الساعة تشير إلى الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة عيد الفطر المبارك زوجته عند المشغل النسائي بعد أن أرهقته كعادتها بالأسواق ويذهب لمحل الملابس الرجالية فيشتري ما يحتاجه ويتوقف عند المحاسب وحينما يحين دوره يبحث بجيبه عن المال فلا يجد إلا ثماني ريالات ويتذكر أن بطاقة الصراف أخذتها الزوجة الغالية يخرج بوجه حزين ويتمنى لو لم يره احد فيقود السيارة لتستقر بمكان منعزل منتظراً انتهى زوجته ويتذكر بحزن التغيرات التي طرأت على حياته وكيف تحولت فرحة زواجه لحزن وتذكر دعوة والدته عليه حينما أصر على أن يتزوج هذه الفتاه بعد أن تعلق قلبه فيها وتذكر نصيحة أخته حينما قالت إنها متغطرسة ومغرورة وستتعبك معها. عمل المستحيل من اجل حبه اغضب والدته وأجبر أهله ودفع مهراً غالياً لإشباع طمع والدتها. عاش سنتين بحب وفرح لم يعكره سوى عدم رضا والدته عليه وتدخلات حماته بكل صغيرة وكبيرة وتحريض ابنتها عليه. تذكر أتعس لحظات عمره ونقطة التحول حينما أخبره الدكتور أنهما لا يستطيعان الإنجاب بسبب عجزه الجنسي. وقع هذا الخبر كالصاعقة؛ فقد دمر حياته ومستقبله وسيدمر حبه إذا تركته حبيبته، وبعد أن عمل المستحيل اقتنعت زوجته بأن تبقى معه وتعهد بإسعادها مدى العمر. اقتنعت بعد أن اشترى لها الكثير من المجوهرات فأعمت قلبها وأمها. وزاد تعلقه فيها وزاد غرورها وزادت أمها بتحريضها وتذكيره بعجزه وأنه لن يجد من تصبر عليه سوى ابنتها فليخدمها. لم يبعد لحظات الذكرى الحزينة إلا اتصال (قلبي) زوجته كما أسماها بالجوال وبسرعة البرق حملها وانطلقا للبيت وعند دخولها بدأت عملية الاستعراض، ما رأيك بتسريحة شعري وفستاني وعيوني و و و. . وما أجمل تلك العيون ولكن متى تنظر لي وترأف بحالي متى ترى كل هذا الحب الذي أقدمه متى تعطيني ربع ما قدمته لها (فهد تبي تعيد كذا) بلغة الاستحقار نظرة لملابسه الرثة وذقنه الذي لم يحلق فقالت كلمتها ورد ببراءته: (ليش وش فيه) فأجابت (قصدي متى تحلق) آه لو تعلمين ما يجري لي آه لو تعلمين أنني لم اشتر للعيد أي شيء آه لو تعلمين لو لثانية أن بطاقتي معك وأني لا أملك إلا حبك رد وباختصار: (زحمة. . أروح الفجر) مضت ساعة فأتى فجر العيد وصحا من نومه على رائحة عطورها لبس ما لبس وركبت ليذهبا لبيت أهلها كعادتهما وبعد أن وصلا وقبل أن تنزل قالت بغضب: (فهد ملابسك ليش كذا وما حلقت بعد يعني لازم تفشلني بأهلي) (فشله تنزل كذا حلق وتعال) آه ما أقسى قلبك وغرورك ألم تري سوى ذقني الذي أهمل أما ترين لبسي أما ترين تجاعيد الحزن في وجهي لماذا لماذا هذا الجرح ولماذا في هذا اليوم السعيد أتنظرين فقط لجيبي؟ هل أصبحت بنظرك مجرد محفظة نقود؟ أدار سيارته وذهب يتجول بشوارع المدينة يقف مرة ويجول مرات فرح وابتهال.. وزينة وجمال.. وضحكات أطفال سرور هنا والحلوى هناك ما أجمل العيد وما أجمل أطفال العيد هم حلى العيد وفرح القلوب. لماذا يا زمن تتركني حزينا بمهب الريح؟ هل هي غلطة قلبي الذي أحب أم غلطة عنادي وعصياني لأمي؟ ليس ذنب زوجتي أنها نسيتني مع الزمن الماضي فأنا لن أنسى قولها المشهور: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا فحرمتني سعادة الأولاد فلا تحرمني المال) وكعادة أفكاره الحزينة تقوده لكي ينسى وجوده ويتوه بأحزان تعاسته وبقائه وحيداً بيوم تلتقي فيه الأحبة ويجتمع الأهل والأقارب؟ وأين هم منه الآن والدتي وأغضبتها وزوجتي لم تهتم فيني وأصبح شكلي يفشلها اقترب منه طفل قائلاً (اليوم عيد ما تدري) وقبل أن يجيبه سمع آخر يقول (اتركه هذا مسكين) مسكين! مسكين! نعم مسكين! زوجه لم تسأل وأم هجرتها ودنيا هجرتني وقلب عاشق ومتعب إلى أين ما نهاية هذا المصير يعود ببط لمنزله يتجول فيه لعله يجد مكان ابتسمت له أو هدية قدمتها له ذكرياتك بقلبي حزينة وبمنزلي لا شي يذكر فهل ستذكرينني لو برسالة عيد بحث وبحث ولم يجد ولكن من هذا الرقم (كل عام وأنت بألف خير يا وليدي كم أتمنى أن تكون أسعد الناس وأنت تقرأ رسالتي هذه. أمك) ضاقت فيه الدنيا بما رحبت هذي من نسيها هذي من هجرها لأجل مغرورة اصبح معها احزن البشر في يوم الفرح تركته ينسى أمه تركته مسكييييين رفع سماعة الجوال فبحث بين الأسماء عن (قلبي) فاتصل بها ليقول: (نعم حرمتك الأولاد فحرمتِني من الحياة ومن أمي الغالية اخترتك بنفسي وعصيت أمي فنسيتِني ونسيني زمانك وانسيتِني ضحكتي ولم أنس دعوة أمي علي ولكن لم تنسني أمي فهي تملك قلباً كبيراً يدعوني بكل يوم فأنت طالق طالق طالق وليتب علي الرب).