لقد ضرب أغلب الشعراء قديماً وحديثاً أروع الأمثلة في معاني الإنسانية وأصدقها والتي تجسدت من خلال قصائدهم، ومن القصائد التي تعطينا صورة صادقة لإنسانية أحد الشعراء الكبار هي قصيدة للشاعر سالم بن تويم الدواي، والتي قالها عندما توفي عمه عوض الدواي، الذي ترك طفلاً يتيماً (اسمه جابر) وكانت أمه قد أصيبت بمرض ألزمها الفراش في ذلك الوقت، فما كان من شاعرنا إلا أن كلم أخوال الطفل ليأخذ ابن عمه ليعيش في كنفه، فأرسل الشاعر هذه القصيدة إلى ابنه محمد يقول له: (إذا كانت أم الطفل فاقدة الوعي فهات الولد، وإذا كانت واعية وتريد الطفل، فلا تجرح شعورها بأخذ ابنها) يقول الشاعر: روحوا لجابر يا محمد وشوفوه وشلون حاله عقب ما غاب واليه إن كان منضكّ من الوقت.. هاتوه أنا ذرا رأسه عن الشمس.. عطنيه وإن كان مرتاح بدثياه.. خلوه عن دمعة أمه ترجي الله وترجيه ما عقب أبوه الناس غيري تولّوه يعوض في عم توخَّى بناخيه مدام راسي حيّ خلوه وانسوه وعقبي ترى ما منكم أحد نوصّيه دامه صغير السِّن بالله برّوه لين الولي عن منّة الناس يغنيه واسمع ترى قطع بالأرحام مكروه تراك في دستور الإسلام توحيه أقول قول قبلي الناس قالوه: من لا يسرَّك حي.. لاعاد ترجيه! وإلى اللقاء مع شاعر آخر وقصيدة أخرى