رغم موجة الفضائيات الإعلامية الجارفة، وتعدد مشاربها وأنماطها وتوجهاتها، ورغم بروز ظاهرة الإعلام الإسلامي الفضائي الذي أخذ يبحث عن موقعه في هذا العالم مؤخراً، تظل الهوية الإعلامية لكثير من المشاهدين غائبة أو ضبابية الملامح، على الأقل، فتواجد القنوات الإسلامية ما زال محدوداً من حيث العدد، ومن حيث القدرة على التفاعل، وقوة الطرح، والمنهجية المهنية، وتلبية طموحات المشاهد والقدرة على الجذب بصورة منافسة، وإذا استثنينا بضع قنوات تبث برامجها من منطلق تربوي رسالي هادف يرمي إلى ترسيخ أسس العقيدة والتوجه السليم للمجتمع المسلم، فلن نجد حضوراً معتبراً للإعلام الفضائي الإسلامي بالمفهوم الدقيق، وحتى هذا التواجد الخجول لبعض الفضائيات المحسوبة على التوجه الديني، لا يفي بحاجة المشاهد ولا يلبي الطموح وسط زحمة البث المباشر الذي تتجدد قنواته وتتنوع بين اليوم والليلة، وفي هذه الظروف نجد الفضائيات القليلة جداً الهادفة إلى إرساء قاعدة إعلامية نظيفة تناسب هوية المجتمع المسلم، وتسعى إلى تحقيق رغباته، نجدها تنافح وتكافح علها تجد لنفسها موطئ قدم وسط الزحام. القصور واضح، والطموح أكبر بكثير من الواقع، والأمل واسع في أن تستجد أمور تدفع بالمزيد من المحطات التي تعمل لتلبية حاجة الأسرة المحافظة والمجتمع المسلم الباحث عن أسس عقيدته، ومنابع حضارته، وتاريخ ثقافته، ومنهج حياته، في الوقت الذي تتدفق فيه الفضائيات الغنائية كالمطر حتى لا يكاد المرء يحصيها أو يتابعها، ترى أين تكمن إشكالية الإعلام الفضائي الإسلامي؟ ألا يوجد فكر إسلامي ناضج صالح لهذا الزمان ولهذه الأمة؟ هل يعود القصور إلى التخوف من اقتحام هذا المجال؟ هل يخشى البعض أن توصم مثل هذه الفضائيات بالإرهاب إذا عملت علناً على تغذية المجتمع المسلم بأسس عقيدته؟ أين مكمن الخلل؟ مع العلم أن هناك نشاطاً دعوياً مكثفاً عبر مختلف المنابر؛ مما يؤكد وجود الكوادر والكفاءات العلمية، ووجود المخزون العلمي الغزير، إضافة إلى رغبة العامة، وخصوصاً الشباب في تعلم أمور دينهم، وهم يبحثون عبر الفضائيات عن كل ما هو مفيد في هذا الجانب. متى تستطيع الفضائيات الإسلامية أن تضطلع بدور فاعل وبقوة ومنهجية إعلامية حتى تؤدي رسالتها كاملة في ظل التدفق الإعلامي الكثيف الذي لا يحسب لصالح هذا التوجه بحال من الأحوال؟