تتكون الدول من مجتمعات تقوم عليها، وترتكز في مصالحها وإدارة شؤونها عليها، وقد تختلف هذه المجتمعات في تربيتها وطباعها وتصرفاتها. وهنا قد يختلف مجتمعنا عن أي مجتمع آخر لكونه مجتمعا مسلما محافظا نشأ وتربى على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. مجتمع مترابط متحاب ملتف حول قيادته ومحترماً لشعائر دينه وممتثلا بذلك لأوامر ربه عز وجل حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} مجتمع يعيش- ولله الحمد- حياة هنيئة وسعيدة. ولكن قد نشاهد بعض التصرفات التي تحدث من أناس داخل هذا المجتمع وبطبيعة الحال هؤلاء لا يمثلون المجتمع كله، لكنهم بتصرفاتهم هذه يسيئون للمجتمع وللبلد كله، وقد يكون هؤلاء جهلاء أو مرضى نفسيين أو لا يبالون بأحد، وسوف أورد لكم بعضا من هذه التصرفات التي تنم عن عدم وعي وعدم مبالاة واستهتار بالأنظمة وانعدام الوطنية في عدم المحافظة على ممتلكات ومكتسبات هذا الوطن المعطاء. الوطن الذي ولدوا وتربوا ونشأوا وعاشوا على تراب الوطن الذي احتضنهم منذ نعومة أظفارهم. فمثلا عندما تذهب لأي دائرة حكومية أو مستشفى أو مسجد أو مدرسة أو غير ذلك من المرافق الحكومية الأخرى، فإنك سوف تجد بعض الأضرار والأوساخ وعدم الاهتمام، أما عندما تدخل إحدى دورات المياه- أعزكم الله- فإنك سوف تجد الكتابات والرسومات التي تقشعر منها الأبدان علاوة على عدم نظافتها وعدم العناية بها، فأين الحس الوطني؟! أو ليس هذا كله عملا من أجلنا وأجل خدمتنا وراحتنا؟ ألم يكلف هذه الدولة الكثير من الجهد والمال؟ وعندما تذهب إلى إحدى الحدائق أو المتنزهات للراحة والاستجمام فإنك سوف تجد الأوساخ والمخلفات من بعض أولئك الذين يرتادونها بل قد يصل الأمر أحياناً إلى إحداث أضرار بتلك المتنزهات وقطع الأشجار أو تخريب الألعاب الموجودة بها. ولا يختلف الحال أيضاً عندما تذهب إلى منطقة الثمامة البرية أو إحدى المناطق البرية الأخرى، فإنك سوف تجد الأوساخ والقاذورات والعبث بالأرض والشجر. أليس من المفروض أن يتم المحافظة على تلك المناطق ونظافتها قبل مغادرتها وعدم إلحاق الضرر بالشجر والأعشاب. أيضاً عندما تسير بالشارع فإنك سوف تجد الأوساخ وما يضايقك أكثر انك تشاهد بعض المارة أو قائدي السيارات يقومون برمي العلب الفارغة والمناديل بوسط الشارع غير مبالين وغير محترمين لمشاعر غيرهم. كذلك نجد التهور في قيادة السيارات وقطع إشارات المرور من أولئك المستهترين الذين لا يحترمون أو يتقيدون بالأنظمة المرورية، وهم بذلك يعرضون أرواحهم وأرواح غيرهم للخطر والهلاك. وبهذه المناسبة أتذكر قبل فترة قصيرة موقفاً حصل لي فذات يوم كنت خارجا من العمل ذاهبا لمنزلي وأثناء توقفي عند إحدى إشارات المرور إذا بأحد الشباب السعودي يقوم بقطع الإشارة بسيارته بكل استهتار ويتبعه سائق ليموزين من إحدى الجنسيات غير العربية وما هي إلا لحظات بعدها اضاءت الإشارة وتحركنا، وعندما وصلت الإشارة الثانية إذا بي أجد سائق الليموزين فسلمت عليه، وقلت له يا أخي الكريم لماذا قطعت الإشارة، ألا تعلم ان هذا مخالف لتعليمات المرور، فقال ووجهه مشحوب ومرتبك صحيح أنا خالفت بس أنا رأيت السائق السعودي، وعملت مثله، وأنا آسف وإن شاء الله لن أكرر مثل هذا الخطأ، فقلت له لكن يجب أن تتبع تعاليم المرور وكل إنسان مسؤول عن نفسه، ولا ينظر لغيره إن هلك. وهناك الكثير والكثير من التصرفات الخاطئة التي تحدث من بعض أبناء هذا البلد الطيب - هداهم الله - التي لا يتسع المجال لذكرها، فأين الحس الوطني وأين الوطنية الصادقة والغيرة على بلدهم، أليسوا من أبناء الوطن، أو أليس هذا وطنهم ألا يعلموا أن هذا الذي يقومون بتخريبه أو إتلافه قد كلف الدولة الكثير والكثير من الجهد والمال، وإن ما تم إنشاؤه هو لأجل المواطن وإسعاده ورفاهيته. والسؤال الذي يطرح نفسه: هو لماذا نكون مثاليين خارج وطننا؟ فمن الذي يتجرأ بقطع إشارة المرور أو رمي أي شيء بالشارع أو مخالفة أنظمة وقوانين البلد، لا أحد بطبيعة الحال لأنه يعرف أنه سوف يحصل على قسيمة مخالفة أو طرد من البلد. فالأجدر بنا أن نكون مثاليين ببلدنا، غيورين عليه، وعلى سمعته ومحافظين على نظافته ومكتسباته. إنني أتمنى ويتمنى معي كل مواطن غيور يحب وطنه أن يأتي اليوم الذي نرى فيه أن الكل حريص على وطنه، ومهتم بجميع مرافقه ومتقيد بأنظمته. فالطالب يحافظ على مباني مدرسته ومرافقها. والموظف يحافظ على دوامه ويجتهد ويخلص لوطنه ويحافظ على جميع مرافق إدارته. والعامل يحافظ على مصنعه ومرافقه ويتفانى في إنجاز عمله. وسالك الطريق يحافظ على نظافة الشارع ويحترم حرمة الشارع. إننا بهذا نعكس الصورة الحسنة لبلدنا في شتى أنواع حياتنا. ونعود المقيم والزائر على احترام بلدنا واتباع تعليماته، ونكون قدوة للجميع. إن مفهوم الحس الوطني يجب أن يوضح للجميع ويكون ذلك بدءاً من البيت والمدرسة والعمل. إن الواجب على المسؤول والمدير والمعلم في أي جهة حكومية أن يغرس حب الوطن في أبنائه أو موظفيه الذين هم تحت إدارته ويبين لهم مفهوم الحس الوطني، وما يجب عليهم تجاه بلدهم من حرص ويقظة وتفان وتقيد بتعاليم وأنظمة البلد والغيرة واإظهار أشكال الانتماء الوطني، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوطن والمحافظة على أمنه وسلامة ممتلكاته وجميع مرافقه، والمحاولة على رفع مستوى الحس الوطني لدى الجميع، ونكون بذلك يدا واحدة مع قيادتنا الحكيمة وحتى يكون مجتمعنا مجتمعا مثاليا وبلدنا الغالي مثالا يحتذى به. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعاً لخدمة ديننا ثم مليكنا ووطننا. اللهم يا من أجاب نوحا حين ناداه، ويا من كشف الضر عن أيوب في بلواه، ويا من سمع يعقوب في شكواه، ورد إليه يوسف وأخاه، وبرحمته ارتد بصيرا وعادت إلى النور عيناه. أن تحفظ لنا قائدنا الحبيب سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد الأمين، وتطيل عمرهما وتؤيدهما بنصر من عندك. وأن تديم على بلدنا عزه وأمنه، وأن تحميه وتحمي شعبه من كل شر، وأن ترد كيد الكائدين إنك على كل شيء قدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بطاقات معايدة: 1- لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله. 2- لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين رعاه الله. 3- لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض نصره الله. 4- لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية حفظه الله. 5- لجميع رجال القوات المسلحة والحرس الوطني والأمن العام وجميع المخلصين من أبناء هذا الوطن الغالي الذين يبذلون كل غال ونفيس من أجل الوطن.