ولي عهد الكويت يستقبل وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    "رينارد" يستبعد "الشهراني" من معسكر الأخضر في الكويت    مانشستر سيتي يواصل الترنح ويتعادل مع ضيفه إيفرتون    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    المملكة ترحب بالعالم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر المعاصر في شبه الجزيرة العربية 2/2
توتر في البيت:

وفي الوقت ذاته، لا تعد مغامرة الشاعر إلى الحداثة تمرينا على الماسوشية، بل تقبل للمسؤولية. فهو يعي أن هناك "شارع يحتمي بك في حمأة الشمس / والريح تلجأ نحو ذراعيك" (رياح المواقف، 50). ولهذا يصبح أمرا في غاية الأهمية لديه أن يجد لغة تستطيع الوصول إلى تلك الحقيقة الطبيعية الانسانية في الخارج بدون أن يضحي بسعيه إلى التحديث. وأحد الخيارات هنا خلق قصيدة تحتوي على عناصر الثقافة المحلية من خلال لجوئه إلى الموروث الشعبي والتراث المشترك بين الجميع. وعلى سبيل المثال فإن قصيدة الدميني التي اقتبس منها المقطع السابق معنونة ب "يسألونك عن الساعة"، وهو عنوان مستمد من القرآن الكريم مباشرة حيث تشير الآية الكريمة إلى يوم القيامة"8". وبالنسبة للشاعر فهي تعتبر ساعة تحمل اشارت مختلفة ولكن "التغيير" و"الحقيقة" تبدوان بارزتين.، وقد قٌلد ا لشاعر دورا قياديا ولهذا السبب يسأل عن الوقت. وتظهر حقيقة أن الزمن ليس زمنا دينيا بوضوح في نهاية القصيدة حيث يشير إلى نفسه بأنه "لم يفقد الطريق ولكنه لم يجد الطريق الصحيح بعد" يالها من معضلة حديثة حقيقية. وهناك استراتيجية أخرى للتعامل مع مثل هذه الحالة المأزقية وتتمثل في استخدام الموروث الشعبي، ويتم هذا باستخدام تعبيرات من اللهجة العامية، وذلك جنبا إلى جنب مع حقن النص بنماذج من الشعر الشفهي، أو بمجرد استدعاء حياة البداوة في بيوت الصحراء باستخدام أناشيدهم. ونجد هذه الاستراتيجيات في شعر الدميني وعدة شعراء آخرين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج في السبعينيات والثمانينيات (على الرغم من أنه يبدو قد اختفى من قصيدة النثر المدنية الحديثة في التسعينيات).
ومن بين الشعراء الذين يستعملون هذه الاستراتيجية البحريني علي الشرقاوي والكويتية سعدية مفرح والعماني سيف الرحبي. ويعرف الشرقاوي بأنه شاعر حاذق في العربية الفصحى واللهجة البحرينية. وهو متمكن في الحالين، ولكنه أشد براعة في اللهجة المحلية، ويستخدم فيهما كثيرا التراث الشفوي المعروف لدى الجميع، وعلى الأخص لدى الأميين. وتمتد حداثته أحيانا في بعض الأوقات إلى قصائد مرهفة أحادية الصورة كما في "الصحراء":
تسن القوانين للبحر
تسحب زرقته
وتلوثه بالحصى المشترك
رمال
تعد الشباك
لتصطاد ماء السمك
(مائدة القرمز، 107)
وما يزال ظهور مثل هذا الإغراق في الحداثة، محددا دائما بتركيز دقيق على الإيقاع التقليدي وإدراج العبارات العامية والتي أصبح العديد منها أغاني شعبية في منطقة الخليج العربي.
وتعد الحداثة الوصفية ميزة بارزة في أعمال الكويتية سعدية مفرح خاصة في إصداراتها المبكرة. وفي إحدى القصائد في مجموعتها الأولى والمعنونة ب "اعترافات امرأة بدوية" وهو نص مركز كليا على تراث مشترك بين الشاعرة وجزء كبير من الجمهور في مجتمعها، ويتعلق الاعتراف بإحساس الشاعرة بالانقسام ما بين الحداثة المدنية التي ولدت بها وبين ثقافتها البدوية التي لا تستطيع محوها من ماضيها. وعندما "تعج بصدري رياح التغيير" تقول بأنها تستعيد ذكرى الخيمة البدوية "والبيت المصنوع من الشعر" آخر الحالمين كان،(33) وتتعلق جميع تفاصيل بيت كهذا بالجسد "في لون عيني لونه / تمتد أوتاره ضاربة في ثنايا الفؤاد ساخرة"(33). وفي لحظات التماهي كهذه تشتاق إلى "رائحة لم تزل / رغم كل عطور التحضر / لاصقة بخلايا ثيابي" (آخر الحالمين كان، 34). وبعد عقد واحد ظهر عمل سعدية مفرح الجديد مبتعدا عن هذه الذكريات الأليمة من ناحية الشكل والمضمون. أما قصيدة النثر التي تبنتها للحديث عن هموم حديثة (و ما بعدها) ومدنية، باستخدام سلسلة من الاستعارات المعقدة والتي قل أن تشابه ما كتبته سابقا. ومع ذلك، فليس من الصعب الإحساس بالهم القديم في قصيدة قصيرة مثل "فورلورينس" (في مجموعة مجرد مرآة مستلقية، 1999)؛ وهنا يتجلى موقف متناقض فالفراغ وهجران البيوت والشوارع في المدينة والتي ينبغي أن تكون مكتظة، تجبر الشاعرة على اللجوء إلى صحراء غائبة، ولكنها أكثر حميمية: "يا لوحشتها في فضاء المدن التي تعرض وتطول شوارعها بسرعة / والطائرات التي تطير على بعد منخفض" (مجرد مرآة مستلقية 34). وبإلقاء الضوء على مشهد مماثل، ولكن أكثر مباشرة إلى الصحراء، يخاطب الشاعر العماني سيف الرحبي الربع الخالي المجاور، أوسع الصحاري العربية وأكثرها إلهاما:
نحدق في ظلامك الغزير
نستجدي هداياك الغامضة
أشلاءك المبعثرة في تخوم بعيدة
كانت مأوى لشريد
وحكمة لضلال محتشد بوعوله.
(يد في آخر العالم 9).
ولم تمنع تجارب الرحبي الحيوية في الشكل الشعري، والتي وضعته منذ البدء على طريق قصيدة النثر، من إطلاق نقده للحداثة سواء من خلال شعره أو المقالات التي كان يكتبها كمحرر للمجلة العمانية الطليعية "نزوى". وفي قصيدة من مجموعة حديثة له ينظر باتجاه البيت ليجد أن الناس الذين ينتمي إليهم،بعد أن هجروا الجمل، وقد أصبح مباعا بصورة عمياء ل "جمل التقنية الذي أصبح مشهورا جدا في الأسواق". إن إحساس الإحباط نحو التقنية هو الحافز وراء البحث عن ملجأ في الصحراء. ولكن الشاعر غير ثابت في بحثه. ففي إحدى مقالاته ينظر إلى الربع الخالي ويرى أنه "تغير من منطقة جغرافية محدودة إلى مجتمع رمزي ينشر الوحشية والفراغ والخسارة والتي لم يجد الجيل الجديد ملجأ منها سوى في... اللغة..." (حوار الأمكنة والوجوه، 43). واستياء الشاعر من الثقافة الغربية واستشهاده بفشل منطق العقل والتنوير "حوار" كدليل على عجز الثقافة،يعني أنه ليس بعيدا عن التذبذب الذي أعلنه نظيره السعودي الدميني الذي لم يفقد الطريق ولكنه لم يجد الطريق الصحيح بعد.
وتأخذ هذه المعضلات الفكرية منحى آخر لدى إحدى الشاعرات والتي ترى بأنها عالقة(أسيرة) لأنوثتها ضمن مجتمع يفرض قيودا صارمة من السلوك والتعبير على الأنثى. والأمثلة على هذه الحالة كثيرة في شبه الجزيرة العربية اليوم مثل أشجان الهندي من المملكة العربية السعودية وميسون صقر من الإمارات العربية وحمدة خميس من البحرين وسعدية مفرح من الكويت والتي قد أشرت إليها سلفا. وقد اكتفيت بالإشارة إلى هؤلاء فقط رغم وفرة الأمثلة التي يمكن إيرادها في هذا السياق. وتعد الإماراتية ميسون صقر بالتحديد حالة مثيرة ولايرجع ذلك لكونها شاعرة ورسامة ذائعة الصيت فحسب، ولكن بسبب تاريخها الشخصي كعضو من أفراد العائلة الحاكمة في الشارقة، إحدى الامارات العربية على الخليج.
وفي قصيدة "جريان في مادة الجسد، 1992" ضمن مجموعة تحمل العنوان نفسه تقدم صقر احتجاجا جريئا ولكنه رقيق عموما ضد المحيط الاجتماعي الذي بالكاد يتحمل حرية الأنثى "كل قبيلة هي مسودة لكبتي\جميعهم مصراع الباب الذي يكبت مكانتي." وتجيء ذروة القصيدة في النص قرابة النهاية حيث تسهم سلسلة من التناقضات في إضفاء المتعة الجمالية عند قراءة هذا النص:
نصف جسمي مشلول في الحركة
وساكن نصفه الآخر
لا يحلم سوى بالنصف المطفأة فيه دائما
وساوس الانتحار
أشعلت حريقا في غرفتي
علني أنقذ أمومة تسيل
علني أحرق وطنا من الورق المقوى
وأسقط محترقة - فاحمة
النار حميمة بي
شغوفة بلسعها لأناي
والإشارة المتناقضة إلى النار الحميمة تذكرنا بالصحراء الحميمة المماثلة لها في قصيدة الشاعرة الكويتية سعدية مفرح. وتشكل كل من النار والصحراء حصنا ومأوى ، كما وضعها الشاعر العماني سيف الرحبي، ضد فظاعة السيطرة الاجتماعية المفرطة.
ومن جانب آخر تحمل هذه الصورة دلالة لا يمكن للترجمة إيصالها فالكلمة العربية الدالة على cardboard"" وهي الورق المقوى تحمل في طياتها تعبيرا ينم عن دلالات لا تستطيع كلمة cardboard"" إيصالها. والنتيجة الأقرب للذهن هي أن البلاد هشة ولكن وجود "ورقة" في القصيدة الأصل، يفتح فضاء للكتابة كمخرج للكبت المحلي وهي موجة مشابهة للتي وجدت في قصيدة سيف الرحبي.
إن البلاد الورقية في قصيدة صقر والبلاد الصغيرة لدى الدميني وخيمة الصحراء لدى مفرح ما هي إلا صور مختلفة للأمل وخيبة الأمل ويبدو ارتباطهم ببيت الشعر أو "لبيت" طبيعيا جدا ولا يحتاج إلى إيضاح أكثر، والشعر أو الكتابة أو الأدب عموما قد عمل هكذا في ثقافات مختلفة وهو يشكل "المدن الخام التي نعتقد ونموت فيها" كما وضعها و.ه. أودين في مرثيته المشهورة ل و.ب ييتس. ويظهر الاختلاف في الشكل المحدد الذي تتتخذه في كل ثقافة أو عمل فردي في تنويع التعبيرات والصور والاستعارات ،.إلى غير ذلك، التي تتقولب فيها.
ومن شعراء الحداثة البارزين في المملكة العربية السعودية محمد الثبيتي، الذي يرسم صيغة رائعة للملاذ الجمالي في قصيدته المعنونة ب "تغريبة القوافل والمطر". ويظهر الوطن هنا وكأنه شراب قدم إلى مجموعة من البدو المسافرين الذين توقفوا للراحة، وحتى تكتمل هذه الراحة فلابد من صوت الربابة وهي الآلة الوترية المستخدمة غالبا من قبل بدو العرب في خيامهم في الصحراء. ويسأل كاهن العشيرة أن يقدم نبوءته حول مستقبل هذه المجموعة وهم يحاولون إيجاد طريقهم في الصحراء اللانهائية. وهذا العرّاف هو صدى للشاعر نفسه كما سيتضح للقارئ إن تأمل في الدور المناط به:
أدر مهج الصبح
صب لنا وطنا في الكؤوس
يدير الرؤوس
وزدنا من الشاذلية "9" حتى تفيء السحابة
أدر مهجة الصبح
واسفح على قلل القوم قهوتك المرة المستطابة.
(التضاريس ، 50- 51)
إن صورة صب الوطن في كأس تعود بنا إلى كأس كيتس المشهور ال "مملوء بالجنوب الدافئ". غير أنه يختلف عنه اختلافا واحدا كبيرا حيث أن الشاعر العربي يريد أن يشرب الشراب ليستفيق بدلا من استخدامه أداة للتخدير. وقبل كل شيء فإن الشراب هو القهوة "على الرغم من أنه من الممكن إقامة حجة على عكس ذلك إذ أن كلمة القهوة في العربية والتي هي أصل الكلمة الأوروبية تعني الخمر سابقا."
تروي قصيدة الثبيتي رحلة رمزية تمثل بصورة مصغرة مأزق العرب في الوقت الراهن، وعن طريق اختيار رموزه، استعاراته، وشخصياته من ثقافة الصحراء، يثير الشاعر السؤال الأساسي والحيوي عن الهوية ويختار الأداة الشعرية التي تيسر له عبور جسر الحداثة إلى جمهور مبعد وكامن. وتستدعي التغريبة إلى الذهن قصة ، جزء منها تاريخي والآخر أسطوري،عن الهجرة الجماعية لقبيلة بني هلال من وسط الجزيرة العربية في نجد إلى شمال أفريقيا."10" وتمتلئ القصيدة بإشارات ضمنية لطريقة عيش هذه القبيلة والظروف الصعبة التي أجبرتها على الرحيل، مخاطبة بذلك ذاكرة جمعية مشتركة لدى الجمهور ولكن كل هذا يتم عن طريق لغة رفيعة مصقولة، ولغة مجازية مليئة بالاستعارات المركبة وتعابير من النوع المشار إليه أعلاه.
ومن هذا المنطلق، يمكننا رؤية قصيدة الثبيتي على أنها تمثل أيضا بصورة مصغرة المشروع الحداثي بعموم لأنه في قلب هذا المشروع تقع أيضا نزعة الاتجاه نحو الغرب، في اتجاه الثقافة الغربية إن جاز التعبير، من حيث أتت فكرة كسر الأشكال التقليدية للقصيدة العربية في المقام الأول. ومع ذلك، فان الحركة باتجاه الغرب هي في صلبها حركة في نفس الوقت نحو الشرق، رحلة إلى قلب الثقافة العربية كما تمثله الملحمة المعروفة. وقد خلق الصراع بين هذين الاتجاهين التوتر الحداثي في أعمال الشعراء العرب، توتر يؤلف عقبة وقوة لهذه الحركة في الوقت عينه.
1- عالم اللغة هو الخليل بن أحمد، وهو واضع أول معجم عربي. مأخوذ من كتاب الناقد حازم القرطاجني، الذي عاش في القرن الثالث عشر، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، دار الغرب الاسلامي، 1996، 249-
2.51- من المرجح أن يسم المختصون في الشعر العربي طريقة بسطي للقضية بأنها شديدة البساطة فما يدعى بالقصيدة الكلاسيكية قد مرت بالعديد من التحولات في العصر الحديث ممهدة الطريق للانتقال إلى قصيدة التفعيلة. ولكن القضية مناط النقاش هنا لا تستطيع التعمق في تفاصيل كهذه ، بالإضافة إلى أن التعديلات التي طرأت على القصيدة الكلاسيكية قد توقفت قبل أن تلغي وجودها تماما، منتجة بذلك تشعبا في القصيدة العربية الحديثة إلى شكليها الحاليين.
3- تضم الجزيرة العربية سبع دول: المملكة العربية السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، عمان، واليمن. وتشكل الدول الست الأول مجلس تعاون وتعرف عادة باسم "دول الخليج" ومع ذلك، ومن منطلق جغرافي تظل المملكة العربية السعودية متميزة نوعا ما. إنه من الصعب أن تضم السعودية تحت هذه المظلة، فمع أنها تشكل ثمانين بالمائة من مساحة الجزيرة العربية وتشترك مع الدول العربية الأخرى المجاورة للخليج العربي في بعض السمات الرئيسية، وذلك لأنها ببساطة ممتدة الأرجاء وواسعة لذلك لا يمكن تصنيفها تحت نفس المظلة الجغرافية بخلاف الدول الخمس الأخرى والتي بينها درجة أعلى من التجانس.
4- خلال العقود الثلاثة الماضية تسببت الثروة النفطية في رفع المستوى المعيشي في المنطقة إلى مستوى أعلى من نظيره في معظم دول الشرق الأوسط في معظم مناحي الحياة المدنية. وكمثال على ذلك فالسعودية هي أكبر سوق للحواسيب في الشرق الأوسط.
5- في الحقيقة يمك القول انه حتى العرب المختصون من خارج الجزيرة ليسوا بمعتادين على أدبها كما يتوقع منهم. بغض النظر عن بعض الألفة المتزايدة في السنين الأخيرة فإن أدب المنطقة لا يزال بمعزل عن معظم الدراسات والمقتطفات الأدبية الصادرة في غالبية الدول العربية الأخرى. أشرفت الدكتورة سلمى الجيوسي في عام 1988على الكتاب الشامل والوحيد المترجم للمقتطفات العربية والمعنون ب الأدب المعاصر في الجزيرة العربية، بالتعاون مع جامعة الملك سعود بالرياض، ومع ذلك، برغم إسهامها المتميز فإن الدكتورة الجيوسي،للأسف، قد استمرت في إعارة القليل من الانتباه لأدب المنطقة، كما في مقالها عن الشعر العربي المعاصر، في الشعر العربي المعاصر الصادر عن كامبريدج في عام 1992، الذي تجاهلت فيه تماما كافة النتاج الشعري لشعراء الجزيرة العربية ويمثل موقفها موقفا عاما في العالم العربي. وبالرغم من ذلك فيجب علي أن أشدد على أهمية كلا العملين كمرجعين لمن كان مهتما بالتعرف أكثر على الشعر العربي الحديث.
6- قدم كتاب برنارد "Le poeme en prose de Baudelaire jusquصa nos jours" الصادر في باريس 1959إلى القراء العرب عن طريق ترجمات جزئية مختلفة، صدرت آخرها في بغداد عام 1993من دار المأمون أما من ترجمها فهو زهير ماجد مغامس.
7- التاريخ العربي المعاصر مليء بالمضايقات السياسية في تلك الدول.فقد تعرض العديد من الكتاب، ومن ضمنهم بعض من ذكروا في هذه المقالة، إما للحبس أو المنع من السفر أو تمت مضايقتهم بأشكال متعددة بسبب آرائهم السياسية أو الثقافية. وعلى الصعيد الثقافي فقد صدر كتاب عام 1985في السعودية يهاجم الحركة الحداثية من منظور ديني وهو الحداثة في ميزان الإسلام (الرياض، هجر، 1988).
8- ارجع إلى القرآن الكريم 42: 79"يسألونك عن الساعة أيان مرساها".
9- نوع من القهوة مسمى على الشيخ الصوفي أبو الحسن الشاذلي، الذي اعتاد أن يشربه.
10- تعتبر دراسة المستعربة الأمريكية أليسون ليريك دراسة مهمة لهذه التغريبة بروايتها النجدية ، روايات من تغريبة بني هلال وحروب الضياغم، الرياض. د.ت. والكتاب نسخة معدلة من أطروحتها للدكتوراة والتي قدمت في عام 1984لجامعة برينستون.
ثبت المصادر والمراجع:
أصوات، خريف
1993.الدميني، علي. رياح المواقف. د.ت.
1987.فاضل، جهاد. قضايا الشعر الحديث. بيروت\ القاهرة. دار الشروق.
1984.المقالح، عبدالعزيز. هوامش يمنية على تغريبة ابن زريق البغدادي. ط 2.بيروت. دار العودة.
1982.مواقف، 60/59(صيف\خريف 1989).
مفرح، سعدية. آخر الحالمين كان. ط 2.الكويت. دار سعاد الصباح.
1992.رر. مجرد مرآة مستلقية. دمشق. دار المدى.
1999.القرطاجني. حازم. منهاج البلغاء وسراج الأدباء. بيروت. دار الغرب الإسلامي.
1996.صقر، ميسون. جريان في مادة الجسد. د.ت.
1992.الشرقاوي، علي. مائدة القرمز. البحرين.
1994.الثبيتي، محمد. التضاريس. جدة. نادي جدة الثقافي والأدبي. د.ت
@ نشرت باللغة الإنجليزية في مجلة World Literature Tod


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.