الأندية الريفية تقف موقف المعاند والمتحدي للأندية الرياضية وإن لم يكن ذلك في كسب لعبة كرة القدم أو غيرها من الألعاب فهو في كسب أكثر من ذلك وإعطاء مدلول أكيد أنها تحسن التصرف فيما تملك وتبني لمستقبلها وحاضرها مصادر تساهم مساهمة فعالة في القيام برسالة الأندية التي من أجلها أسست خلافاً لأنديتنا الرياضية التي لا تزال ولبالغ الأسف تعطي كل اهتمامها لكسب ذاك اللاعب وتلك البطولة دون أن تبني لها أساساً متيناً يحقق لها أكبر النتائج الرياضية والاجتماعية وهو بناء المؤسسة الرياضية المتكاملة الذي بدأت أنديتنا الريفية على قلة إمكانياتها من تحقيقه. والزائر لمدينة المجمعة سوف يندهش وقد لا يصدق ناظريه وهو يتجول في شوارعها عندما يواجه حركة دائبة من العمران في مساحة كبيرة من الأراضي تقع على ثلاثة شوارع رئيسية بجانبها لافتة تدل على أن هذه المباني هي مقر وملاعب نادي الفيحاء الريفي وهو أحد الأندية القلائل التي بادرت بمثل هذه الخطوة الجبارة فهل لنا أن نصحبك أخي القارئ لنعرف سوياً قصة هذا النادي ومنشآته. قصة النادي إنهم فتية صغار السن محدودو العدد يلعبون كرة الشراب ثم كرة (الخنزير - اللستك) ثم كرة الجلد في أحد أحياء المجمعة ومثلهم كثير جداً ويسمون فريقهم (القنطرة) وهو اسم الحي القريب من ملعبهم ويقيمون العديد من المباريات مع فرق الحارات الأخرى واستمر هذا الفريق رغم وجود نادٍ كبير في المجمعة هو (نادي الشباب) آنذاك أي في حوالي سنة 77 هجرية وما بعدها من السنوات. وفي سنة 79 هجرية انضم هذا الفريق وفريق (الهفوف) القريب منه وكونا فريقاً موحداً وسمياه فريق (النجاح) وأصبحا ينافسان فريقاً آخر يسمى فريق النور هو أيضاً مجموعة من فرق الحارات توحدت وأصبحت بهذا الاسم وأصبح الاثنان يتنافسان مع بعضهما ولكنهما ليسا في مستوى نادي الشباب الذي مضى على اكتمال تأسيسه ما يقارب من ست أو سبع سنوات. وفي أول عام 80ه قرر أفراد الفريق تغيير اسم النجاح إلى (الأهلي) واستئجار مقر خاص به لتعقد الاجتماعات فيه بدلاً من عقدها في بيوت بعض أعضاء الفريق وجمعت تبرعات سخية من نفس الأعضاء وشكلت أول إدارة رسمية وسُمِّيَ منذ ذلك الحين باسم (النادي الأهلي) وأصبح المنافس الأساسي لنادي الشباب الذي يكبره سناً ويفوقه قدرةً. وبعدها بأعوام قليلة حدثت بعض الأخطاء الإدارية مما أدى إلى حدوث عجز مالي في نادي الشباب حل على أثره النادي وبعد انحلال نادي الشباب انضم عدد كبير من أفراده لهذا النادي مما أكسبه قوة جديدة دفعته خطوات أخرى إلى الأمام. ولكن بعض أفراد النادي السابق أسسوا نادياً جديداً بنفس الاسم وبقي الناديان يتصارعان من جديد وإن كان كلاهما مر بأزمة كادت تؤدي به إلى عالم النسيان لولا تدخل بعض العناصر المخلصة له وانتشاله من كبوته وذلك في حوالي عام 84ه. ثم اعتمدت الأندية ضمن الأندية الرسمية لدى رعاية الشباب وطلب من الناديين تغيير اسمهما لوجود أندية مماثلة فسمي نادي الشباب باسم (منيخ) والنادي الأهلي باسم (الفيحاء) ثم دمج الناديان تحت هذا الاسم مما أكسبه تكاملاً مادياً ومعنوياً. وعمل الجميع ولا يزالون يعملون من أجل هذا النادي حتى تحقق حلمهم الكبير. الحلم الذي تحقق كنت ممن عايش هذا النادي منذ نعومة أظفاره ومنذ كانت الكرة تعتمد على الجسم قبل الفن والحركة وكانت لنا أحلام تتزايد يوماً بعد يوم وكلما تحقق شيء منها اتسع ميدان الحلم لأمل جديد. كنا نحلم باستئجار مقر بسيط فلما تحقق حاولنا استئجار مقر فسيح نتمكن من مزاولة النشاط الرياضي والثقافي به ولم نكتفِ بذلك فقد كنا نسعى ومنذ عام 86 إلى امتلاك أرض للنادي وتقدمنا لوكالة البلديات بطلب منحنا لها وعندما تحقق حلم الأرض التي أمر جلالة الملك المعظم بإعطائها لجميع الأندية الرياضية والريفية في المملكة بدأنا نخطط لبناء مقر صغير ولكننا لم نكتفِ بذلك فقد قرر مجلس إدارة النادي الحالي الذي تم تشكيله منذ عامين الإقدام على البناء رغم ضآلة موجودات النادي وفعلاً بدأت المرحلة الأولى ببناء المقر في أحد أجزاء الأرض وكلف مبلغاً إجمالياً يزيد على ثمانية وثلاثين ألف ريال وما أن انتهت المرحلة الأولى وانتقل النادي لمقره الجديد حتى جد في إنجاز المرحلة الثانية من المشروع وهي مرحلة التسوير لكامل الأرض الممنوحة للنادي. وكانت هناك عقبات كثيرة أهمها المادة ثم المادة ثم المادة ولكن همة الرجال كبيرة ولا يقف أمامها شيء مهما صعب وفعلاً قرروا البدء في المرحلة الثانية وكانت التكاليف الأولية لها ما يقرب من ستين ألف ريال وكادوا يؤجلون البدء أو يقيمون بعض المنشآت الصغيرة بدلاً من السور ولكن وفي آخر لحظة جاد الله لهم بأحد أبنائهم ليقف وقفة الرجل المقدام وليضحي بالكثير من المال والجهد ويوفر للنادي الكثير من احتياجاته المادية ليبدأ في إقامة هذه المرحلة ألا وهو الأستاذ الجليل وأب الشباب الأول الشيخ عثمان الصالح الذي أبت يدي إلا أن تسطر اسمه رغم قناعتي بأنه لا يرضى أن نذكر اسمه في جميع أحاديثنا ولكنني لم أستطعْ تناسي أعماله التي لولاها لما تحقق هذا المشروع الحيوي الكبير لهذا النادي. وظهرت المشكلة من جديد فقد وافقت وكالة البلديات على منح النادي قطعة أخرى من الأرض التي بجانب أرضه ليظهر العجز المالي عن إتمام تسويرها وإدخالها ضمن إطاره ولكن صاحب اليد الأولى كان موجوداً وعندما زار المدينة في الأسبوع الماضي واطلع على بقية الأرض أمر بإكمال مرحلة التسوير بعد إدخالها ضمن حدوده وتقديرها للمقاول على أساس السعر السابق وفعلاً بدأت يد العمال تصلح أوضاعها ولم يمضِ وقت طويل بل انتهت مرحلة التسوير لملاعب النادي ومنشآته بأكملها وقد كلفت المرحلة الثانية ما يزيد على خمسة وستين ألف ريال وتم منها ما يقارب 70% وسوف ينتهي العمل فيها خلال شهر محرم القادم وبذلك يكون النادي قد أنفق على المرحلتين الأولى والثانية ما يزيد على مائة ألف ريال. أما المرحلة الثالثة فهي أقل تكليفاً وتقدر بما يقرب من أربعين ألف ريال وهي عبارة عن إقامة صالة كبيرة ومسرح شتوي وملاعب حديثة لكرة السلة واليد والطائرة ومدرج واحد من مدرجات ملعب كرة القدم. أما المرحلة الأخرى فهي رهينة الوقت ومدى قدرة النادي مستقبلاً ومنها إقامة بقية المدرجات وبركة للسباحة وبعض المنشآت الأخرى. وعلى هامش الحديث عن المشروع فقد أقام النادي في جزء من الأرض كازينو صغيراً منظماً ومزروعاً ومضاءً ليكون مكاناً ملائماً لقضاء أوقات المذاكرة في وقت الصيف. نشاط النادي قد يتبادر إلى الذهن أن النادي منصرف عن أي نشاط آخر ولكن العكس هو الصحيح فالنادي رغم اهتمامه الكبير بهذا المشروع فهو من أنشط أندية المملكة ثقافياً وبه متحف يعتبر من أجمل المتاحف وأكثرها عناية بتراثنا الحضاري القديم وقد أعجب به كل من زاره من المسؤولين والمواطنين. وأذكر أن سمو الأمير سلمان أبدى كثيراً من إعجابه به أثناء زيارته للنادي وكذلك وزير العمل والشؤون الاجتماعية وبقية الوزراء والوكلاء الذين رافقوا سموه هذه الزيارة وكل من شاهد هذا المتحف أبدى إعجابه الشديد به وكيف تمكن أفراد النادي من جمع محتوياته الثمينة. كما أن لدى النادي معرضاً فنياً دائماً يعمل فيه كثير من أفراد ومنسوبي النادي طوال العام ولديه مكتبة على جانب كبير من الأهمية خاصة أنها الوحيدة التي يستفاد منها فائدة تامة في المدينة لعدم افتتاح المكتبة الأهلية حتى الآن ولوجود كثير من الكتب المفيدة بها. وهناك نشاط صحفي يتمثل في إصدار الصحف الحائطية الكثيرة المتعاقبة الصدور من حين لآخر. ولدى النادي فرصة خاصة للتمثيل تعتبر من أروع وأقدر الفرق التمثيلية في المملكة إذ إنها تزاول هذه المهمة منذ ما يزيد على اثني عشر عاماً وحبذا لو استفاد التلفزيون السعودي منها أو من أحد أفرادها. كما أن لديه فرقة خاصة للعرضة النجدية تقيم حفلاتها بعد انتهاء حفل النادي الثقافي الذي يقام بمناسبة العيد وتستمر لمدة أربعة أو خمسة أيام متتالية ليل نهار ويشاركها أبناء المدينة كلها هذه العرضات الجميلة. أما النشاط الرياضي فالنادي يساير زملاءه الأندية الأخرى في تقاسم النتائج الرياضية ولديه فرق متكاملة لكرة القدم وأخرى للطائرة والسلة واليد والطاولة وألعاب القوى والدراجات وهو حريص على المشاركة في كل المناسبات الرياضية التي يُتاح له الاشتراك بها. وكان منذ إنشائه حريصاً على الرحلات والتعارف مع أبناء المدن الأخرى فقام بزيارات متعددة للقصيم وحائل والمنطقة الشرقية والرياض والخرج ويعتزم القيام برحلة طويلة للمنطقة الغربية في أقرب فرصة مواتية وأخرى للمنطقة الجنوبية من المملكة. مساهمات أخرى النادي في هذه المدينة أحد الأعضاء الفاعلين وهو يساهم بكثير من الخدمات الاجتماعية فهو يساهم في تنظيم أسبوع المرور كل عام وأسبوع النظافة وغرس الأشجار وكذلك كتابة اللوحات الإرشادية به وبطاقات الترحيب بالأعياد والمناسبات الأخرى وله إسهامات في خدمة البيئة ومساعدة العاجزين فيها وتقديم الإرشاد للمزارعين والمواطنين عامة لما فيه المصلحة العامة وقد تبنى إقامة فصول دراسية أثناء عطلة الدراسة من كل عام لمساعدة الطلاب المكملين في تحقيق النجاح وينوي النادي جمع معلومات متكاملة عن أهم الآثار والأماكن التي يلزم للزائر أن يقصدها وطبع ذلك وتقديم نسخة منه لكل من يزور المدينة أو يطلبها لغرض الاستفادة منها. ملاحظات عابرة يفتقر النادي إلى مدربين متفرغين لكرة القدم وبعض الألعاب الأخرى وهذا بدوره يحتاج إلى مزيد من المال وهو ما لا يستطيع النادي تحقيقه في الوقت الحاضر ولكنه يأمل في أن يعالج هذا النقص بتكليف بعض المدربين غير المتفرغين ويوكل إليهم القيام بهذه الأعباء ولو كان هذا الإجراء لا يفي بالغرض المطلوب ولكنه الحل المؤقت. كما أن النادي بحاجة إلى مزيد من الأجهزة والأدوات الرياضية ولكنه لن يستطيع أيضاً توفيرها دفعة واحدة حتى يتمكن من إنهاء مشروع البناء وتسديد كافة الالتزامات المتعلقة به. ومجلس إدارة النادي بحاجة إلى دعم بعض العاملين من خارجه وتثبيتهم بدلاً من بعض الأعضاء الذين حالت ظروفهم عن الاستمرار فيه. كما أن النادي بحاجة إلى موظف متفرغ ليقوم ببعض أعباء السكرتارية وإدارة شؤون الملعب وأعتقد أن الإدارة ستبادر لمثل هذا العمل في أقرب فرصة ممكنة. الأمل يتجدد بعد تصريح صاحب السمو الأمير فيصل بن فهد مدير عام رعاية الشباب بأن الرعاية ستساهم في دفع 45% من تكاليف منشآت الأندية تجدد الأمل لدى أفراد النادي وقويت عزيمتهم وتلقوا هذا النبأ بفرحة وسرور مبتهلين للعلي القدير أن يحفظ لهم جلالة الملك المعظم ويوفق العاملين المخلصين في حكومتنا الرشيدة لما فيه الخير والسداد. وعندما تبدأ عمليات المساهمة في القريب العاجل سيكون لهذا النادي وغيره من الأندية نصيباً عادلاً يتساوى مع المجهود المادي والمعنوي الذي بُذل ولا يزال كذلك من أجل النهوض بالحركة الرياضية بشكل عام. كما أن النادي يرجو من مدير عام الرعاية أن ينظر لجهود النادي ويعطي إعانة مناسبة لقاء قيامه بهذه الإنشاءات تكون دعماً جديداً له وحافزاً على السير قدماً إلى الأمام. كلمة أخيرة لا ينسى النادي أن يشكر كُلَّ مَنْ ساهم في هذا المشروع الحيوي بقليل أو كثير ولا بد ونحن نختتم هذه الجولة السريعة أن نقدم الشكر للعاملين في إدارة هذا النادي عموماً الذين يقفون خلفهم مثل الأستاذ إبراهيم العمر وغيره من شبابنا المثقف الذي يعي مهمات وأهداف الأندية النبيلة. وأخيراً أعترف بالتقصير وأرجو أن تُتاح لنا فرصة اللقاء مرة أخرى عند بداية مرحلة جديدة من مراحل البناء الرياضي في هذا النادي وغيره من نوادي المملكة الفتية وإلى اللقاء.