أمر جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز ببناء هذا الجامع ومدرسة بجانبه ودكاكين أوقفها على هذا الجامع والمدرسة عام 1335ه، وذلك بموجب خطاب وجهه لأهالي المجمعة هذا نصه: من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى الإخوان من جميع أهل المجمعة سلمهم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وموجب الخط إبلاغ السلام والسؤال عن حالكم، والخط وصل أوصلكم الله إلى ما يرضيه، وما ذكرتم كان معلوم مخصوص من طرف القصر والمسجد. وكّلنا عبدالمحسن بن دغفق يقطع من القصر الذي يكفي المسجد، والباقي عقب المسجد يحط منه مدرسة للعيال يتعلمون فيها. أو يجعل منه دكاكين سبالة على المدرسة والمسقات، أو يقطع ما يكفي بستانا للقليب يغرس، والجميع كله على نظر عبدالمحسن، ما لأحد فيه مدخال، يكون معلوم. هذا ما لزم مع إبلاغ التحية للعيال، أو من عندنا يسلمون وأنتم سالمون 9- ر 1335ه. انتهى الختموقد بني ذلك كله على أنقاض قصر الإمام تركي بن عبدالله بالمجمعة، وكان بناؤه بالحجر في أساساته وأعمدته كذلك - السواري - التي تتصل فيما بينها بقوالب حجرية وبشكل هندسي جميل. أما جدرانه فهي من اللبن والطين.. وللجامع منارة عالية الارتفاع اسطوانية الشكل مبنية بالحجر في أسفلها واللبن والطين في أعلاها تضيق كلما ارتفعت، وداخلها درج لولبي الشكل للصعود من خلاله إلى أعلاها.. وكان المؤذن يرفع الأذان للصلوات في أعلى المنارة لكي يسمعه أكبر قدر من الأهالي لعدم وجود مكبرات للصوت في ذلك الوقت.ويقع هذا الجامع ووقفه في وسط شمال البلد القديم غرب العقدة ما بين حيي الحوش وحويزة، مطلا على السوق التجاري القديم والمجلس من الشمال الغربي وهو الآن على شارع الملك فيصل. ومن أئمة الجامع القدامى 1- محمد بن عبدالله بن ناصر: وكان ضمن وفد المجمعة للملك عبدالعزيز عند انضوائها تحت لوائه عام 1326ه. 2- أحمد بن صالح الصانع: صاحب مدرسة الصانع الشهيرة. 3- عبدالله بن عبدالعزيز العقربي: قاضي سدير. 4- عبدالله بن محمد السليمان: أحد رواد التعليم بالمجمعة. 5- عبدالله بن محمد بن حميد: قاضي سدير الذي أصبح فيما بعد رئيساً لمجلس القضاء الأعلى. 6- عبدالله بن إبراهيم الصانع: مستشار مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل شيخ فيما بعد. 7- عثمان بن حمد الحقيل: أحد رواد التعليم، المشرف على مكتب المعالي وزير العدل سابقاً. 8- سليمان بن عبدالله العسكر: أحد رواد التعليم بالمجمعة. أما أشهر أئمة الفروض بالمسجد فهو أحمد بن إبراهيم الدهمش. ومن المؤذنين القدامى: محمد بن حمد الدريعي، عبدالمحسن بن محمد الدغفق، ناصر بن عثمان أبانمي، عبدالكريم بن عبدالمحسن الدغفق. المدرسة أما المدرسة فتقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الجامع، ومن أبرز الذين درسوا فيها الشيخ صالح بن محمد السليمان (صالح المطوع) إلى أن توفي عام 1345ه تقريباً، ثم تولى التعليم بالمدرسة ابنه محمد بن صالح السليمان. كما درس فيها كل من عبدالعزيز بن محمد الجندل، وعبدالرحمن بن ابراهيم اليوسف، وعثمان بن عتيق، وعبدالرحمن الصالح.. وغيرهم. واستمرت حتى افتتاح أول مدرسة نظامية عام 1356ه، وهي المدرسة السعودية، حيث انتقل طلبة هذه المدرسة إليها.. بعد أن خرجت عدداً كبيراً من أبناء البلد. الدكاكين أما وقف الدكاكين فيقع إلى الجنوب من الجامع يفصل بينهما طريق نافذ عرضه أربعة أمتار تقريباً. وهذه الدكاكين على السوق التجاري القديم بالبلد - المجلس، وعددها ستة عشر دكاناً، على واجهتها رواق يتكئ على أعمدة من الحجارة تسمى سواري ومفردها سارية، والغرض منه تظليل مساحة أمام الدكاكين عن الشمس والمطر. ودكاكين الأهالي التي تقع في السوق مع هذه الدكاكين تشكل السوق التجاري في البلد، وتباع فيه المواد التموينية من القمح والأرز والسكر والشاي والقهوة، وأنواع الأقمشة والملابس، كما تجلب إليه البادية منتجاتها من السمن والأقط والصوف والصيد.. وكذلك الأغنام والإبل.. ويشترون ما يحتاجونه من المواد الغذائية والملابس. وتوجد بين الدكاكين في هذا السوق دكات للجلوس عليها، وذلك ما بين الدكاكين على شكل مقاعد مستطيلة الشكل يجلس عليها كبار السن وأعيان البلد.. ويكون للقاضي كذلك مقعد مخصص.. وغالباً ما يتم تداول شؤون البلد والتشاور في احتياجاته ومتطلباته بين الأعيان في هذا المكان. هذا، ولا يزال هذا السوق يحتفظ بشيء من طابعه القديم، ولا سيما أيام الجُمَع؛ إذ تجلب البادية فيه السمن والأقط وغير ذلك.. كما تباع فيه الأشياء القديمة والمواد الغذائية. المسقات والحويط وهما إلى الغرب من الدكاكين، ومساحة الحويط تزيد عن الثلاثمائة متر، وهو مسور بجدار من الطين ارتفاعه في حدود المترين، وداخله بئر ومجموعة من النخيل. وخلف الجدار من الجنوب توجد المسقات وهي بركة مستطيلة الشكل في حدود ثمانية أمتار في عرض متر تقريباً وارتفاع 60سم. وتكون مملوءة دائماً بالماء الذي يصلها من البئر في الداخل بواسطة مجرى - ساقي - يتصل بالبركة الأخرى التي بجوار البئر ويستخرج الماء بواسطة زعب الماء من البئر بالدلو. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الوقف ووقف الدكاكين قد استلمتهما وكالة الآثار والمتاحف بوزارة التربية والتعليم وقامت بترميمهما.. كما أن وقف الدكاكين والمصابيح سبق أن قام بترميمه وإصلاحه الأهالي بواسطة لجنة الأهالي، وذلك عام 1411ه. بئر العقدة وهذه البئر إلى الشمال من الجامع على السور الشمالي للبلد وعلى هذه البئر غرفة كبيرة بها ميضئة مستطيلة الشكل من الحجر المنحوت، وبها أيضاً مسبح به قرو وهو حجر منحوت من الداخل، وكلاهما على ارتفاع معين.. تملأ الميضئة والقرو بالماء المستخرج من البئر بواسطة الدلو، وبهما ثقوب هي بمثابة الصنابير تقفل وتفتح بواسطة سدة من القماش المقوى، فيقوم من يرغب السباحة أو الوضوء للصلاة في الجامع بنزع تلك السدة فينطلق الماء، وعند الانتهاء يعيدها إلى مكانها فيقف الماء. والمياه الفائضة بعد ذلك مصروفة إلى حويط فيه نخل خارج سور البلد وهو ملاصق للبئر من الناحية الشمالية. وقفية الملك عبدالعزيز نص الوقفية من عبدالعزيز العبدالرحمن الفيصل إلى من يراه، السلام، وبعد: من طرف أرض القصر الذي بقي عقب المسجد وبنيناها دكاكين ومدارس وحوش وبيت وبقيتها بعناها بمقابلتها نخل حصل منها عدة دكاكين (ستة عشر دكانا) غير الدكاكين الذي أمضينا لابن عسكر وابن حسن وكذلك مدرستان وحوش وبيت والقليب وبركتها والنخل الذي مقابله باقي الأرض أوقف الجميع لوجه الله تعالى. وما حصل منه من غلة كروة وغيرها فنصفها للذي يقوم القليب وبركتها بالماء والتصليح، والنصف الآخر ربعه للمعلم في المدرستين المذكورتين ولإمام مسجد المرقب إنصافا بينهم، وثلاثة الأرباع نصفها للطلبة في المجمعة ونصفها للقاضي الذي يعلم الطلبة والوكيل على جميع المذكور عبدالمحسن بن محمد الدغفق. وبعده على نظر الحاكم الشرعي بشوف ابن تصير على نظرة وبسنعها في أسناعها المذكورة يكون معلوما لمن نظره. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. جرى ذلك في 1336ه الختم هذا، وقد صلى الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في هذا الجامع عند زياراته لمدينة المجمعة.. كما أن الملك سعود زار المجمعة عام 1373ه وعام 1378ه، وصلى بالناس صلاة الجمعة في هذا المسجد في زيارته الثانية.وتجدر الإشارة إلى أن صورة الجامع مأخوذة له عام 1392ه قبل هدمه وبنائه بالخرسانة المسلحة، وقد زودني بها الأستاذ ناصر بن علي المجحد، وكان يعمل في وزارة الإعلام في الإذاعة، وهو من المثقفين الذين لهم ميول أدبية، ولديه اهتمامات بالأشياء التراثية والاحتفاظ بالقديم النادر.. فقد زودني سابقاً بصورة قصر الملك عبدالعزيز بالمجمعة الذي هدم قبل ثلاثين عاماً، ونشرت عنه في هذه الصفحة من هذه الصحيفة الغراء، فله مني جزيل الشكر ومزيد الاحترام. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أمر بإعادة بناء هذا الجامع على الطراز الإسلامي بناء على مطالبات الأهالي عندما كان ولياً للعهد، وذلك بالبرقية رقم 1-5 رك 3754 في 30-2-1422ه؛ إذ عملت وزارة الشؤون البلدية والقروية المخططات اللازمة للجامع والموقع المحيط به.. وعلى ضوء ذلك وجه وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف إلى وزير المالية الخطاب رقم 8- 1-2610 وتاريخ 9-8-1425ه بطلب اعتماد المبلغ المخصص لذلك على ميزانية عام 1425-1426ه. وإلى هذا التاريخ لم ترتبط وزارة المالية بالمبلغ المطلوب، وأهالي المجمعة ينتظرون بفارغ الصبر إنهاء هذا الموضوع واعتماد هذا المشروع الذي يعد مصدر اعتزاز وفخر لهم ولأهالي المنطقة.. كيف وهو مَعْلم من معالم هذه المنطقة التي أسسها موحِّد هذا الكيان الشامخ جلالة الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه. كتبه :حمود بن عبدالعزيز المزيني المجمعة ص ب