إن الله سبحانه وتعالى قد فطرك على توحيده والإيمان به، ومما فطرك عليه ما تحملينه من حب وشفقة وحنان وود ورحمة وعطف قد تفوقين به الرجل، وكل ذلك لا يمثل إلا مجموعة من العواطف والمشاعر والأحاسيس التي تأخذ في مسارها السلب والإيجاب.. فمَنْ أحبت الله بذلك النهج أحبت هذا الكون الفسيح الذي يدل دلالة واضحة على المبدع والخالق سبحانه وتعالى. فهل لي أن استأذنك لأعيش معك بفكرك وخاطرك وأخاطب في سطور متواضعة روحك الشفافة الطاهرة؟؟.. مشاعر فياضة وأحاسيس مرهفة وشفافة وعالية ترجمت إلى كلمات وسطرت في صورة أشعار وكلمات نثرية رائعة.. تخطها أيد ناعمة.. ولكن للأسف في وقتنا الحاضر استغلت تلك الأقلام المبدعة في كلمات مبتذلة وأشعار غزل وحب ومعان لا تمت للثقافة والوعي بصلة.. فلِمَ لم تستغليها في استشعار حالة المسلمين اليوم أو في ابتعاد الناس عن طاعة الله وغير ذلك مما تجنين ثماره في دنياك وآخرتك.. فأين نحن من الخنساء الشاعرة العابدة التي عرفت أديبة قبل الإسلام.. ودفعت بأبنائها الأربعة بكلماتها وقدمتهم لله شهداء، وحمدت الله على استشهادهم.. قال عمر بن الخطاب للخنساء: ما أقرح مآقي عينيك؟. قالت: بكائي على السادات من مضر. قال: يا خنساء إنهم في النار. قالت ذاك أطول لعويلي عليهم. وقالت: كنت أبكي لصخر على الحياة فأنا اليوم أبكي له من النار. إن انشغال قلبك بعواطف وأحاسيس ومشاعر متألمة ومتضجرة ساخطة على قدرها يجلب لنفسك الآلام النفسية والهموم والأمراض وقد بدا الحزن مرتسما على وجهك كأنك كهلة أتعبتها السنون والأيام.. فلِمَ التسخط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره؟ هل قرأت قول ابن القيم رحمه الله (حملت القلب هموم الدنيا وأثقالها وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته. كنت كالمسافر الذي يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها، فما أسرع أن تقف به). قال جل في علاه: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}«286»سورة البقرة.