تبذل حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز جهوداً جبارة في سبيل نشر العلم والثقافة؛ انطلاقاً من أن الإنسان هو أساس التنمية. وفي الحديث عن نشر المعرفة والثقافة لا بد من الحديث عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لما تقوم به من دور ثقافي فاعل في المجتمع بوصفها إحدى المؤسسات الثقافية المهمة التي تقدم خدمات كبيرة للباحثين والقراء، فضلاً عن عقدها للندوات العلمية والثقافية ونشر الكتب والدوريات العلمية وإنتاج البرامج التلفزيونية الثقافية، حيث تجد المكتبة الدعم السخي والكبير من قبل مؤسسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس الأعلى لمجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز حفظه الله ورعاه. إن المواطن السعودي يلحظ بوضوح وجلاء التقدم والتطور الحاصل في الجانب الثقافي من خلال الندوات والمؤتمرات عن المكتبات وأهمية انتشارها، وعن الكتب وضرورة توافرها بين أيدي مختلف فئات المجتمع. وتواصلاً للعمل الثقافي، فقد أعلنت المكتبة يوم الاثنين 8 - 10 - 1427ه عن موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - الرئيس الأعلى لمجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض - على إنشاء جائزة عالمية للترجمة عن الثقافات العالمية من العربية وإليها، تحت مسمى (جائزة مكتبة الملك عبدالعزيز العالمية للترجمة). أعتقد - وبخاصة أننا في عصر اتسع فيه مجال الاتصالات بين الشعوب - أن الحاجة إلى الترجمة أصبحت ضرورية ومهمة في آن واحد؛ حيث يتم من خلالها تبادل المنافع بين الشعوب، ونقل المعارف والآثار العلمية من لغة إلى أخرى. في هذه المناسبة لا بد من تذكر أن العرب - قديماً - كان لهم الفضل في لفت الانتباه إلى أهمية الترجمة وفاعليتها، وذلك من خلال ترجماتهم للثقافات الأجنبية من فارسية وهندية ويونانية. لقد شجع الخلفاء على الترجمة في أواخر العصر الأموي، ثم انتشرت انتشاراً واسعاً في العصر العباسي. ولئن كانت هناك حركات في الترجمة من جانب غير العرب، إلا أن الفضل يعود للعرب، إذ جعلوا من الترجمة صناعة وعملاً فنياً؛ لأنهم بذلوا من أجله جهوداً كبيرة حتى أصبحت للترجمة هذه المنزلة الرفيعة. لقد وقف علماء العرب من الحضارات الأخرى موقف الدارس الناقد، وليس موقف المتلقي الذي يستورد الأفكار والمعلومات. ومن هنا فقد أخذوا من تلك الحضارات ما اعتقدوا أنهم بحاجة إليه ونقلوه إلى ثقافتهم على أيدي أناس أتقنوا اللغتين والموضوع العلمي جميعاً. إنه في الوقت الذي تأتي فيه هذه الجائزة محفزة ومشجعة للعلماء والمفكرين في مختلف أنحاء العالم لمواصلة حركة الترجمة والتأليف الفعال المثمر الذي يوطد للعلاقات الحضارية والإنسانية بين الثقافات والشعوب، فهي كذلك توضح الدور المهم والفعال لمملكتنا الحبيبة وقدرتها على التعامل مع الثقافة الأخرى وأفكار الآخرين. كما أن هذه الجائزة تساعد في نشر الوعي بأهمية الكتاب كمصدر للمعرفة في ظل التطور التقني في وسائل الاتصال والمعرفة، بالإضافة إلى مساعدة القارئين على تعرف أخبار وعادات وثقافات الشعوب في العصر الحاضر الذي يعد أحد أسباب نشر السلام والتعاون بين الأفراد والمجتمعات. إن هذه الجائزة تدعو إلى توسيع الآفاق الثقافية من خلال النظر إلى العالم ومسايرة الحاضر وثوراته العلمية الهائلة وإنجازاته الحضارية المختلفة، وذلك عن طريق القراءة في الكتب المترجمة عن اللغات الأخرى. وأخيراً تحية لرجالات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على هذه الجهود الموفقة، وتحية خاصة للمشرف العام على المكتبة الذي يعمل بصمت حتى استطاعت المكتبة أن تقدم عدداً من المشروعات الثقافية المهمة. وإلى نقلة ثقافية وفكرية قادمة مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة. [email protected]