الكل مع شعار توطين الوظائف في القطاع الخاص، وأجزم أنه لا يوجد مواطن إلا ويتفق مع هذا الشعار ويؤيده، ويسعى جاهداً إلى تحقيقه، وفي الوقت نفسه أجزم أن تحقيق هذا الشعار لن يتأتى بالأماني، أو بالتسلط والتعسف وفرض معادلة التوطين في القطاع الخاص دون إدراك الواقع وإمكاناته، ودليل ذلك خفض نسبة السعودة من 30 إلى 10 في بعض النشاطات بسبب عدم إقبال السعوديين عليها، الممارسة فقط هي التي كشفت عن هذا في حين انه كان يجب أن تجرى دراسات وتنسيق مع المعنيين بالأمر أعني رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الكبيرة والصغيرة قبل تحديد هذه النسبة أو تلك، لهذا ينبغي الإصغاء إلى أن التعامل الحالي القائم على فرض الرؤية من طرف السلطة فقط غير منطقي، وأنه آن الأوان لسماع وجهة نظر الطرف الآخر المعني بالأمر أصلاً الذي طالما ردد في المجالس أن هناك تعسفاً في تطبيق مفهوم توطين الوظائف في القطاع الخاص، بسبب حول مزمن أثر على الرؤية والموقف من هذا الهدف الوطني النبيل مما جعل التعامل يتم من منظور واحد أهمل وتغاضى عن الرؤى والاقتراحات التي ينادي بها المعنيون في القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه لم يسع سعياً جاداً نحو تلمس أنسب الحلول والأساليب لتحقيق الهدف المنشود (السعودة)، ولقد كثر المتذمرون - عدداً ومجالاً - من رؤية وزارة العمل، ولدى هؤلاء شواهد عديدة ومنطقية تدلل على عدم صواب الرؤية والموقف الذي تتبناه وزارة العمل في تعاملها مع أرباب العمل وصناعه، وهي التي يفترض أنها قامت بجهود في معالجة القضية مبنية على تصورات صحيحة مستوعبة للواقع وإمكاناته، ويبدو أنها وضعت أمام ناظريها نسبة معينة دون النظر في إمكان تحقيقها من عدمه، وقديماً قيل: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره) والملاحظ أن حكم وزارة العمل بني على عاطفة نبيلة ومشاعر صادقة نحو توطين الوظائف في القطاع الخاص، وهنا مكمن الخطأ، العاطفة وحدها لا تكفي في معالجة مثل هذا الهدف الذي تحيط به جملة من المتغيرات والتعقيدات التي يجب معرفته والتعامل معها بمنظور شامل وواعٍ ومدرك لكل الخيارات الممكنة، آخذاً في الاعتبار الواقع من حيث مدى الحاجة وتوفر الإمكانات البشرية لتلبية هذه الحاجة، والأمثلة التي تدلل على التعقيدات التي يجب معرفتها والتعامل معها بمنظور شامل وواعٍ ومدرك لكل الخيارات الممكنة، آخذاً في الاعتبار الواقع من حيث مدى الحاجة وتوفر الإمكانات البشرية لتلبية هذه الحاجة، والأمثلة التي تدلل على تعقيدات المشكلة وتجذرها كثيرة وكلّها تؤكد أن وزارة العمل تقودها عاطفة السعودة وليس منطق المدرك العارف بواقع الحال في القطاع الخاص.