قبل أكثر من ربع قرن كان حلماً يراود قادة الخليج العربية أن يكون لهذه الدول كيان موحد من التعاون في شتى المجالات بما يعود بالنفع على شعوب دولهم ويكون نواة لوحدة خليجية، خصوصاً أن عناصر تحقيق هذا الحلم وتحويله إلى حقيقة موجودة، وهي وحدة اللغة، والدين، والنظم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، حتى كان يوم 25 مايو 1981م يوماً مشهوداً أطلق فيه القادة الخليجيون صاروخ الإرادة الخليجية في سماء الأمة العربية معلنين للعالم أجمع أن إرادتهم اجتمعت على إنشاء مجلس للتعاون بين دول الخليج الست، فجاء كياناً عملاقاً منذ مولده يسير بسرعة 25 عاماً في السنة الواحدة، وهو ما يفسر تلك النجاحات المتعددة على كافة الأصعدة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والتعليمية، والثقافية، والصحية، والإعلامية، تحقيقاً لأهداف المجلس التي تضمنها النظام الأساسي، والتي من أهمها: تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها. وفي تقديري أن مجلس التعاون الخليجي ضرب المثل التطبيقي الواقعي العقلاني في كيفية تحقيق الوحدة بين الدول والشعوب، وذلك بتهيئة المناخ المناسب أولاً لهذه الوحدة بالتنسيق والتعاون في شتى الميادين، وهو الدور الذي يضطلع به المجلس بكل كفاءة واقتدار، وتعقد من أجله قمة سنوية وأخرى تشاورية لمتابعة ما تمَّ إنجازه خلال السنة الماضية، والاتفاق على خطوات السنة التالية. وفي هذه المناسبة، يسعد ذوي الاحتياجات الخاصة، والقائمين على أمور تربيتهم وتعليمهم ورعايتهم، أن يرفعوا إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي أخلص التهاني وأطيب الأماني بما حققه المجلس من إنجازات ونجاحات على مدى خمسة وعشرين عاما، الأمر الذي هيأ مناخاً مناسباً لنجاح مسيرة ذوي الاحتياجات الخاصة في دول المجلس من خلال ما تمَّ بين الجهات الراعية لهذه الفئة الغالية من لقاءات ونشاطات مشتركة، كان من بينها: * برنامج مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية الخاصة في جامعة الخليج الذي يُعد صرحاً علمياً شامخاً، يعمل على تخريج كوادر بشرية متخصصة في مجال تربية وتعليم ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة على مستوى دول الخليج. * والجمعية الخليجية للإعاقة التي أصبحت دوحة وارفة يستظل فيها المعوقون وذووهم، والعاملون معهم بدول الخليج. * ونقل تجربة المملكة العربية السعودية إلى دول المجلس في مجال تطبيق أحدث الأساليب التربوية وفي مقدمتها أسلوب (دمج الأطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في مدارس التعليم العام). وقد ساعد هذا المناخ المفعم بالنجاحات على إعطاء مزيد من العناية، ودفعات من الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة في دول المجلس، تمثَّلت في إصدار تشريعات وقوانين تحفظ لهؤلاء المعوقين حقوقهم، وسبل رعايتهم في المجالات الصحية، والتربوية والتعليمية، والتدريبية والتأهيلية، والتوظيفية، والاجتماعية، والثقافية والرياضية، والإعلامية، إلى جانب الخدمات التكميلية، وتطويع التقنيات الحديثة لصالح المعوقين في هذه الدول، وما زلنا نطمح إلى المزيد من إيجاد آليات لتفعيل تلك القوانين والأنظمة، والعمل على زيادة الخدمات المقدمة لهؤلاء المعوقين كماً ونوعاً. وبعد.. فإننا نشعر أن ما حققه مجلس التعاون من نجاحات، انعكس إيجاباً على قضايا المعوقين، ولهذا فالدعاء الخالص منا جميعاً إلى الله أن يوفق قادة دول المجلس والقائمين عليه ليحققوا مزيداً من النجاح من أجل تقدم ورفاهية شعوب هذه الدول بوجه عام، وذوي الاحتياجات الخاصة بوجه خاص.