المتردد هو ذلك الشخص الذي يفشل في اتخاذ القرار وإلى إبطائه إلى درجة ضياع وقته وفوات اوانه، أي عدم القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وبالتالي الفشل في التقدم لتحقيق الهدف والغاية المرجوّة، نتيجة لعدم استغلال الفرص بسبب ذلك التردد، وهذا بالطبع له أسباب مختلفة وعديدة من أهمها وأبرزها هو عدم اعتماد القلب على الله تعالى في تحقيق المصالح ودفع المضار الدنيوية والأخروية، أي عدم التّوكّل على الله وفقدان الثّقة بما عنده جلّ وعلا، مع الأخذ بالأسباب، وهذا نابعٌ من ضعف الإيمان بالله، ولقد أمرنا الله سبحانه بالتوكّل عليه في كل الأمور، قال تعالى في كتابه الكريم: (وتوكّل على الحيّ الذي لا يموت) وقال جل من قائل: (وعلى الله فليتوكّل المؤمنون)، وقال تعالى: (فأعرض عنهم وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلا)، وبيّن سبحانه وتعالى أن المتوكلين عليه ينالون محبته فقال عز من قائل: (إنّ الله يُحبُ المتوكّلين)، والآيات كثيرة في الحث على التوكل على الله في عدة مواضع، وقد أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالتوكّل على الله مع الأخذ بالأسباب الدنيوية، كما جاء في حديث أنس ابن مالك أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: يارسول الله أعقلها وأتوكل، أو أطْلِقها- يعني ناقته- فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إِعقِلها وتوكّل"، ومن أسباب التردّد أيضاً عدم الثّقة بالنّفس وعدم الاعتماد على الذات، وغياب الرغبة الحقيقيّة في الوصول إلى الأهداف المرسومة وتحقيق الغايات المطلوبة، مما يعزّز الشعور بالعجز وفقدان الأمل والقدرة على اقتناص تلك الفرص التي تحتاج إلى القرار السريع والمناسب في الزمن والمكان المناسبين، لتحقيق الأهداف المرسومة والغايات المطلوبة، وهناك أيضاً أسباب نفسية واضطرابات شخصيّة وسلوكيّة تساهم في وقوع التردّد، ترجع إلى الخوف والحذر المبالغ فيهما من الوقوع في الخطأ، والحرص الزائد عن الحد الطبيعي، والاهتمام بمعرفة أدق التفاصيل غير المهمة من أجل أن يتم اتخاذ القرار، والتي قد لا تتوافر في أغلب الأحيان، وكذلك من أسباب التردّد: الخوف من الفشل أو الخوف من حدوث نتيجة معاكسة لما تم توقّعه ولما تم تصوّر حدوثه، وهذا بالطبع يؤثّر في نفسية الشخص وعلى قدرته على الإقدام وعلى اتخاذ القرار، وبالتالي ضياع المصالح وغياب الأهداف، وللتغلّب على التردّد الزائد عن الحد المألوف يجب على الشخص أن يضع في حسبانه أمام عينيه عدّة أمور من أهمّها: أولاً: التوكّل على الله وإحسان الظنّ به والإيمان بقضائه وقدره، مع الأخذ بالأسباب، وأن تعلم بأنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك كما ورد في الحديث الطويل الذي رواه الإمام أحمد، ثانياً: رسم الأهداف المراد تحقيقها بوضوح، ووضع الخطط المستقبليّة لحياتك وكذلك إيجاد الخطط البديلة لكل قرار ترغب في اتخاذه، وذلك سيساعدك في ثقتك بنفسك وعلى الإقدام على اتخاذ القرار بكل عزيمة وبدون تردد، حرصاً على تحقيق تلك الأهداف، ثالثاً: صلاة الاستخارة والدّعاء الوارد فيها واعلم بأن ما سوف تتخذه من قرار فهو خير لك من الله، رابعاً: ربِّ نفسك وعوّدها ودرّبها على الرضا والقبول وعدم النّدم على أي قرارٍ تتخذه أو أمرٍ أقدمت عليه، وهذا مما سيُذهب التردّد عنك ومما يشجعك في المستقبل على الإقدام والثّقة بالنّفس، خامساً: لا تخشى من الفشل أو الخسارة أو الوقوع في الخطأ، لأنه لا يوجد شخص يتعلّم بدون أن يقع في الخطأ والخسارة أو بدون أن يفشل مراراً ويتعلّم من أخطائه ومن خسارته وفشله، وقم بتوظيف أخطائك وفشلك وخسارتك في تلافي وقوعها مستقبلاً لتساعدك على عدم التردّد وتشجّعك على اتخاذ القرار بثقة وعزيمة، سادساً وأخيراً: ابنِ الثّقة في قلبك ونفسك، ونمّها ودرّبها على ذلك، واترك العجز والضعف والاعتماد على الغير، فكلّما أحسست بالثّقة في نفسك وفي قدراتك على اتخاذ القرار، فإن ذلك سيذهب عنك التردّد ويقوّي عزيمتك وإقدامك.