يذكر البروفيسور عثمان العامر في مقالٍ له نُشر يوم الاثنين 14 من جمادى الآخرة 1427ه في زاويته الحبر الأخضر معاناة القبول للطلاب في الجامعات والكليات، والمعاناة الأكبر للمسؤولين في تلك الجامعات والكليات حيث الإحراجات من قبل أولياء أمور الطلاب لأولئك المسؤولين لدرجة أنهم يغيرون من نمط حياتهم للتهرب من الناس والضغوط اللامنتهية والممتدة حتى إلى حياتهم الشخصية. القبول في الجامعة هو تحديد مستقبل وبوابة رزق ومكانة اجتماعية ولذلك فإن الحرص على الحصول على مقعد جامعي هو أمر مصيري وقد يدفع ولي أمر الطالب وذويه إلى فعل مالا يمكن أن يصدق حتى لو وصل الأمر إلى إحراج الآخرين ومضايقتهم في حياتهم الخاصة وإيقاع أشد الإحراج عليهم وذلك كله في سبيل ذلك المقعد. تضيق فرص القبول عاماً بعد عام لعدم ازدياد المقاعد الجامعية في المعدل المتزامن مع ارتفاع عدد الطلاب والطالبات لسنوات طويلة بالإضافة إلى ارتفاع عدد الطلاب والطالبات الحاصلين على نسب عالية في الثانوية العامة كل ذلك أدى إلى جعل الفرص ضيقة وسنة بعد سنة تزداد ضيقاً. كثرة الاختبارات في الفترة ما بعد الثانوية العامة لتحديد القبول هو الآخر يؤدي إلى تضييق الفرص ولا لوم على الجامعات والكليات إذ إن ذلك هو الحل الوحيد لمحاولة الاختيارالصحيحة وتقليص الأعداد إلى أقل عدد ممكن من كل ذلك العدد الهائل من الطلاب والطالبات واختيار الأجدر والأمثل والأفضل. إن التشكيك في عدم وجود المصداقية والشفافية في نتائج القبول باعتقادي أنها هي السبب الرئيس في الضغط على الجامعات والكليات ومن يعمل فيها ومن هو مسؤول مباشر أو غير مباشر أو مَنْ ليس له علاقة نهائياً ولكنه فقط يعرف أحداً منهم؛ فعندما يعتقد الجميع أن هناك طريقاً سهلاً ومختصراً وفعالاً وقد يضمن مقعداً فلن يتوانى أحد لطرق تلك الأبواب ومهما كان الثمن.. المسؤولون عن القبول والتسجيل يتحملون جزءاً كبيراً من تلك المشكلة، فعدم وجود الشفافية والوضوح في نتائج القبول يبعث الشك لدى المتقدمين وذويهم ويدفع بهم للبحث عن الطرق الأخرى التي قد تؤدي إلى ما ذكره البروفيسور عثمان في مقاله من ضغوط شديدة على أولئك المسؤولين. يجب أن تُوجد حلول جذرية لمشكلة القبول في الجامعات والكليات على نطاق واسع وعلى مستوى المملكة، فالطالب الذي يتقدم إلى جامعة ما أو كلية ما، لا يحق له التقدم إلى أخرى لأن أوراقه بكل بساطة تُحجز في الأولى وقد تضيع عليه فرصاً أخرى كان من الأولى أن تكون من نصيبه، على أن التقديم عن طريق الإنترنت قد يحل شيئاً من ذلك، ولهذا فإنه من الضرورة في مكان أن ينشأ مركز موحد للقبول والتسجيل يشرف على عملية القبول في جميع الجامعات والكليات في المملكة ويتم توزيع الطلاب والطالبات على حسب الرغبات والاحتياجات، فالطالب أو الطالبة يتقدم بطلبه إلى المركز وليس إلى الجامعة أو الكلية وبذلك يضمن الطالب أو الطالبة أنه سيحصل على فرصته بالعدل والتساوي.. وللدول الأخرى تجارب لمثل هذا قد تكون مفيدة ومجدية ونبدأ من حيث انتهى الآخرون. تحاول وزارة التربية والتعليم من تقليص المعدلات العالية للطلاب والطالبات في الثانوية العامة فهي تعلم تماماً أن الطالب أو الطالبة قد حصل على نسبة عالية في الفصل الأول في المرحلة الثانية لأن الأسئلة كتبت من قبل مدرس المادة مباشرة والتصحيح منه كذلك، ولهذا فهي تحاول أن تضع أسئلة الفصل الثاني وتزيد من صعوبتها قدر الإمكان لكي تنزل النسب وتتدنى المعدلات إلى حد يمكن أن يحد من الحاصلين على درجات عالية والذين يحق لهم جميعاً تقديم طلبهم للحصول على مقعد جامعي وذلك لتخفيف الضغط على الجامعات والكليات والتحكم في عملية القبول قدر الإمكان.. وأعتقد أنه بإمكان الوزارة أن تكون أكثر عدلاً وتضع أسئلة الفصلين الأول والثاني ويحصل الطلاب والطالبات على نفس الفرص وبالعدل أيضاً. تستطيع الجامعات والكليات قبول كل مَنْ تنطبق عليه الشروط دون أي اختبارات أو مقابلات أو خلافه وتدريس الجميع في السنة الجامعية الأولى خصوصاً في التخصصات الأدبية التي يبذل فيها المحاضر لإلقاء محاضرة ما على طالبين نفس الجهد لإلقائها لمئات الطلاب ومحاولة إبقاء الأصلح من خلال الاختبارات الصارمة والتدريس الجاد، وبهذه الطريقة فإن الجميع يأخذ نفس الفرصة ويخرج من يخرج من الجامعة أو الكلية وهو مؤمن تماماً أن ليس له مكان فيها وقد أخذ فرصته كاملة وأن من تحقق له البقاء في الداخل من الطلاب هو أفضل منه وأجدر وقد حقق شيئاً لم يستطع هو أن يحققه، وليس سبب بقائه أنه استطاع الحصول على واسطة وهو ذلك المسكين الذي لم يستطع.. بالإضافة إلى أن هذا الطالب قد تم استيعابه في الجامعة بدلاً من رميه في الشارع وذلك بإعطائه فرصته لإثبات جدارته. تستطيع الجمعيات الخيرية أن تساهم في الحد من ضيق فرص القبول في الجامعات والكليات خصوصاً تلك التي تملك نظام التعليم الموازي بالأجر كما هو موجود في الدول المتقدمة وذلك بإعطاء منح دراسية لأصحاب الظروف الخاصة التي تتم بطريقة مقننة وميسرة للجميع ويكون لتلك المؤسسات الخيرية مقاعد تجبر عليها كل عام لمنحها عدداً من الطلاب والطالبات في كل عام استثماراً منها لطاقات الوطن. قد يأتي ذلك اليوم الذي يتقدم به الطالب إلى الجامعة أو الكلية وكله قناعة أن الواسطة ليس لها دور أو مكان ويرضى بأي نتيجة يحصل عليها ولكنني أعتقد أن ذلك لن يحصل حتى يثبت العكس، وحتى يثبت العكس فإنه سيحتاج إلى وقت طويل وسيبقى المسؤولون في معاناتهم إلى حين ذلك الوقت.