لقد سعدنا جميعاً بالعاطفة والحماس من بعض الدعاة المطالبين بمقاطعة المنتجات الدنماركية بسبب السخرية والاستهزاء التي صدرت في حق نبينا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبغض النظر عن المقاطعة التي اختلف في حكمها أهل العلم من حيث الجواز وعدمه أو أنها راجعة إلى ولي الأمر، فإنني أقول إن العلماء أجمعوا ولم يختلفوا في مقاطعة الفكر التكفيري ومحاربة أرباب الفئة الضالة بدءاً من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ العلامة محمد بن عثيمين إلى علمائنا الموجودين حالياً، كما هو من فتاواهم والبيانات الصادرة عن هيئة كبار العلماء. والسؤال الذي يطرح نفسه حول الحماس الذي رأيناه في مقاطعة المنتجات الدنماركية: لماذا لا نراه في مقاطعة الفكر التكفيري ومقاطعة أربابه وتجفيف منابعه من دعاة متلونين وأشرطة ثورية وكتب حركية؟ ألا يعلم الساكتون المتعاطفون أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، كما أن الناطق بالباطل شيطان ناطق؟ أين بياناتهم ومواقعهم في شبكة الإنترنت من أفعال الفئة الضالة؟ أم ما زالوا يميعون هذه الأفعال الإجرامية بقولهم نتكلم عن الفعل ونترك الفاعل!! وأخيراً أقول: لقد آن الأوان للمسؤولين الصادقين في الولاء لهذا البلد المعطاء أن يلتفتوا إلى هؤلاء القوم ويعرفوا حقيقتهم وألا يغتروا بالإنكار البارد الذي أشبه ما يكون بذر الرماد في العيون، فإن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}، (سورة آل عمران: 118). ويقول تعالى: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}، (سورة التوبة: 8).