منظر مؤسف وغير حضاري يشاهَد في جميع المدن؛ فقد أصبحت جدران المدارس والإدارات الحكومية والمساجد والمرافق الأخرى دفاتر للعابثين خاصة في فترة الإجازات، فالمشاهد الآن يرى هذا العبث قد وصل إلى عدد كبير من المرافق حتى أعمدة الإنارة في الشوارع واللوحات الإرشادية على الطرق الدولية والأنفاق والمساجد، الحدائق، الأسواق، الأرصفة، الاستراحات، المواقف، الجسور المخصصة للمشاة، وغيرها من المرافق العامة التي كلفت الدولة الكثير من الأموال والجهد.. إلا أن الملاحظ أن الكثير من هذه المرافق يتم الاعتداء عليها بالتشويه من خلال عبث بعض المراهقين بالكتابة عليها بالشخبطات والكتابة التي تنافي أحيانا الأخلاق والتربية السليمة.. فعن هذه الظاهرة كانت هذه الآراء: عقوبات وجزاءات يرى شافي العايد أن هذه الظاهرة تحتاج إلى حلول جذرية بوضع عقوبات رادعة بحق العابثين بمرافقنا العامة وبخاصة المدارس؛ فإن الطلاب وبعد اغلاق المدارس أبوابها يبدؤون بصب جام غضبهم على هذه المدارس التي هي مراكز للتعليم والتربية، وأقل تقدير لهذه المنشآت هو احترامها، وأرى أن المسؤولين في هذه البلاد الكريمة قادرون بعون الله تعالى على إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي يقوم بها عدد من العابثين والمستهترين بالمرافق العامة، فنشاهد الكتابات على جدران المدارس والمساجد وفي الحدائق وفي المراكز الصحية وفي كل مكان وعلى اللوحات الموجودة على الطرق الخارجية.. وهذه الكتابات قضت على المنظر الجمالي لهذه المنشآت وأصبحت صورة سيئة للمدن من خلال التعابير والكتابات السطحية التي تعبر عن الخلفية السطحية لمن كتبها والتي لا يهدف من ورائها الا العبث بالمرافق العامة، وهذه الظاهرة من الظواهر السيئة التي يعاني منها الجميع حتى وصل الأمر إلى الكتابة على سيارات المعلمين وأبواب المدارس والإدارات الحكومية وجدران المحلات التجارية.. ولا أنسى ان اضيف أن على بلدية محافظة حفر الباطن ان تتخذ اجراءات مشددة نحو المكاتب العقارية التي يلجأ اصحابها إلى الكتابة على الجدران للتعبير عن الرغبة في بيع الأراضي أو الايجار؛ ما يعتبر عبثا وتلويثا للجدران. الأستاذ راضي العريفي يقول إن هذه الظاهرة موجودة والمطلوب حلول جذرية وفعالة حفاظا على جمال المدن، ويجب علينا كمواطنين أن نساعد الجهات المسؤولة في القضاء على هذه الظاهرة؛ لأن كل مواطن هو رجل أمن يجب عليه الحفاظ على مكتسبات المدن من المرافق العامة التي وجدت لخدمة الوطن والمواطن، وهذا العبث بالممتلكات العامة والخاصة اصبح مزعجا ومنظرا مؤسفا وغير حضاري نشاهده على الطرق وعلى أسوار المدارس والمستشفيات بعبارات سخيفة لا تحمل أي مضمون تربوي أو فكر نير بل عبارات يرددها المراهقون، ووصل الأمر بالبعض بطمس بعض معالم اللوحات الارشادية الموجودة على الطرق الخارجية التي وضعت لخدمة المسافرين وارشادهم، وأنا اطالب المسؤولين في هذه البلاد والتربويين بإيجاد عقوبة رادعة لكل من يعبث بهذه المنشآت.. ونحن نعلم ان نظافة المدن دليل على نظافة أهلها. المواطن علي بن بادي الشمري اشتكى من كثرة الكتابات على جدران المركز الصحي وفي غرف الانتظار، فإن المركز يقوم كل اسبوع تقريبا بإعادة دهان غرفة انتظار الرجال بالدور الأرضي حيث ان هناك من العابثين من المراهقين من يقوم بكتابة العبارت غير المهذبة والعبارات السخيفة والاشعار الهابطة والرسومات التي تعبر عن فراغ تربوي لدى من قام بكتابتها، ونحن لا نجد لدينا حلا سوى اعادة الدهان لهذه الجدران وكذلك نشر التوعية من خلال نشرة المركز التوعوية ومحاولة للقضاء على هذه الظاهرة، فالكتابات تعتبر منظرا غير حضاري وتسبب ازعاجا لأصحاب المشآت الخاصة والمرافق الحكومية. المواطن عيد الدغيم يطالب بإيجاد حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة التي تدل على تصرفات غير سوية وممارسات خاطئة تنم عن تربية سيئة وطالب المدارس باعتبارها مراكز للتربية بمعالجة هذه الظاهرة التي وصلت إلى كل مكان حتى الجسور والانفاق وحتى في الدول المجاورة نجد التخريب والعبث على اللوحات الارشادية بتوقيعات سعودية لشباب لا يعرفون معنى المواطنة واحترام سمعة المملكة العربية السعودية والدور الريادي والديني لهذه البلاد، فهي بلد الخير وبلد السلام ومعقل التربية، وهذه الظاهرة أمر مفزع لكل تربوي ومواطن غيور على ممتلكات البلد الخاصة والحكومية التي وضعت لخدمة المواطنين، ويجب توعية الطلاب حيال هذه القضية وبيان ابعادها السيئة الاجتماعية والاقتصادية والحضارية. عبارات تخدش الحياء المواطن مناور بن عايد المعلومي يرى أن هذه الظاهرة قد قضت على المنظر الجمالي للكثير من المرافق الحكومية والخاصة وعلى الدور الجمالي الذي تضفيه على المدن، ويجب أن توضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة والضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بهذه الممتلكات التي كلفت الدولة الملايين من الريالات والملايين الأخرى للصيانة وإصلاح ما أفسدته أيدي العابثين التي كان من الأولى صرفها في ايجاد مرافق أخرى وليس لإنفاقها للاصلاح، فالمدارس مشوهة الجدران والحدائق متلفة الأشجار وألعاب الأطفال مكسرة وغيرها كثير.ويرى الأستاذ مطلق محمد الظفيري أن هذه الممارسات العشوائية التي نشاهدها على جدران المدارس والمساجد يجب أن يوجد لها الحلول اللازمة بالتعاون بين المدارس وأولياء الأمور والجهات الأمنية المختصة للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تؤرق كل المواطنين في كل المناطق والمحافظات، فما نشاهده من ممارسات صبيانية طائشة هو مما يندى له الجبين وهو اعتداء على الحقوق العامة والخاصة واتلاف للمال العام يجب ان توجد له الضوابط الشرعية وان يضمن العابث بهذه الممتلكات اصلاح ما أفسده وان يتخذ بحقه العقوبة الرادعة، واتمنى من كل مواطن ان يبذل قصارى جهده للحفاظ على جمال المدينة.ويضيف المواطن عايد العنزي ان هذه الظاهرة نعاني منها جميعا، فمدرستنا حديثة الانشاء، وقمنا بعمل لوحات تربوية وترحيبية وشعارات الدولة والوزارة وغيرها من اللوحات المعبرة بألوان متميزة تمييزا للمدرسة عما حولها من المباني وقد كلفتنا كثيرا من المال ومن اختيار العبارات والرسومات المعبرة، غير أننا وبعد أسبوع تقريبا وفي صباح يوم السبت وجدنا يد العابثين قد امتدت إلى هذه اللوحات بالتخريب والعبث إلى هذه اللوحات والمناظر حتى أحالتها إلى صورة منفرة ومناظر مؤسفة بكتابات غير لائقة؛ ما تطلب منا اعادة دهن الجدران ثم كتابة هذه العبارات مرة أخرى، وكل يوم نجد عبثا وصل إلى تكسير الأنوار وتقطيع الأشجار، ونحن نطالب بالتعاون بين الجهات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة التي تعبث بمنجزاتنا الوطنية من خلال التعاون بين اعيان الحي أو العمدة والشرطة والمدرسة للقضاء على هذا التشويه المتعمد.ويرى المواطن وليد بن عويد العتل أن سكان الأحياء مطالبون بالتعاون مع الجهات المعنية للقضاء على هذه التصرفات العشوائية التي ترتكب بحق المنجزات الوطنية والتي كلفت الدولة الكثير وتعيين مسؤولين في كل حي من قبل الجهات المعنية بالتعاون مع عمدة الحي وأعيانه للابلاغ عن أي حالات تشويه سواء للجدران أو الحدائق أو المساجد أو تكسير لإنارة الشوارع فإن هناك أحياء تقوم بلدية محافظة حفر الباطن بتركيب لمبات الانارة في الصباح لتجدها في اليوم التالي وقد كسرت واتلفت، ووصل الأمر بالاعتداء على اشارات المرور بالتكسير والعبث وطمس المعالم وتغيير اتجاهات اللوحات الارشادية. دراسة وأرقام وتفيد دراسة مسحية سابقة قامت بها وزارة التربية والتعليم بأن نسبة مشكلة الكتابة على الجدران لدى طلاب منطقة الرياض هي الأعلى (41.6%)، وتأتي هذه النسبة في المرتبة السابعة من حيث المشكلات بين المناطق والمحافظات التعليمية التي شملها المسح، أما بقية نسب المناطق فتأتي تنازليا علي النحو التالي: محافظة جدة (24.3%)، المدينةالمنورة (15.6%)، عسير (15.5%)، والشرقية (3.0%). والملاحظ أن تكرار مشكلة الكتابة على الجدران في منطقة الرياض (454) تشكل حجما بنسبة (1.3%) من المجتمع الأصلي (33770) في نفس المنطقة، ويمكن تفسير الكتابة على الجدران من قبل الطلاب على أساس الرغبة في التعبير عن الذات لإشباع أكثر من دافع، وبالنسبة للتباين بين المراحل التعليمية، يتضح أن نسبة تكرارات مشكلة الكتابة على الجدران مرتفعة في المرحلة المتوسطة (45.8%)، مقارنة بالأدنى في المرحلة الابتدائية (22.6%)، وتأتي بينهما المرحلة الثانوية بنسبة (31.5%) وقد تعكس هذه النسب الحالة النفسية والانفعالية للطالب في المرحلة المتوسطة باعتبار هذه المرحلة هي بداية مرحلة المراهقة وما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية ونفسية واجتماعية تؤثر على سلوك الطالب، ويزداد الطالب نضجاً كلما تقدم به العمر. آراء ومشاهد وفي سؤال ل(لجزيرة) وجهته لفئة من الشباب والفتيات وأصحاب الأملاك تحدث لنا في البداية عبدالله عبدالرحمن طالب في المعهد الثانوي الصناعي سألناه عن مسببات ظاهرة الكتابة على الجدران فأجاب: أسباب كثيرة منها البطالة والفراغ الكبير, والتربية والرفقة السيئة، وقال: هناك مجموعة من الشباب أعرفهم شخصيا يحملون في أنفسهم عدوانا شخصيا إما للمدرس أو المدير أو غيرهما، وبلا شك الكتابة على الجدران كانت الدافع الرئيسي للتشهير بهم لحقدهم عليهم. ويقول عبدالرحمن حنش الطالب في آخر مراحل دراسته الثانوية إن التعبير عما في خواطر المراهق سبب لكي ينفس ويعبر عما يعتريه، وذلك بسبب قلة التربية والتعود على الكتابة, وعدم الإحساس بالمسؤولية، وشعوره بأن هذه الممتلكات لا يصرف عليها من حساب أهله أو حسابه الخاص فيفعل فيها ما يشاء، وهي بحد ذاتها دافع سلبي.وتعتقد هيفاء أن العلاج يكون بانفتاح الأهل مع أطفالهم وتربيتهم وحثهم على ألا يتصرفوا فيما لا يخصهم ولا يعنيهم من أملاك الناس وإن كانت هذه الأملاك لوالديه أو أخوته، وكذلك بسؤالهم عن أحوالهم ومشاكلهم في المدرسة والمجتمع؛ لأن الطفل الذي سيكون رجل المستقبل يرتاح للشخص الذي يهتم به، وبهذه نكون قد تخلصنا من مشاكل الكتابة على الجدران وحفر الأشجار. غياب آلية الحوار من جانبه يوضح الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الأمل بجدة عادل الغامدي بقوله: إن أغلب الذين يمارسون الكتابة هم فئة المراهقين، والسبب يعود إلى غياب آلية الحوار؛ فهم يعيشون مرحلة انتقالية بين الطفولة والرجولة، ويدور في أذهانهم أنهم بلغوا مرحلة الرجولة، بينما لا يزال المجتمع والأهل والمدرسة ترى فيهم أطفالا؛ ما يدفعهم إلى تسجيل مواقفهم على جدران المنازل بحيث تكون مثل الإعلانات يراها من يمر في الشارع؛ الأمر الذي يحقق شعورا من الرضا النفسي عن حالة التعبير، لكنه في الحقيقة يعبر عن أزمة نفسية؛ كون الشخص الذي يكتب على جدران المنزل يكتب باسم مستعار، وهذا يكرس حالة سلبية تعمد إلى الكتمان والمخادعة في عرض الآراء والسير في ركب المجتمع وكذلك سوء التربية وقلة الأدب. ويضيف أن الإنترنت والكتابة في المنتديات خفضت من الكتابة على الجدران للتعبير عن الآراء لكنها أبقت على المشكلة ذاتها، فالكتابة تتم في الغالب بأسماء مستعارة خصوصا في القضايا الخلافية أو التي يعتبر اعتناقها من وجهة نظر المجتمع مرفوضاً.ويرى الغامدي أن غياب بعض الاهتمامات في منتديات الإنترنت يكرس استمرار الكتابة على الجدران، فالملاحظ حاليا أن الكتابات التي تظهر بين الحين والآخر هي عن (التفحيط) الذي غالبا تهتم به بعض المواقع، من دون وجود منتديات عربية كافية للتحدث حوله، مشيرا إلى أن الكتابات بسبب خلافات بين الجيران، وتؤدي إلى الكتابة من باب إزعاج الجار، لا يمكن اعتبارها داخلة في مسألة التعبير عن الرأي كونها عملا مقصودا منه التخريب. وحول الحل الأمثل لعلاج المشكلة يتصور الغامدي أن العلاج ستبدأ مراحله في المنزل والمجتمع المحيط، إذ إن الاستماع إلى آراء المراهقين والنقاش حولها يسحب الرغبة الاحتجاجية لدى المراهقين في إسماع صوتهم بالقوة من خلال الكتابة على الجدران، مؤكدا على خطورة تجاهل المراهقين أو التقليل من شأنهم؛ لأن ذلك يدفعهم إلى ممارسة سلوكيات من شأنها توريطهم في مشاكل متعددة، على اعتبار أن المراهقين حريصون على إظهار قدرتهم على المشاركة في صنع القرار الأسري أو الاجتماعي.