بالأمس القريب ودّعت بلدة (العب) بمنطقة الحمادة رجلاً من أخلص الرجال العصاميين، الذين غرسوا فوق أرضها أشجار عطاء لا تموت ولا تذبل .. ذلكم هو الشيخ حمود بن عبدالله السنيدي، تغمّده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته. لقد ضرب الرجل في حياته أروع الأمثلة في العطاء، وترك بصمة جليّة في منطقة (حاجر الشيح) الواقعة قرب أشيقر قبل انتقاله إلى (العب) التي تبعد عنها بضع كيلو مترات، ليصنع فيها ملحمة أخرى من الكفاح، ويضرب للأجيال الجديدة مثلاً فريداً لقدرة إنسان المملكة على التحدي ومجابهة أشد الصعاب. ولقد عرفت الفقيد عن قرب، فكان الرجل العصامي، الذي بدأ حياته العملية من تحت الصفر، حتى أصبح بجهده وعرقه الغزير رقماً كبيراً بين أوراق (البنكنوت) البشرية! كانت قسماته السمحة تجذب إليه قلوب الناس ممزوجة بالبشر والطيبة .. عشق الزراعة أيّما عشق، وكأنِّي به يقول (لن يكون قرارك من رأسك، إلاّ إذا كان غذاؤك من فأسك) .. وما كان ذلك مستغرباً من الرجل الذي أخلص العطاء لخدمة سلّة الغذاء بالمملكة من القمح والتمور والخضراوات التي تأخذ طريقها إلى الرياض. لقد غاب عنا بجسده، لكن حسبي أنّ اسمه الكريم، وسيرته العطرة، سوف يبقيان شاهداً لعطائه السخي، وقدوة حسنة للأجيال في مجال العمل الإبداعي .. كما سيظل - هو وأمثاله من أبناء الوطن الأوفياء - أشجاراً أصيلة، تزخر بالثمار والأزهار.