قالت دراسة اقتصادية حديثة إنه على الرغم من فترات التصحيح الكبيرة في أسواق الأوراق المالية فقد ظل أداء الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي منتعشاً في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2006م على خلفية الارتفاع القياسي في أسعار النفط الخام وانخفاض معدلات الفائدة الحقيقية واستمرار النمو بمعدلات سريعة في الائتمان للقطاع الخاص، وقالت الدراسة التي أعدها هاني جنينة المحلل الاقتصادي الأول بقسم البحوث بالمجموعة المالية هيرميس: إن الإنفاق على الاستهلاك الشخصي بدول مجلس التعاون الخليجى قد يتباطأ في النصف الثاني من عام 2006م نتيجة الآثار السلبية للثروة ولكن دون أن يؤثر على النمو بصفة عامة في عام 2006م ومن المحتمل أن ترتفع التوقعات بالنسبة لميزان المدفوعات والناتج المحلي الإجمالي لتعكس الارتفاع الهائل في أسعار النفط الخام. وأشارت الدراسة إلى أنه في المملكة العربية السعودية شهد نمو الائتمان للقطاع الخاص على أساس سنوي - وهو مقياس قوي للسيولة والطلب المحلي - تباطؤاً في مارس 2006م ليبلغ 31.7% منخفضاً من 38% في نهاية عام 2005م وذلك نتيجة تشديد القواعد المنظمة للائتمان الممنوح للأفراد في ديسمبر 2005م، ومن المحتمل أن يؤدي التصحيح الكبير في سوق الأوراق المالية السعودية إلى تقييد الطلب على الائتمان خاصة مع استمرار ارتفاع معدلات الفائدة في الولاياتالمتحدة ومع ذلك فقد أدت الأسعار القياسية وزيادة مستويات الإنتاج للنفط إلى تعزيز تدفقات ميزان المدفوعات على نحو ما دل عليه ارتفاع صافي الأصول الأجنبية إلى 182 مليار دولار أمريكي حتى مارس 2005م وقد أعلن وزير المالية السعودي أن أسعار النفط ستظل مرتفعة في الأجل المتوسط كما أعلن أن السعودية سوف تتمكن من الوفاء ب50% من الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي حتى عام 2010م، وفيما نعتقد بأنه خطوة إيجابية فقد أعلن الوزير نعيمي أن السعودية سوف تطلق سوقاً ماليةً إقليمية في الرياض على غرارDIFC وQIFC، كما أعلنت الحكومة السعودية مؤخراً أنها ستقوم بخصخصة 50% من شركة معادن للتعدين بنهاية عام 2006م. وفي الإمارات العربية المتحدة تشير آخر البيانات المتاحة إلى ارتفاع نمو الائتمان للقطاع الخاص بمعدلات سريعة على أساس سنوي في نوفمبر 2005م لتبلغ 44% وذلك قبل بلوغ مرحلة الذروة في أسواق الأوراق المالية وقد دفع تسارع نمو الائتمان المحلى بنمو السيولة لتبلغ 30.6% في نوفمبر 2005 (ويتسق تقريباً مع توقعاتنا التي كانت 30.5% لنهاية عام 2005م) وعلى الرغم من قلة البيانات عن نمو القروض إلا أن نتائج بعض البنوك المتداولة أشارت إلى ارتفاع الطلب على القروض حتى مارس 2006م، وعلى أساس سنوي ومع استبعاد آثار الطرح الأولى لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (DU) فقد ارتفعت القروض في بنك دبي الوطني وبنك أبو ظبي وبنك الاتحاد الوطني وبنك رأس الخيمة بنسبة 80% - 55% - 74% -41% على التوالي وذلك نتيجة النمو القوي للقروض الشخصية في شكل رهونات عقارية وقروض شراء سيارات وكروت الائتمان، ومن المتوقع أن تكون معدلات التضخم قد جاءت حسب توقعاتنا وهي 6.3% وقد أعلنت وزيرة الاقتصاد في دولة الإمارات الشيخة لبنى مؤخراً أن ارتفاع التضخم يزيد بفعل ضعف الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار مواد البناء كما أعلنت معالي الوزيرة أن الحكومة ستظل متيقظة لاحتواء الضغوط التضخمية بواسطة الضوابط التنظيمية. وفي الكويت أشارت الدراسة إلى أن هناك مؤشرات على ارتفاع النمو، فقد ارتفعت القروض - حتى مارس 2006م - بمعدلات سريعة وبلغت 23% على الرغم من فرض معدل للقروض إلى الودائع بنسبة 80% في منتصف عام 2004م وبالتالى فقد زادت معدلات التخضم سريعاً وبلغت 4.4% حتى نهاية عام 2005م، وعلى صعيد إيجابي فقد أعلنت الكويت مؤخرا عن إستراتيجية للخصخصة لتعزيز الطاقات الإنتاجية للمحروقات على الأجل المتوسط، وطبقاً لمسؤول كبير في قطاع النفط فإن الكويت ستقوم بخصخصة جزء من صناعة النفط وسوف تحتاج إلى ضخ 64 مليار دولار أمريكي على أقل تقدير لتطوير هذا القطاع إلا أن المشهد السياسي في الكويت يظل مشوباً بالتوتر بعد أن قدم وزير الإعلام استقالته في 6 مايو 2006م عقب تأييد الحكومة لزيادة عدد المقاعد البرلمانية من 50- 60 في حركة قد تؤدي إلى انتخاب برلمانيين موالين للحكومة وذلك في الانتخابات البرلمانية القادمة. أما قطر فقد حققت أعلى معدلات للائتمان مقارنة بكل دول مجلس التعاون الخليجي حتى نهاية عام 2005م، فقد ار تفع معدل نمو الائتمان بنسبة 63% نتيجة الانتعاش الكبير في سوق الأوراق المالية إلى جانب الطلب القوي على الاستثمار قبل المباريات الأسيوية، وتشير الشواهد المتفرقة إلى الارتفاع في أسعار العقارات بمعدلات سريعة نتيجة الطلب المحلي القوي الذي يعززه تدفقات المغتربين وهذا يفسر ارتفاع التضخم إلى 8.8% في ديسمبر 2005م وهو أعلى كثيراً عن المتوسط السائد في دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أعلنت المزيد من الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي عن الانتقال إلى (QFC). وفي عمان تشير التقديرات إلى أن الميزانية - التي عانت سابقاً من العجز - قد حققت أعلى فائض لها في عام 2005م فقد بلغ الفائض 2.9 مليار دولار أمريكي في الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2005م مقارنةً ب 1.2 مليار دولار أمريكي في نفس الفترة من عام 2004م على الرغم من الارتفاع المستمر في المصروفات، كما أن الضغوط الانكماشية تتزايد مع ارتفاع معدلات التضخم حسب مؤشر أسعار المستهلكين الذي بلغ 3.1% في فبراير 2006م، ومن المثير للانتباه أن وزير النفط العماني محمد الرمحي قد أعلن مؤخراً أن عمان سوف تستثمر 10 مليارات دولار أمريكي في غضون خمس سنوات لتعزيز الإنتاج النفطي وزيادته من حوالي 750 ألف برميل يومياً إلى 900 ألف برميل يومياً ومضاعفة إنتاج الغاز إلى 70-80 مليون قدم مكعب يومياً بحلول عام 2010-2011م وبذلك تكون عمان هي آخر دولة في مجلس التعاون الخليجي التي تعلن عن خطط توسيع كبرى في قطاع المحروقات.