يخطئ كثير من كتاب الصحف حينما يحاول إيهام القارئ أن قضية المبتعث السعودي تكمن في جهل الأخ حميدان التركي بقوانين العمل أو أساليب الحياة في أمريكا.. نعم إنها محاولة للقفز على مسلمات بديهية ظهر أمرها للجميع وبان حالها حتى للعميان، وهم بهذه الطريقة يصمونه ويتكلمون عنه وكأنه طالب في المرحلة المتوسطة أو الثانوية بحاجة إلى من يبين له كيف يتعامل في بلاد الغربة. والعجب أن هؤلاء لا يقررون نفس هذا الشيء عندما يحاكم أحد في بلاد تحكم بالشريعة وتدين بالطاعة للواحد الأحد.. فأي تناقض وقع فيه هؤلاء؟. إن قضية الأخ حميدان قضية أمة تمتهن في طالب مُجد وطاقة فعالة وعزم على النجاح وسعي للتفوق ليبرهن الأعداء كم هم ظالمون وكم هم منحرفون عن الحق.. وإن تعجب أيضاً فلا يفوتك سكوت من أزعجنا بحقوق الإنسان وأغرقنا بتفاصيل ما جاء في المنظمات الدولية فيما يتعلق به.. فأين هؤلاء من قضية مواطنهم وأخيهم؟. لا بد أن يعي الجميع أنَّ عداوة اليهود والنصارى للأمة هي عداوة تاريخية لا يمكن أن تزول ولا يستطيع أحد أن يخفف منها أو يقلل من شأنها، وأن ما يسمى بالحوار والتحاور إنما هو التنازلات اللامحدودة التي تقدم بالمجان لمن لا عهد له ولا أمانة عنده. لقد تأملت في قضية أخينا فقلت في نفسي: لو كان هذا الشخص من سقط المتاع لرأيت جموعاً من البكائين عليه والنائحين من أجله، ثم لو كان من أمة أخرى ومن لون معين ولسان أرطن لرأيت أيضاً كم تتسابق القنوات في إبراز قضيته والكلام عليها.. ولعل أكبر شاهد على ذلك ما فعلته دولة صهيون في فلسطين ولبنان عندما أسر ثلاثة محتلين معتدين، وكم تحرك العالم من أجلهم وكم بذل من جهود، ولكن أسرى المسلمين لا بواكي لهم. إن العدالة التي ما زال البعض يتشدق بها عن الغرب قد ظهر عوارها وبان عرجها وتبيّن أن العالم أجمع بحاجة إلى الدين الحق، وأنه بدون هذا الدين عالم من الوحوش يأكل فيه القوي الضعيف.. وعدالتهم كما بانت هنا فقد بانت في مواضع أخرى وفي بلاد كثيرة أهلك فيها الحرث والنسل وأبيد الأخضر واليابس ونشرت الفوضى وعمَّ فيها الفساد.. فهذا ديدنهم.. واقرأ التاريخ إن شئت أو شاهد الحاضر عن رغبة فلا فرق بينهما. وإن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب مسك الختام دعوة لبذل الجهود، كل حسب طاقته وحسب ما أوتي من إمكانيات، للإفراج عن أخينا حميدان التركي ولمّ شمله بأولاده.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.