تعد التجارة البينية العربية أداة أساسية، ومدخلاً مهماً للتعاون من أجل تحقيق التكامل؛ إذ بذلت الدول العربية جهوداً كبيرة منذ خمسينيات القرن الماضي لتحرير هذه التجارة وتنميتها، وفي هذا السياق أكد تقرير حديث لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية نمو قيمة التجارة البينية العربية خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقال التقرير إنه خلال عام 2000 بلغت قيمة التجارة البينية العربية نحو 31.8 مليار دولار بمعدل نمو 14.5% وخلال عام 2001 نمت التجارة البينية إلى 34.4 مليار دولار بمعدل نمو 8.1 % لتقفز في عام 2004 إلى 64.5 مليار دولار بمعدل نمو 36.3%. وأشار التقرير إلى أن التبادل التجاري البيني سواء في جانب الصادرات أو الواردات يتم معظمه بين دول عربية متجاورة نتيجة لانخفاض كلفة النقل وسهولة التسويق، فقد تركزت صادرات العراق إلى الدول العربية في دولة مجاورة واحدة هي الأردن بنسبة 78% من صادراتها البينية، وتركزت صادرات ليبيا البينية في دولة واحدة مجاورة هي تونس بنسبة 69% وتركزت الصادرات البينية لتونس في ليبيا بنسبة 53%، وتركزت صادرات سلطنة عمان في الإمارات بنسبة 62 % وتركزت صادرات سوريا البينية في دولتين هما العراق 32 % والسعودية 22 %، فيما تركزت صادرات الكويت البينية في ثلاث دول هي السعودية بنسبة 62 % والعراق بنسبة 23 % والإمارات بنسبة 19 %، بينما توجهت صادرات السودان البينية إلى السعودية بنسبة 38 % ومصر بنسبة 25 % والإمارات بنسبة 22%. وأوضح التقرير أن نسبة الواردات البينية للأردن من السعودية بلغت 65 % من وارداتها العربية، وبلغت نسبة الواردات البينية لموريتانيا من المغرب 43% من وارداتها العربية، وواردات تونس من السعودية 45 % من وارداتها العربية، فيما شكلت واردات البحرين من السعودية نحو 55% وجيبوتي 80 % والكويت 46% وقطر 47% ومصر 32% والمغرب 61% من إجمالي وارداتها العربية. وذكر التقرير أن قيمة الصادرات البينية لإجمالي الدول العربية ارتفع إلى 34.7 مليار دولار مقابل 25.5 مليار عام 2003، ويلاحظ أن غالبية الدول العربية سجلت زيادة في صادراتها البينية. وجاءت قطر في المرتبة الأولى في نمو صادراتها البينية بنسبة بلغت 67% في عام 2004 وبصادرات بينية بلغت قيمتها حوالي 992.1 مليون دولار مقابل 594.1 مليون دولار عام 2003 تليها الإمارات بنسبة زيادة بلغت 53.1% وبصادرات بينية بلغت قيمتها عام 2004 نحو 6487.6 مليون دولار، وجاءت لبنان في المرتبة الثالثة بنسبة بلغت 45.1% وبصادرات بينية بلغت قيمتها خلال عام 2004 حوالي 925.3 مليون دولار مقابل 637.5 مليون دولار عام 2003، واحتلت السعودية المرتبة الرابعة في صادراتها البينية بنسبة بلغت 44.3% وإن كانت السعودية تعتبر في المرتبة الأولى من حيث حجم قيمة صادراتها البينية التي بلغت عام 2004 حوالي 14 مليارا و708 ملايين دولار مقابل 10 مليارات و196 مليون دولار عام 2003. واحتلت السودان المرتبة الخامسة في قيمة صادراتها البينية للدول العربية بنسبة 41.7% وقد نمت الصادرات البينية لكل من موريتانيا والجزائر والأردنوالعراق وجيبوتي بين 30% و40% فيما تراوحت نسبة النمو لمعظم الدول العربية الأخرى بين 28.2% في الكويت و2.9% في ليبيا.. بينما سجلت دولتان فقط تراجعا في صادراتهما البينية هما اليمن بنسبة 37.4% والبحرين بنسبة طفيفة بلغت 0.7%. ولكن رغم ذلك إلا أن نسبة التجارة البينية العربية بالنسبة إلى إجمالي التجارة العربية مع العالم لا تزال متواضعة، وأن ما تحقق في إطار إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من إلغاء للتعريفات الجمركية على السلع المتبادلة بين (17) دولة عربية اعتباراً من أول يناير 2005، لا يعني زيادة التجارة البينية بين الدول العربية بطريقة تلقائية، إذ ما زالت هناك العديد من المعوقات التي تحول دون حدوث هذه الزيادة، فالقواعد الانتاجية محدودة، وغير متنوعة، ولا توجد سلع عربية تتمتع بجودة عالية غالباً، يتم فيها التبادل بين الدول العربية، بالإضافة إلى ضعف البنية الأساسية التجارية التي تشمل النقل بأنواعه، والاتصالات والمعلومات في مجال التجارة، فضلاً عن تمويلها والتأمين عليها وغير ذلك؛ الأمر الذي يحتم على هذه الدول التغلب على هذه المعوقات ولا سيما أن التجارة البينية العربية باتت أمراً ضرورياً لتحقيق مصالح الدول العربية في ظل ما شهده العالم من أحداث وتطورات اقتصادية مهمة خلال العقد الأخير من القرن العشرين والمقترنة بقيام منظمة التجارة العالمية، وظهور تكتلات اقتصادية وإقليمية فضلا عن معطيات ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جعل من موضوع التجارة العربية البينية ضرورة ترتبط بالمستقبل القادم لأقطار وبلدان الوطن، ويمكن ذلك من خلال: 1- تعظيم دور القطاع الخاص في تنمية التجارة العربية بصورة عامة والبينية بصفة خاصة من خلال: * تنظيم لقاءات دورية لرجال الأعمال للتعريف بالمشروعات التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها. * توفير إرادة سياسية داعمة لزيادة معدلات التبادل التجاري البيني. 2- إعداد إستراتيجية متكاملة يمكن تنفيذها على مراحل لإنشاء شبكة من الطرق ووسائل النقل والاتصالات وخفض التكاليف التي تمثل قيداً أمام توسع التجارة العربية البينية ونموها المتوازن. 3- تفعيل أعمال برنامج التأمين على الصادرات العربية لخلق المناخ المناسب للاستثمار في مجال التجارة البينية. 4- إنشاء نقاط جمركية موحدة بين الدول مشتركة الحدود لتفادي تكرار عمليات الفحص والتدقيق وتوحيد النظم والإجراءات المتعلقة بالتجارة البينية. 5- العمل على إنشاء جهاز عربي للفحص والتفتيش والمعايرة للتغلب على المشاكل المتعلقة بالاختلافات بين الدول العربية في هذا المضمار. 6- اتخاذ الإجراءات وتوفير التشريعات الخاصة بخلق المناخات الجاذبة لتوطين رؤوس الأموال العربية كي تستثمر في المنطقة العربية، مع التشديد على دور الحكومات في تهيئة البنى الارتكازية التي تؤدي إلى تفعيل التجارة العربية البينية وفق أهدافها المرغوبة. 7- وضع جدول زمني لإقرار قواعد المنشأ العربية في نطاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واعتمادها بشكل نهائي بما يتناسب مع الواقع الحالي للصناعات العربية، يقود لرفع معدلات التبادل التجاري العربي البيني. 8- دعوة الحكومات العربية إلى إعادة النظر فيما ينفق على البحث العلمي والتطوير والنظر في إنشاء هيئة لتوفير وتهيئة البحوث والاستشارات فيما يتعلق بالهيكل الإنتاجي والارتقاء بمستوى جودة السلع إلى مستويات تنافسية. 9- التعريف بآليات فض المنازعات في نطاق منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى وتمكين القطاع الخاص للاستفادة منها. 10- اعتماد آلية تنسيقية بين البنوك المركزية العربية لزيادة الدعم وتوفير التسهيلات المصرفية المناسبة وتسهيل الإجراءات البينية. 11- الترويج للاستثمار في تنفيذ مشاريع عربية مشتركة في كافة الانشطة الاقتصادية وفي ضوء الخارطة الاستثمارية العربية ولا سيما للمشاريع التي تتمتع بميزة نسبية وتحقق للمشروع ضمانات الربحية. 12- السعي نحو التنسيق بين السياسات التجارية والأهداف التنموية للاقتصادات العربية، بحيث تستهدف في المدى البعيد الصيغ المتكاملة بدلاً من الاتجاهات التنافسية. 13- وضع وتصميم برامج تدريبية للمعنيين في مجالات التجارة في المنطقة العربية بغرض تأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع قضايا التجارة العربية البينية. 14- التعامل مع معطيات العصر ومواكبة عصر تكنولوجيا المعلومات وذلك بغرض معالجة النقص في المعلومات التجارية والاقتصادية الراهنة.