قضية المرأة هي الشغل الشاغل هذه الأيام للجميع، ولا تفتح أي قناة إلا يكون الحديث عنها وعن كيفية تطورها وصقلها، ولا تقرأ أي مجلة أو جريدة إلا ويعولون على دور المرأة في مقالاتهم.. فهناك آراء تريد تطويرها، وهناك أشخاص يريدون تعظيمها، وهناك من يريدون نبذها ورفضها، وهناك من يطالبون بتكفيرها، ومن يدَّعون بتحريرها. فهناك كاتب للمرأة.. وهناك كاتب متعاطف معها، وهناك كاتب متعارف عليه أنه عدو للمرأة. فقضية المرأة تشغل الجميع، الكل يتحدث عن حقوق المرأة وواجباتها، وعن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، كأن في الماضي لم تكن هناك امرأة في الوجود واستفقنا ذات يوم ووجدنا ذلك المخلوق الذي يسمى امرأة واحتاروا فيها. وكأن سيدتنا حواء أوجدها الله الآن، والآن يكتشفون وجودها ليعرفوا كيف يتعامل مع هذا الكائن الغامض، هل هي من الحيوانات الأليفة أم من الحيوانات الشرسة. وفي الإعلام ترى وكأن هناك حفلة والعدد لم يكتمل للمدعوين، لذلك تجلب أي امرأة لشغل المقاعد الفارغة. وهذا خطر كبير؛ لأنه قد يكون هناك إساءة للمرأة من المرأة نفسها دون قصد؛ لأن لعبة الأضواء والكاميرات محببة للجميع، وقد تدخلها نساء لا ناقة لهن ولا جمل، وهنا يكون المنزلق الخطير. ويجب أن يكون ظهور المرأة لكفاءتها وقدرتها، ولا تظهر للعب بها كدمية.. دعوا المجتمع يتطور بنفسه بهويته ومعتقداته. ولماذا نكون مسكونين في هذه الفترة بتطوير المرأة، وننسى تطوير الرجل، ولنا أمثلة في تاريخنا الإسلامي: فالسيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بالمنظار الحضاري سيدة أعمال وسيدة مجتمع ومساندة ومؤيدة لأفكار زوجها ومدافعة عن أفكاره ومعتقداته وأماً لأولاده. لم يغفلها دور عن دور، وهذا من نسيج شخصيتها. ونرى بعد وفاتها عليها السلام أم المؤمنين السيدة عائشة كانت بارعة في حفظ الأحاديث، وقد تتلمذ على يديها رجال من أكابر الفقه والأحاديث. وهذا نسيج من شخصيتها وكان لديها ملكة الحفظ. وهناك زوجات للنبي مثَّلن الشخصية النسائية كزوجة للنبي ژ. وهنا نرى عظمة الرسول ژ؛ فهو لم يفصل ويطلب من الجميع أن يكنَّ خديجة بنت خويلد، ولكن نظر إلى كل واحدة منهن على حدة على حسب إمكانياتها وشخصيتها وقدراتها.. وهو المطلوب، وهذا ما نحتاجه الآن تحديداً.