انتقل إلى رحمة الله تعالى أخي د.سلطان بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الطيار، رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته والهم أهله وذويه الصبر والسلوان، اللهم اغفر له وأرحمه وأعف عنه. الحمد لله على قضائه والشكر على نعمه لله ما أخذ ولله ما أعطى وإليه المرجع والمآل خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا فجعنا بفاجعة هزت مشاعرنا وأحاسيسنا وقصمت ظهورنا وآلمت قلوبنا وفطرت أكبادنا وأقلقت مضاجعنا. مهما سطرنا الحروف وكتبنا الكلمات وعبرنا بالأحاسيس والمشاعر لن نوفيك حقك وقدرك، كنت ناموسنا، ونبراسنا، وقدوتنا، وشمعتنا، وضياءنا، ونورنا، حبيبنا، لبيبنا، صديقنا، سندنا، أملنا ورجاءنا بعد الله، رحلت عن دنيانا ولم نهنأ بحديثك والجلوس معك، أشغلك عملك عنا، كنت تسابق وتحسب الدقائق والثواني لم ترح نفسك، ولم تهنأ بنوم أو طعام أو عيد أو إجازة أو زوجة أو تفرح بولد، نذرت نفسك لعملك وخدمة مرضاك، لم نكن نعلم أن القضاء بانتظارك، لكُنّا أرغمناك على الراحة قبل رحيلك بقرابة أسبوعين، كان وجهك شاحباً، أقول لك ارح نفسك يا أخي وخذ إجازة، وكنت تبتسم، وقد كررتها كثيراً، لم أتصل عليك في يوم من الأيام إلا وترد علي ولو كنت في ذروة عملك وتجيب على تساؤلي ولو لثواني قليلة. كنت باراً بوالديك حافظاً لكتابه مطيعاً متواضعاً دمثاً خلوقاً مبتسماً كريماً سخياً مخلصاً محقاً لا تأخذك في الحق لومة لائم حليماً عطوفاً رحيماً ودوداً طيباً راضياً مرضياً، قلوبنا مكلومة وحناجرنا مخنوقة وأكبادنا مفطورة ودموعنا منهمرة. اللهم كما حرمتنا منه في الدنيا فلا تحرمنا منه في الآخرة واجمعنا معه ووالدينا في جناتك، من يستعرض سيرتك وسلوكك في مراحل حياتك يستيقن يقيناً جازماً بأنك لست من بشر الدنيا فأنت ولد آخرة فالله اصطفاك واختارك فالله يصطفي الأخيار من خلقه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فكنت من خيرة شباب الأرض، بكتك القلوب قبل العيون وذرفت العيون دماً لفقدك. فقدك الغريب قبل القريب القاصي والداني، فقدتك الأرض التي تمشي عليها والمركب التي تقوده والمسكن الذي يؤويك وفقدتك ممرات المستشفيات وأروقة العناية المركزة وفقدتك الطيور في أوكارها والبلابل المغردة. لم أجزع من الموت، فالموت حق ومصير كل ابن أنثى وإن طالت سلامته، ومآل كل حي ولكن أجزع أن الموت خطفك منا وأنت في ريعان شبابك وفي أوج نشاطك، وفي زهوة عمرك حرمت أمك وأخواتك وإخوتك وأهلك وأصدقائك وزملائك في المهنة ومرضاك، والوسط الطبي، فأنت رمز من رموز الوطن الطبية وأسطورة لإخلاصك وتفانيك ورسالتك السامية وقامة شامخة في المثالية والإنسانية. لقد شيعك الآلاف وحزنوا لفقدك لجمال روحك ولحسن خلقك وصدق تعاملك فطوبى لمن رحل عن دنياه وترك بصمة مشرقة بعد رحيله كنت نعم الأخ الفاضل اللين الهين لين الجانب، خفيف الظل طيب المعشر بلسم قلوبنا ومداوي جروحنا وآهاتنا، لم تنجب البيض مثلك ولن تنجب ولن يكرر التاريخ، سيرتك العطرة النقية الزكية. اللهم كما أعليت منزلته في دنياك فأعلها في آخرتك وكما جعلته سلطاناً بين خلقك فاجعله سلطاناً في آخرتك، رحم الله ذاك الجسد والروح التي لا تغيب عن بالي وخاطري ورحم تلك الابتسامة التي لا تفارق محياك، ورحم الله ذاك القلب الذي وسع جميع القلوب بعطفه وإخلاصه وسهره على راحة مرضاه، اللهم ارحم من أخذتهم بجوارك واشتاقت انفسنا إليهم وذرفت دموعنا من أجلهم وتحسرت قلوبنا لفقدهم اللهم اجمعنا بهم في أعلى الجنان بكتك المدامع دماً. ما أصعب الفراق ولحظاته وما أمر ساعاته وأيامه، بكيناك بحرقة ظننا أن البكاء يرجع الأحبة، فما كان منا إلا صبرنا ودعونا أن يجمعنا بك في جنة الخلد، أعزي النفس أرقبها لعل الله يذهب الحزن، وينزل السكينة على قلب تفطر من فقد فلذة كبده وأمل روحه ويجبر قلب تحسر على فقد عضيد نادر في الخلق جنسه. فيا رب افرغ صبراً على مهجة قلب تفطر، ولا تطيل حزناً وألماً وحسرة، على قلب والدتي وألهمها صبراً وسلواناً، ويا رب أرفق بنا من فواجع الأيام، وطوارق الليالي والأزمان. أعزي نفسي بفقد سلطان، كما أعزي الخنساء بفقد صخر.. لن أبكيك شعراً، لن أبكيك نثراً، سأبكيك دعاءً، سأبكيك ترحماً، سأبكيك صدقةً.