ذات صباح.. ودون إحساس بوجع ولا شكوى لفظ أنفاسه الأخيرة.. توسد سريره معافى وتوسده سريره وقد أسلم روحه إلى بارئها.. بمثل ما انتهت حياة (خيطان) أسدل الستار الأخير على مشهد حياته.. لم يتسلق جبلا ليسقط ويموت.. ولم يعتل نخلة نزل من عليائها قدمه فيرحل.. ولم يهبط إلى بئر عميق يفقد فيه توازن حركته ويهوي وتكون النهاية. كان معافى إلى ما قبل الصباح.. هبت رياح الأجل على غير إخطار، وانتظار.. وأسدل الستار.. في حياته طموح ربما كان أثقل من حمله.. حمله بجسارة من لا يعرف للكسل سبيلا.. وهكذا الواحد منا يعمل وكأنما يعيش في الحياة أبدا.. تلك هي طبيعة الإنسان.. عمل، وأجل لا يقف عند حد.. أشعر كما يشعر الكثيرون غيري ممن عرفوه أننا فقدنا بفقده موهبة.. وخبرة.. ودماثة أخلاق.. وتواضعا يحس به من جالسه.. في شخصيته المزيج من نكهة الماضي.. وفاكهة الحاضر.. يتحدث إليك تارة كما لو كان يعيش ما قبل نصف قرن - ويتحدث إليك تارة أخرى كما لو كان خبير فلك، وعالم فضاء.. إنها ثقافته الواسعة.. والعبرة من وفاته وبالشكل الفجائي الذي انتهت إليه تمنحنا عظة ودرسا مفاده أن الحياة بكل مادياتها وعشقنا لها، وتمسكنا بها لا يعفينا أبدا من تذكر النهاية غير المحسوبة وغير المقدرة.. فالقدر لا يمنح إشعارا، ولا إخطارا لأحد.. إن لحظته مباغتة وأحيانا صاعقة.. هكذا رآها الشاعر. رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطى يعمر فيهرم رحم الله فقيدنا.. وألهم أسرته الصبر واحتساب الأجر. الرياض - ص.ب 12381