن    محافظ الأحساء يستقبل المدير الجديد لشركة stc    مندوب المملكة لدى الجامعة العربية يستقبل رئيس البرلمان العربي    12 مليون عملية إلكترونية لتسهيل رحلة تملك المساكن بالمملكة    محافظ الأحساء يكرّم المتفوقين والمتفوقات من مستفيدي لجنة تراحم بالشرقية    ارتفاع معدل التضخم في المجر خلال ديسمبر الماضي    تعمل بنظامي «الهايبرد والكهربائي».. «أجرة مكة» تدخل حيز التنفيذ    الربيعة يزور جناح وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج الرابع بمحافظة جدة    في إنجاز طبي سعودي.. ابتكار تقنية طبية متطورة لعلاج أمراض فقرات الرقبة بعد 7 سنوات من التطوير    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لإنجازات وأعمال فرع وزارة التجارة    المجموعة الاستشارية للأشخاص ذوي الإعاقة تعقد اجتماعها الثاني للدورة الثانية    «الصفقة» على بعد خطوة.. خطة أمريكية لتنظيم غزة بعد الحرب    مقتل 120 في الخرطوم.. البرهان: مستعدون لسلام يحفظ أمن السودان    وزير الخارجية يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الجزائري    الجلسة العُلمائية لمبادرة تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة تُشدِّدُ على الإجماع الإسلامي "قديماً" و"حديثاً" على الحق المشروع للمرأة في التعليم    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع المركز الوطني للرقابة على الإلتزام البيئي    مركز الأمراض الوراثية والاستقلابية يحصل على الاعتماد كمركز متخصص من الفئة (أ)    أسهم أوروبا تعوض بعض الخسائر مع تراجع عوائد السندات الحكومية    «التعليم»: الفحص الطبي.. شرط لتسجيل المستجدين في «رياض الأطفال» و«الابتدائية»    برئاسة السعودية.. إبراز الهوية على طاولة «إذاعات العرب» في تونس    الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية لمواجهة جدري القردة في سيراليون    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن أربعة مشروعات طبية تطوعية في الكاميرون    انطلاق أعمال "القمة السعودية لريادة الأعمال الاجتماعية" بالمدينة المنورة الخميس المقبل    استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على منزلين جنوب قطاع غزة    17 نصيحة من «المساحة الجيولوجية» لمواجهة مخاطر الزلازل    محترف الهلال: اللعب في السعودية تجربة ممتعة.. وانتقالي ليس من أجل المال    استمرار الرياح النشطة مع توقع أمطار خفيفة وضباب على بعض المناطق    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج .. الأمن في خدمة ضيوف الرحمن    الصناعة تطلق 15 ممكناً وحافزاً في برنامج "المشغل الاقتصادي"    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية    مقترح للدراسة في رمضان    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    بمشاركة عربية واسعة.. «إثراء» يطلق النسخة الرابعة من ماراثون «أقرأ»    لا ناقة لي ولا جمل    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    700 ألف إسترليني لتحرير غوريلا مسجونة    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الصيف ضيعت الماء
نشر في الجزيرة يوم 20 - 07 - 2000

في احدى المربعانيات النجدية كتبتُ قبل ما يقارب عقدا ونصف عقد من الزمان مقالاً بعنوان: في الصيف ضيعت البترول بمجلة اليمامة وكان يرأس تحريرها وقتها رجل تخرج للتو من جامعة السوربون بباريس وأتى يحمل تصورات طازجة عن قيمة الشفافية والصدق والمصارحة في الطروحات الصحفية خاصة عندما تعنى بالشؤون والشجون الاجتماعية وذلك قبل أن تصبح كلمة الشفافية الكلمة الأثيرة في صحافة اليوم والحمد لله, وقد اجاز الدكتور فهد العرابي الحارثي المقال، فاتفق على ما جاء فيه من اجتهاد شخصي من اتفق كما اختلف معه من اختلف ولكن دون ان يفسد الخلاف للود قضية مادامت القضية حب الوطن والخلاف مجرد اختلاف في الرأي وصيغ التعبير عن هذا الحب, وها هو الوطن الآن يتوج تعود الرؤى وضرورة مشاركتهم في خدمة القضايا الوطنية بايجاد مجلس أعلى للاقتصاد الذي يعتبر البترول حبله الشوكي.
أما في هذا الصيف القائظ فقد اخترتُ وأرجو ألا أندم على هذا الخيار أن أكتب هذا الموضوع الذي أطرحه اليوم بعنوان في الصيف ضيعت الماء وعندي بعض الثقة أن معظم من قد يزعجهم هذا التعبير الذي قد يستشم منه رائحة استعارة تعابير التراث بصيغ جديدة وقد يوحي علامات مائية هم الآن هاجعون بعيداً في منتجعات بعيدة حيث لاتصلهم الصحف المحلية ولاتزعج بياتهم الصيفي خارج الحدود اسئلة قد لاتهمهم لأنها لا تتعلق بالحاضر بقدر ما تتعلق بحصة الأجيال المستقبلية من حق الماء.
وبعد هذه المقدمة الاعتذارية الطويلة عن الخوض فيما يعنينا وان بدا انه لايعنينا من اشكاليات الحاضر وتحسبات المستقبل اسمح لنفسي في الدخول إلى صلب الموضوع, وصلب الموضوع باختصار مخل كمن يريد أن يلم الصحراء المترامية في قدح ماء هو الماء, لقد جعل الله سبحانه وتعالى من الماء كل شيء حي، فكيف تسمح البشرية لنفسها بأن يكون الماء وسيلة لقتل الأبرياء, فقد جاء في كتاب الأمين العام الحالي للأمم المتحدة اشارة واضحة بل فاضحة إلى عدد الذين يقتلون بسلاح الاستخدام الفاسد للماء من قبل فئة قليلة على حساب الأكثرية, إذ يتسبب استخدام المياه غير الصالحة للاستخدام الآدمي الإصابة بما يقدر ب 80% من مجموع الأمراض في الدول النامية وبه يتجاوز المعدل السنوي للوفيات 5 ملايين وحسب تقديرات هذا الكتاب مايعادل عشرة أضعاف عدد القتلى في الحروب في المتوسط السنوي وأكثر من نصف هؤلاء الضحايا هم من الأطفال, هذا إذ ارتفع معدل الاستهلاك العالمي من المياه العذبة كما جاء بالأرقام ارتفاعاً سداسياً من بداية القرن الميلادي إلى ماقبل نهايته بخمس سنوات, وهذا الارتفاع يشكل أكثر من ضعف معدل نمو السكان العالمي, وتتضح خطورة هذه المعادلة غير العادلة إذا عرفنا أن ثلث سكان العالم ينتمون إلى بلدان تواجه احتمالات كارثية فيما يتعلق بشح الماء بما قد يؤدي لاسمح الله إلى موت شخص واحد من كل ثلاثة أشخاص على كوكب الأرض بحلول عام 2025.
السؤال الذي قد يقاطع به بعض القراء تدفق أملاح الأحلام في هذا المقال هو سؤال، ما علاقتنا بهذا الأمر إذا كانت أزمة الماء تبدو أزمة عالمية؟, وهو سؤال إذا تغاضينا اجرائيا عن رائحة المحلية الضيقة العالقة به سؤال قابل للنقاش وان كنت أرى ان الأجدى ان نسأل عن دورنا كمجتمع ودولة في مواجهة هذه الأزمة، على أية حال باختصار مخل مرة أخرى وأخرى كمن يعلق قنديلا قرب عيد الشمس فان الاجابة هي أن منطقة الشرق الأوسط ومنها شبه الجزيرة العربية على وجه التحديد من أكثر مناطق العالم تأثراً اليوم وإلى الغد المنظور بقلة الماء وهي أيضاً من المناطق التي يهدد يومها وغدها القريب سحب المياه الجوفية بكميات أكبر من طاقة أرضها على تجديدها بالأمطار, هذا فيما يرتع قطاع من الناس عن عدم وعي وطني وبيئي أو لنعمة لم يتعبوا في الحصول عليها في برك السباحة وحمامات البخار أو يغسلون شوارعهم والشوارع ما بعد شوارعهم المجاورة بمياه غسل سياراتهم.
وإن كنت أشم في المناخ العام لوطننا كما تشم الخيل رائحة اقتراب المطر، توجهاً لترشيد صرف الماء وكتوعية شعبية بمسؤولية كل مواطن أيا كان موقعه على السلم الاجتماعي في المحافظة على لؤلؤ الماء, كما قرأتُ في هذا الصدد اقتراحات عملية تستحق سرعة التطبيق فيما كتبه مؤخراً د, عبدالعزيز الفيصل وم, عبدالعزيز السحيباني وسواهما من الكتاب ومنها ضرورة إنشاء مؤسسة تتخصص في العناية والتوعية بشؤون الماء وفي وضع الدراسات المستقبلية غير المؤجلة في سبل تطوير مصادره التقليدية وإيجاد مصادر بديلة واستثمار البيئة في اختراع أو استحداث هذه البدائل، بالإضافة إلى التعاون العربي والخليجي.
ومع هذا فان سؤال الماء على مستوى عربي عام ما يزال سؤالاً يؤرق العامة (ومن يسمون بالرعاع) فيما لايبدو انه في وارد أرباب السياسة, ففي الوقت الذي تشتري فيه دولة العدو الاسرائيلي كميات كبيرة من مياه تركيا وتستميت في عدم اعادة انش واحد من الأراضي المحتلة التي تتمتع باحتمال قطرة ماء هذا عدا عن إقامة معاهد ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية فيما يخص الماء، فان الوطن العربي يشعل الحروب الداخلية والحدودية المجاورة لمحاكمة كتاب ومصادرة رأي سياسي أو اجتماعي فيما تجف بصمت مميت موارد الماء من المحيط إلى الخليج كما جاء في احدى افتتاحيات جريدة الرياض فهل لهذا العالم النائم على عصاب التهميش القهري أو وسواس توالي سياسة الخيبات ان يحلم بقليل من الماء يغسله من ملوحة البحر وظمأ الصحراء وتكرار نفس الأخطاء.
لئلا يأتي يوم يصبح لدينا جيل من متسولي الماء ربما علينا ألا نكتفي من الماء بحلم الماء.
هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.