تظل رائحة الفم الكريهة مؤشراً ليس فقط على عارض صحي وإنما يتعدى ذلك إلى كون الأمر مشكلة اجتماعية بحكم أنها تزعج الآخرين وخاصة الزوج والزوجة؛ إذ تؤثر في سير حياتهما، وتقلل من العلاقة الحميمة التي تربطهما. ولتسليط الضوء على هذا الموضوع وعلاجه والتخلص منه التقينا الدكتور سلطان المبارك استشاري أمراض وجراحة اللثة ورئيس قسم طب الأسنان في مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية، فكان اللقاء التالي: * في البداية نودّ أن تعطينا نبذة عن هذا المرض وتداعياته وآثاره. لو رجعنا إلى التاريخ لوجدنا أهمية هذا الموضوع؛ ففي العصر الفرعوني كانت هناك قوانين في دستورهم تعطي الحق لأحد الزوجين بالطلاق إذا ثبت فعلا وجود رائحة فم كريهة من أحدهما يتضرر منها الآخر، وهذا يؤكد وجود طرح لهذه المشكلة منذ سالف الزمان. ويتطلب علاج هذه المشكلة تشخيصها والبحث عن أسبابها أولاً كجميع الأمراض الأخرى؛ إذ إن التشخيص الصحيح يؤدي إلى العلاج المناسب. وبشكل عام تشكل منطقة الفم - بحسب الأبحاث الحديثة - ما يقارب أكثر من 90% من المناطق المسببة للروائح الكريهة، تليها بنسبة أقل كثيراً إفرازات عصارات المعدة، ثم تأتي بدرجة أقل التهابات الجيوب الأنفية، وهكذا يتبين لنا مما سبق أهمية فحص منطقة الفم والبحث فيها أولاً عن أسباب هذه المشكلة ثم علاجها. ومن المهم القول إن رائحة الفم الكريهة غالباً لا تعرف من قبل الشخص المصاب بها بل من قبل الأشخاص المحيطين به الذين - مع الأسف - غالبا لا يقومون بمصارحته بهذه المشكلة؛ تجنباً للحرج الاجتماعي؛ مما قد يسبب مشكلات اجتماعية ونفسية للشخص المصاب. ومن الجدير ذكره أيضاً أن هذه المشكلة قد أدت ببعض المصابين بها إلى ظهور أعراض نفسية سلبية أدت ببعضهم إلى الانتحار؛ إذ إن هناك عدداً من حالات الانتحار المسجلة في بعض الدول المتقدمة (التي حرمت من نعمة الإسلام) كأمريكا واليابان نتيجة هذه المشكلة. ويلاحظ الآن زيادة هذه المشكلة على المستوى العالمي وكذلك المحلي؛ ما استدعى وجود بعض التخصصات العلمية في طب الأسنان التي تتطرق إلى هذه المشكلة Halitosis . * وما أسباب خروج الرائحة الكريهة من الفم؟! - إن خروج هذه الرائحة من الفم يكون غالباً لأحد الأسباب التالية منفردة أو مشتركة: - إهمال تنظيف الأسنان بالفرشاة أو بالسواك. - تنظيف الأسنان بالفرشاة أو السواك بطريقة غير صحيحة. - عدم تنظيف الأسطح الجانبية للأسنان (ما بين الأسنان) بالخيط السني. - عدم تنظيف اللسان وخصوصاً الثلث الخلفي منه. - التهابات اللثة وجفاف الفم. - الجيوب اللثوية العميقة. - تسوس الأسنان. - التدخين. - بعض الأمراض العامة التي يتم إهمال معالجتها كالسكري. * وماذا عن العلاج المناسب والكفيل بالقضاء على هذه المشكلة؟! - أولى مراحل علاج رائحة الفم الكريهة هو تنظيف الأسنان ثلاث مرات يومياً بالطريقة الصحيحة، وذلك بما يضمن تنظيف أسطحها كلها مع مراعاة إدخال أطراف الفرشاة أو السواك في منطقة الجيوب اللثوية لتنظيفها من أي بقايا طعامية. هذا ويعتبر تنظيف اللسان بالفرشاة أو السواك مهم جداً لضمان التنظيف الكامل للبقايا الطعامية؛ لذلك يجب على المرضى المصابين بالتهابات اللثة المتقدمة والمترافقة مع إهمال تنظيف الأسنان لفترة أكثر من ثلاثة أسابيع مراجعة عيادة الأسنان؛ وذلك لعدم فاعلية الفرشاة أو السواك في إخراج بقايا فضلات الطعام حيث تكون قد تصلبت ونتج عنها ما يسمى الجير أو القلح والذي يستلزم إزالته باستخدام أدوات خاصة غير متوافرة إلا في عيادات الأسنان، وخصوصا إخصائية صحة الفم والأسنان لمتابعتها بشكل فعال حتى تسترجع الأسنان واللثة عافيتهما. وأعتقد أن التعود على استخدام السواك بالطريقة الصحيحة لتنظيف الأسنان واللسان إضافة إلى التنظيف اليومي بالفرشاة وخيوط الأسنان يساعد بشكل كبير على التقليل من هذه المشكلة إن وجدت، وفي ذلك اتباع سنة ومضاعفة للأجر إن شاء الله.