استقبلت منطقة عسير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بمزيد من الفرح والبهجة والسرور مثلها مثل بقية مناطق المملكة التي زارها ويزورها حفظه الله. والحق إنه قبل الإمساك بالقلم لأدون انطباعاتي ومشاعري نحو زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصحبه الكرام خطر بالبال أحرف في غاية الأهمية. إنني وجدت نفسي كما حال كل سعودي أمام بوابات التاريخ وجهاً لوجه بكل ما تختزنه داخل حصونها وقلاعها من شموخ وبطولات وروعة إنجاز لهذا الوطن وقيادته. وفي هذا السياق فإن الكلمات تعجز بل تتقزم حيال روعة البناء والتأسس والتلاحم، ومهما تحدث الكاتب لن يأتي بجديد لأنه مسبوق من جهابذة الفكر والتاريخ والمهتمين بتطور الشعوب. إن المتأمل يدرك كيف كان حال هذه البلاد قبل مجيء الملك عبدالعزيز رحمه الله، وكيف استطاع هذا القائد العظيم أن يلملم أجزاءها رغم الصعوبات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية والطبيعية التي كانت تقف أمامه. إنها العناية الإلهية، ثم تصميمه وقوة عزيمته وبعد نظره وعظم طموحاته وإيمانه القوي وحبه لهذه البلاد. إن الناظر في هذه الزيارات الميمونة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى كل منطقة من مناطق الوطن الغالي، يجد صوراً بالغة الدلالة، تمثل أروع وأنبل معاني الرعاية والتواصل المبنية على المحبة والولاء بين القيادة والشعب والتلاحم المنقطع النظير. لا شك أن منطقة عسير تكاد تطير فرحاً بلقاء القائد.. وإن هذه الزيارات لأرجاء الوطن ليست مستغربة من ولاة أمورنا رعاهم الله الذين لا يكتفون بسياسة الباب المفتوح للالتقاء بأبناء شعبهم الوفي المحب لهم، بل يحرصون على أن يلتقوا بهم في مناطقهم ليستمعوا منهم، ويشاركوهم آمالهم وتطلعاتهم ويكرسوا نهجاً حميداً، وسنة حسنة، في تلمس مطالب الناس وحوائجهم. إنها بحق صورة معبِّرة من صور التلاحم والترابط القوي بين القيادة والشعب، صور العرفان للجهود الجبارة والمنجزات الحضارية التي تبذلها القيادة الرشيدة، حيث يتواصل العطاء وتدشن المشاريع، في وطن يفخر بقيادته ودينه ورصيده الثقافي والحضاري والإنساني عبر ملحمة العطاء والطموح الذي لا حدود له، وعبر تنوع جميل ترعاه، وتسهر عليه السياسة الحكيمة، ولا شك أن ما تهيأ لهذا الشعب يفوق الوصف، وهذا بفضل الله، ثم بالالتزام بالشريعة الإسلامية الغراء، حيث نعم الجميع بالأمن الوارف الظلال والتنمية الطموحة في وطن الأمجاد الذي أرسى دعائمه المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله. لقد خاض أبو الشعب السعودي ومنقذه الملك عبدالعزيز جهاداً طويلاً، فوحَّد البلاد والعباد في هذه الديار المترامية الأطراف، وانتشلها من أوحالها، وفرقتها وضياعها، وأرسى قواعد صروحها على الوحدة الإيمانية الشاملة، فانتعشت وازدهرت وقويت كلمتها، ومكانتها فاستتب الأمن، واتجه الناس إلى عبادة الله في أجواء صافية خالية من المنكرات، وعم الخير المواطن والوافد، والمقيم والحاج والزائر، فالكل يعيش واقعاً متميزاً بين شعوب العالم، إلى درجة أصبح المحظوظ والسعيد حقاً من يفد إلى بلادنا، والأمن لم يسكن حماها، وينعم بخيراتها، وغرس رحمة الله في هذه البلاد روح العدل والمساواة والخير والعطاء. حقاً إن التجربة السعودية في كل ميدان، تقدم نفسها للعالم دونما شعارات براقة أو ضجيج إعلامي، أو دعايات، لأنها تجسيد لمشروع حضاري متميز يعبر بكل صدق عن التلاحم بين القمة والقاعدة والاعتصام بحبل الله المتين، وهي في ذات الوقت، دعوة للقيم الرفيعة، والتسامح والسلام والتعاون والوفاء. إن مشاعر اللقاء بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده فياضة، والحب لهما يعمر قلوب الكبار والصغار، النساء والرجال، كل أبناء الوطن، فهما اللذين آسرا الجميع بحبهما، وشمولية عطائهما، ودعمهما للمشاريع التنموية والأعمال الخيرية والإنسانية. إنها القيادة الاستثنائية للملك القائد الذي قال: (ومن نحن بدون المواطن) فأصبحت هذه المقولة حديث الناس لأنها جاءت بمثابة تعبير صادق للرعاية التي يشعر بها نحو أبناء شعبه الوفي، فكان ومازال منذ أن تولى مقاليد الحكم يصدر القرارات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن. وانطلقت مسيرة التنمية في المملكة في ظل الإسلام، والمناخ الأمني الفريد، انطلقت بخطى حثيثة لبناء الإنسان، ونهض خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بأعباء التنمية المستدامة والمتوازنة، فوظفت جميع الإمكانات والموارد من أجل توفير أرقى المرافق والخدمات والتسهيلات، وأصبحت هذه الحقيقة واضحة للعيان، وصلاً بماضيها المجيد وحاضرها المشرق السعيد، ومستقبلها الواعد، وهي في كل ذلك لا تستكثر جهداً ولا مالاً، ولا تنتظر جزاء ولا شكوراً، إلا من الله سبحانه وتعالى إذ إن ما تبذله إنما هو إيمان بدورها ومسؤوليتها التاريخية. فلك من قلوب أبناء هذا الوطن يا أبا متعب من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، كل معاني الحب والوفاء والدعاء ولا نقول إلا طبتم يا خادم الحرمين وطاب ممشاكم وحللتم أهلا ووطئتم سهلاً أينما تحلون وفي أي منطقة من وطنكم مملكة الإنسانية. وصباحك مشرق يا وطن ومساءاتك معطرة بالبهجة والعز وستظل يا وطن الأمن والإيمان كوكباً متألقاً في سماء العالم المتحضر وعلى قدر العزم تأتي العزائم. وبالله التوفيق،، * عميد كلية التدريب بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية