أكد عبدالحميد السنيد الرئيس التنفيذي لمجموعة i2 ل (الجزيرة) أن الاقتصاد السعودي يشكل 50% من حجم اقتصادات دول الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن المملكة تعتبر في طليعة الدول التي قدمت مفهوم المدن الاقتصادية والمناطق التجارية بمدينتي ينبع والجبيل، وقال إن منظومة المدن الاقتصادية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - تعتبر من أبرز النماذج الحديثة والمناسبة لخلق بيئة استثمارية ستشكل نقلة نوعية غاية في الأهمية لاقتصاد المملكة، واصفاً إنشاء هذه المدن بأنه تحد كبير لمواجهة الأفكار الإدارية التقليدية والبيروقراطية لمواكبة التطورات العالمية في جميع المجالات... كل ذلك في الحوار التالي: * أولاً: كيف كانت البداية وكيف تقيمون موقعكم في السوق المحلية السعودية، والأسواق الخارجية؟ - تأسست شركة الاتصالات الدولية عام 1993 في مدينة الدمام، ومنذ ذلك الحين نجحت في أن تصبح أكبر موزع للهواتف النقالة في المنطقة؛ لتنطلق بهويتها المبتكرة i2 نحو آفاق أوسع، وحالياً يعمل في فروع الشركة المنتشرة في الشرق الأوسط وإفريقيا أكثر من 2200 موظف في 350 متجراً في 22 دولة، كما تعمل الشركة في مجالات التوزيع وتجارة الجملة والتجزئة، وتلتزم بتوفير أحدث المنتجات وأفضل الخدمات التي تواكب احتياجات عملائها وتلائم أنماط حياتهم أينما كانوا. وتزاول i2 نشاطها في العديد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا إضافة إلى إنجلترا. أما بالنسبة لما تحقق لنا - بفضل الله - من نجاح حتى الآن، فقد جاء نتيجة خطة عمل واقعية واضحة المعالم وروح المغامرة المدروسة التي تم تطبيقها منذ البداية وأسهم في إنجازها جميع العاملين في الشركة من موظفين وإداريين وفنيين. * من يقرأ المعلومات الأولية عن محطات مسيرة الشركة سيرى أنكم بدأتم مشروعكم بمبلغ متواضع نسبياً من المنظور الاقتصادي، كما أن عمر الشركة في السوق حديث جداً حيث لم يتجاوز 13 عاماً، بلغة الاقتصاد؛ فكيف تفسرون هذا الصعود الكبير في حجم الشركة، وبلوغ عائداتها 1.3 مليار دولار عام 2006م، وتخططون لعائدات قدرها 3.2 مليارات دولار في العام الحالي؟ - أولاً من المهم أن نوضح أن ما حققناه من نمو خلال السنوات الماضية واكبه نمو كبير في قطاع الاتصالات النقالة في المنطقة بشكل عام. وبفضل الله وحمده كانت قراءتنا لهذا القطاع وللأسواق التي نمارس فيها أنشطتنا قراءة واقعية وعلمية، كما أن قيامنا بالدخول في أسواق جديدة، سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو المشرق العربي أو إفريقيا، والاستحواذ على عدد من الشركات المتخصصة في مجال الاتصالات والخدمات المضافة، كان له دور أساسي في مسيرة النجاح. * عندما يتأمل الشباب الطامح تجربتكم في سوق الأعمال ينتابهم شعور مزدوج ومتناقض، الأول: أمل يحدوهم لولوج عالم المشروعات والتجارة بكل سلاسة ووعد بالنجاح، والثاني: واقع صعب لا يتقبل بسهولة الداخلين لسوق الأعمال، فكيف تقيمون تجربتكم، وإلى أي الشعورين تميلون... نجاح سهل أم واقع استثماري صعب؟ - في الحقيقة، لا أؤمن بأن هنالك شيئاً اسمه نجاح سهل، النجاح في أي عمل أو مشروع رهن بتوفيق الله أولاً وأخيراً؛ ومن ثم يأتي الإعداد الصحيح ودراسة السوق ومعطياته وتكوين فهم واضح ودقيق عن حاجات المستهلك ومحاولة تلبيتها بشكل صحيح، إضافة إلى العزيمة والإصرار على الوصول إلى الهدف المنشود، ورداً على سؤالك أستطيع القول إن النجاح ليس حكراً على أحد؛ فالجد والمثابرة واتخاذ قرارات مدروسة وعملية هي بعض مكونات النجاح في أي عمل أو مشروع. ونصيحتي هي البعد عن التقليد والحرص على الإبداع في أي عمل. وبالنسبة إلى الواقع الاستثماري فمهما كانت صعوبة الوضع الراهن فيجب ألا يكون سبباً في التخاذل وإحباط العزائم والتراجع والتردد في اتخاذ القرارات الاستثمارية. * تم اختياركم أحد المتحدثين الرئيسيين أمام ملتقى شباب الأعمال 2007 الذي ستنظمه الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أوائل الشهر القادم، فماذا ستطرحون أمام الملتقى؟ - سأقوم بالتحدث عن تجربتي الشخصية في عالم الأعمال، وكيف نجحنا في تحويل شركة محلية محدودة النشاطات إلى مؤسسة عالمية تمارس أنشطتها في أكثر من 22 دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك سعياً مناً لإعطاء الشباب السعودي حافزاً للتألق والنجاح، سواء على الصعيد الشخصي أو العملي. * ما تقييمكم لفكرة تنظيم الملتقى، وكيف ترون المردود والثمار التي يمكن أن يقدمها الملتقى للشباب؟ - الفكرة ممتازة، ونتمنى أن نرى المزيد من هذه اللقاءات والمبادرات التي تفتح قناة تواصل مباشر مع شبابنا بغية تمكينهم من طرح قضاياهم ومشكلاتهم وتكوين فكرة واضحة المعالم لما ينتظرهم على صعيد القطاع المهني والتجاري. * التمويل المالي يمثل عقبة كبيرة تواجه الكثير من الشبان الطامحين الباحثين عن فرصة ليكونوا رجال أعمال ناجحين، هل توافقون على هذا الطرح؟ وماذا يمكن أن نقدم لهؤلاء الشباب؟ وكيف نعينهم على استثمار قدراتهم الإبداعية؟ - دعم الشباب مسألة تتعدّى حدود الدعم المادي وهي مسؤولية اجتماعية، فعلى الجميع، أفراداً ومؤسسات، أن يسهموا في تقديم العون والدعم اللازمين، سواء المعنوي أو المادي. وفي هذا السياق أودّ أن أنوه إلى الدور الكبير الذي تلعبه العديد من الجهات الحكومية والخاصة مثل بنك التسليف السعودي، وصندوق المئوية والعديد من الجهات الأخرى. * هل تعتقدون أن البيئة السعودية أكثر ملاءمة وتشجيعاً لشباب الأعمال؛ مما يجعل الفرص أمام الشباب السعودي أكبر مما يواجهه أقرانهم في الدول الأخرى؟ وهل ترون أن نشر وتعميق ثقافة المستثمر الناشئ (الشاب) في مجتمعنا تتم بالقدر المطلوب، أم لا؟ - للرد على هذا السؤال، من المهم أن نسجّل أن حجم الاقتصاد السعودي يشكل 50 في المائة من حجم اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط، وهذا بحد ذاته دليل كاف يؤكد حيوية اقتصاد المملكة وما يقدمه من إمكانات وفرص للنمو الاستثماري في كل القطاعات؛ لهذا أرى أن في المملكة فرصاً استثمارية وتجارية واعدة للغاية وأن الشباب السعودي يتحلى بقدرة كبيرة على استقراء الواقع التجاري بحس استثماري مرهف ونظرة واقعية إلى معطيات ومتطلبات السوق واحتياجات المستهلكين، ويجب على المجتمع بكل فئاته تعميق الوعي الاستثماري لدى الشباب، بما يمكن أن نطلق عليه ثقافة المستثمر الناشئ بشكل يمكن الشباب الذين يتمتعون بهذه القدرات من الاستفادة من مقدراتهم بشكل صحيح. * كيف تقيمون تطور البنية الاستثمارية في المملكة ثم ألا ترون أن هناك تجارب دولية استطاعت أن تشكل بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب بل للمستثمرين السعوديين؟ - البنية الاستثمارية في المملكة بخير والحمد لله، وهي في تطور مستمر، وذلك من خلال ما نلمسه يوماً بعد يوم من خلال الشركات العالمية العديدة التي أطلقت استثمارات بمليارات الدولارات في السوق السعودي. وبالنسبة لتجارب الدول المجاورة في تكوين بيئة استثمارية فإن الوضع يختلف هنا؛ وذلك بسبب الخصوصية والمكانة المرموقة التي تتمتع بها المملكة على كل الأصعدة، ولا يمكننا قياس البيئات الاستثمارية في الدول المجاورة أو حتى جميع دول العالم ببيئتنا المحلية. وعلى سبيل المثال هناك الكثير من المستثمرين عادوا إلى هنا بسبب ما وجدوه من تعقيدات استثمارية في الدول الغربية عطفاً عن الضرائب الضخمة التي كانوا يدفعونها نظير استثماراتهم في تلك الدول. كل ما نتمناه هو تحقيق المزيد من المرونة بالنسبة للتشريعات والإجراءات بشكل يزيد من جاذبيتها ويسهّل عملية جذب الأموال والاستثمارات. * كرجل أعمال.. هل تعتقد أن منظومة المدن الاقتصادية العملاقة التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - هي قفزة نوعية هائلة نحو بناء بيئة استثمارية سعودية عالمية تتجاوز كل حدود وسائل التطوير والجذب التقليدية؟ وما وجهة نظركم في هذا الإطار؟ وما التحديات التي تواجه إنشاء هذه المدن التي تحتاج إلى فكر إداري جديد يتمرد على البيروقراطية البالية؟ - من المهم الإشارة هنا إلى أن المملكة كانت في طليعة الدول التي قدمت مفهوم المدن الاقتصادية والمناطق التجارية، وأورد هنا مدينتي ينبع والجبيل مثالاً. إن منظومة المدن الاقتصادية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين تعتبر من أبرز النماذج الحديثة والمناسبة لخلق بيئة استثمارية ستشكل نقلة نوعية غاية في الأهمية بالنسبة للاقتصاد السعودي، كما أرى أن إنشاء هذه المدن هو تحدّ كبير لمواجهة الأفكار الإدارية التقليدية والروتين والبيروقراطية لمواكبة التطورات العالمية في جميع المجالات، كما أن هذه المدن تخلق أجواءً استثمارية تمتاز بالمرونة والانفتاح المباشر على الأسواق العالمية، وتخلق الكثير من فرص العمل والاستثمار للشباب السعودي، وهي بحق تعتبر من أبرز الخطوات التي ستضع المملكة في مقدمة الدول على خريطة الاستثمارات العالمية. * برأيكم هل الأفضل للمستثمر أن يركز أنشطته على السوق المحلية أم يتوسع في الانفتاح على الأسواق الخارجية على حساب المحلية؟ وهل يمكن الجمع بين الاثنين في ضوء تجربتكم العملية؟ - الجواب هنا يختلف باختلاف الأسواق التي نتحدث عنها، ولكن بشكل عام فإن الاتجاه نحو الاستثمار في أسواق خارجية يأتي نتيجة مجموعة من العوامل؛ فهنالك أسواق لا تزال في طور التكوين، ومن الناحية التجارية توفر فرصاً كبيرة للنمو، وهي في طبيعتها مختلفة تماماً عن الأسواق الأخرى، كالسوق السعودية مثلاً. ورداً على سؤالك فإن الدخول في أسواق جديدة لا يكون أبداً على حساب الأسواق الحالية، سواء المحلية أو الخارجية، بل سيكون مكملاً مهماً للنجاحات التي تحققها الشركة على كل الأصعدة، ونتيجة مباشرة لمعطيات العرض والطلب.