للعرب مآثر حميدة سجلوا فيها أروع المواقف، وتناقلت الألسن عربيها وعجميها قصصاً خالدة تتغنى بتلك المكارم، وتوردها أمثالاً راقية كلما جاء ذكر أو حدث يستحق التنويه، فيكون تأكيده والحث على أمثاله من خلال سرد الروايات عن مواقف رجولية تنم عن سجايا عربية أصيلة. لو أخذنا مثلاً واحداً من هذه الممارسات لأجدادنا العرب كالكرم وحاولنا مقارنة ما كانوا يفعلون، وما نفعله الآن في هذا الشأن، لوجدنا فرقاً في الفهم يملي علينا فروقات متعددة في الأفعال، فالعربي كان يفسر الكرم ليس بتقديم الزاد للضيف، أو عابر دياره وأراضيه فقط، بل يتعدى ذلك إلى كرم الوجه والنفس بحسن الاستقبال والبشاشة ولطيف الكلام والترحاب السخي، ثم يتبعه بسخاء الجود والمال قدر المستطاع، والضيف في هذه الحالة يهمه من مضيفه بوادر الاستقبال وخصب المحيا، قبل أن يتخيل ما سيقدم على مائدته من طعام، فهذا آخر قائمة التفكير. الصورة في عالمنا أو بعض عالمنا الحاضر، وإن شئتم فلنحدد حدوداً جغرافية لينطبق الوصف، ففي بعض مناطقنا لا يكتمل الكرم إلاّ بسفك دماء الخراف، وليكن ما يكون بعد ذلك بلحومها وشحومها.. المهم الكرم ودرء العيب الاجتماعي. لكننا ننسى كثيراً أن الكرم يكون أيضاً بالصدق واحترام المواعيد والوفاء والبشاشة الصادقة للصغير وتوقير الشيخ المسن، واحترام عقلية الطفل.. وقائمة طويلة نعرفها جميعاً، لكن المهم التطبيق.. قالت العرب: فما الخصب للأضياف أن يكثر القرى