عقد مجلس الشورى أمس جلسته العادية الثالثة والخمسين برئاسة معالي رئيس المجلس الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد وبحضور معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان تركي بن خالد السديري. واستهل معالي رئيس مجلس الشورى الجلسة بالترحيب بمعالي رئيس هيئة حقوق الإنسان مقدراً تجاوبه مع رغبة المجلس لإطلاعه على مرحلة تأسيس الهيئة وأعمالها في مجال حقوق الإنسان. وقال: (لا يفوتني أن أرفع الشكر لولاة الأمر - حفظهم الله - على دعمهم وتوجيهاتهم المستمرة للمسؤولين في التواصل مع المجلس وأعضائه؛ ما يسهل ويساعد على القيام بما أنيط به من مهام). ورأى معاليه أن اهتمام المجلس بحقوق الإنسان يأتي انطلاقاً من التزام المملكة العربية السعودية بأحكام الشريعة الاسلامية التي جاءت بحفظ حقوق الإنسان ورعاية مصالحه وصون كرامته قال تعالي: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}، موضحا أن هذا التكريم يرفع مرتبة الإنسان عن سائر المخلوقات ويبين ما له من مزايا وحقوق وخصائص. ومضى قائلاً: (تطبيقا لمقاصد هذه الآية الكريمة فقد عملت المملكة وفق هذا المبدأ والتزمت به ونص على هذا الالتزام في النظام الأساسي للحكم الذي أرسى الكثير من مبادئ حقوق الإنسان وجرى أدراجها ضمن مواد ونصوص محددة مستمدة من الشريعة الاسلامية في المواد السابعة والعشرين والثامنة والعشرين والثلاثين والسادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين إلى غير ذلك من النصوص والمواد النظامية المرتبطة بحقوق الفرد والجماعة إضافة إلى ما يقدم للمجتمع من تثقيف وتوعية بحقوقه من خلال تضمين ذلك في المناهج التعليمية ووسائل الاعلام والتركيز على تطبيق المبادئ والقيم الانسانية). وأكد الدكتور ابن حميد أن على المؤسسات والأفراد مسؤوليات كبيرة تقتضيها هذه الحقوق وهي حقوق ثابتة لا تقبل المساومة والانتقاص، وقال: (حينما نقول إنها حقوق إنسانية مستمدة من الشريعة الاسلامية فهذا يعني أنه ليس من حق أحد كائنا من كان أن يعطلها أو يعتدي عليها ولا تسقط حصانتها لا بإرادة الفرد تنازلا عنها ولا بإرادة المجتمع ممثلا فيما يقيمه من مؤسسات أيا كانت طبيعتها). وأفاد معاليه بأن مجلس الشورى عني بموضوع حقوق الإنسان فدأب على دراسة موضوعات متعددة تتعلق بحقوق الإنسان وقدمت لجانه المتخصصة تقاريرها التي تتناول هذا الموضوع بطريق مباشر وغير مباشر. ونظرا لتزايد اهتمام المجلس بحقوق الإنسان فقد صدر قراره رقم 117- 81-د وتاريخ 22-2-1425ه القاضي بإسناد ما يتعلق بموضوع حقوق الإنسان إلى لجنة متخصصة يكون اسمها لجنة الشؤون الاسلامية وحقوق الإنسان التي أصبحت في عام 1426ه تسمى لجنة الشؤون الاسلامية والقضائية وحقوق الانسان. وتختص اللجنة بالنظر فيما يحال اليها في موضوع حقوق الإنسان كدراسة الاتفاقيات الدولية أو الثنائية أو الاقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان ودراسة الانظمة والموضوعات ذات العلاقة واقتراحات التعديل والاضافة عليها. واستعرض معالي رئيس مجلس الشورى عدة اتفاقيات ومشروعات ناقشها المجلس تتعلق بحقوق الإنسان منها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وعهد حقوق الطفل في الاسلام في إطار منظمة المؤتمر الاسلامي وأنظمة ذات علاقة منها مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق والادعاء العام ومشروع نظام المرافعات الشرعية ومشروع نظام الاجراءات الجزائية ومشروع نظام المحاماة.. كما ناقش وضع قاعدة عامة يعمل بموجبها عند تعدد الاحكام ذات العقوبات التعزيرية. واعتبر معاليه أن هذه الانظمة والاتفاقيات تعزز وتعمق مبادئ العدل والمساواة بين جميع أفراد المجتمع استكمالا لحركة المراجعة والتقويم المستمرة للانظمة والسياسات والاجراءات لضمان تعزيز حماية حقوق الإنسان بما يتفق مع المبادئ والاسس التي تقوم عليها سياسة المملكة أولا وروح العصر ومتطلباته ثانيا. وأبان أن أعضاء المجلس قد بحثوا آخر تطورات قضايا السجناء السعوديين في غوانتانامو وقضية المعتقل حميدان التركي والسجين السعودي في إسرائيل وغير ذلك من القضايا ذات العلاقة سواء في الداخل أو الخارج. وأعرب عن أمل المجلس أن يكون رافدا مهما لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في المملكة ومنطلقا إلى التعاون والتواصل مع هيئة حقوق الإنسان بجناحيها الحكومي والاهلي فيما يخدم المواطن ويحفظ مصالحه ويحقق الاهداف المرجوة. وأبدى استعداد المجلس للتعاون مع كل الجهات المعنية بحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه أسهم مع نظرائه المجالس البرلمانية الشقيقة والصديقة في المحافل الدولية في السعي لمعالجة ما يقع من انتهاكات لحقوق الإنسان ولا سيما في فلسطينالمحتلة ولبنان. بعد ذلك ألقى معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان تركي السديري كلمة أوضح فيها أن الهيئة بدأت بتلقي شكاوى المواطنين والوافدين خلال أيام من بدء عمل الهيئة حيث بلغ عدد القضايا التي استقبلتها إدارة الشكاوى حتى الآن 418 قضية تتنوع ما بين حقوقية وعامة وأسرية وأمنية ووظيفية، وتم معالجة بعض القضايا الأخرى من خلال الاتصالات الهاتفية أو المقابلات الشخصية، كما تعمل الهيئة حاليا على معالجة القضايا التي قد تشكل ظاهرة لدراسة أسبابها من قبل مجلس الهيئة. وقال السديري إنه كان لانتخاب المملكة عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة الذي تم إنشاؤه في شهر مارس 2006م دلالة واضحة على ما تتمتع به بلادنا من حضور على الصعيد الدولي، كما كان فرصة للتعريف بالهيئة وما تحقق للمملكة من إنجازات في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان. وأشار إلى أن إدارة المتابعة والتحقيق بالهيئة قامت بزيارة عدد من السجون وأماكن التوقيف في الرياض وتبوك وحقل وتم الوقوف على أهم المشاكل والعقبات التي تحتاج لمعالجة وخوطبت الجهات المعنية بذلك. بعد ذلك استمع المجلس الى تقرير مختصر عن أعمال الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان (الاهلية) قدمه رئيس الجمعية عضو المجلس الدكتور بندر حجار، مشيرا إلى تكامل العمل بين الجمعية والهيئة فيما يخدم الصالح العام. ثم أجاب معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان تركي السديري عن مداخلات الاعضاء واستفساراتهم بشأن أعمال الهيئة.. فعن تجاوب بعض الجهات الحكومية مع الهيئة قال: (هناك جهات حكومية لا تعرف عن دورنا شيئا عندما نتدخل في بعض القضايا التي يطلب المواطن فيها تدخلنا، وسنعمل على برنامج توعوي يشمل جميع أفراد المجتمع للتعريف بالهيئة وأهدافها ومهامها). أوضح أن الهيئة لا تتدخل مطلقا بشؤون القضاء وأحكامه النافذة على الجميع. وفي إجابة على سؤال بشأن إنتاجية القطاع الحكومي رحب بأي شكوى يتعرض فيها حق المواطن أو المقيم لانتهاك بسبب تقصير من موظف أو مسؤول. وعن دور الهيئة في قضية السجناء السعوديين في غوانتانامو وقضية المبتعث السعودي حميدان التركي قال معاليه: (الهيئة تتابع هاتين القضيتين بالتعاون مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وسفارة خادم الحرمين الشريفين بواشنطن، كما قام مندوب الهيئة بزيارة للولايات المتحدةالامريكية التقى فيها عددا من المسؤولين بوزارة الخارجية الامريكية، كما تم عقد لقاءات مطولة مع المسؤولين في عدد من الجمعيات غير الحكومية المهتمة بحقوق الإنسان لتوضيح موضوع السعوديين المعتقلين، ونأمل أن تكون هناك نتائج إيجابية لهذه اللقاءات.. مشيرا إلى أن الجهد في هذا متواصل سياسيا من قبل ولاة الأمر - حفظهم الله - ودبلوماسيا وقانونيا. وأفاد - في معرض إجابته على أسئلة الاعضاء - بأن الهيئة تعمل حاليا على افتتاح فرعين في منطقة مكةالمكرمة والمنطقة الشرقية وثلاثة مكاتب نسوية في الرياضوجدة والدمام كما تعمل على إنشاء موقع الكتروني ومركز للنشر والاعلام والتوثيق والترجمة مختص في مجال حقوق الإنسان إضافة الى عملها على الاستفادة من المرأة في مجال حقوق الإنسان بإسناد بعض المهام الاستشارية وإجراء الدراسات النفسية والاجتماعية لمعالجة بعض القضايا الاسرية. وأوضح بيان صادر من الامانة العامة لمجلس الشورى أن المجلس انتقل بعد ذلك لاستعراض عدد من الموضوعات المطروحة على جدول أعماله حيث وافق على توصيات لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة بشأن التقريرين السنويين لهيئة الري والصرف بالأحساء للعامين الماليين 1424-1425ه 1425-1426ه. وأقر المجلس توفير الاعتمادات الكافية للتوسع في الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا وتمكين الهيئة وحثها على تغطية المصارف الزراعية القريبة من مناطق النمو العمراني والطرق العامة والتأكيد على قرار المجلس ذي الرقم (18/18) والتاريخ 5-1423ه القاضي بأهمية تحويل نظام الري المكشوف إلى نظام مغلق وتطبيق أنظمة الري الحديثة. ووافق المجلس بالأغلبية على اتفاقية التعاون الامني بين حكومة المملكة وحكومة الصين الشعبية.