الفقر هو الشبح الذي يخوف به الشيطان كل مسلم ينوي البذل والعطاء في سبيل الله، حيث يأتيه من بين يديه ومن خلفه بصورة الناصح الأمين والمشفق الرحيم كلما أراد أن ينفق الريال والدرهم في سبيل الله فيذكره تارة بالزوجة والأولاد وتارة ببناء الدار وتارة أخرى بما عليه من التزامات مادية ونحوها وهكذا!!، ولو كان في الحقيقة ذلك الإنفاق دراهم معدودات!!، ولا عجب في ذلك فقد قال الله تعالى عن ذلك الموقف من الشيطان {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} عند الإنفاق ثمة وعدان لا ثالث لهما!!، وعد من الشيطان بالفقر، يقابله وعد من الله جل وعلا بالمغفرة والفضل العظيم، وشتان بين هذين الوعدين، وعن تفسير ذلك قال الإمام ابن كثير في تفسيره (عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن للشيطان لمَّة بابن آدم وللمَلَك لمَّة، فأما لمَّة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمَّة المَلَك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً}الآية.. ومعنى قوله تعالى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ}أي يخوفكم الفقر لتمسكوا ما بأيديكم فلا تنفقوه في مرضاة الله. {وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}أي مع نهيه إياكم عن الإنفاق خشية الإملاق يأمركم بالمعاصي والمآثم والمحارم ومخالفة الخلاق قال تعالى: {وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ} أي في مقابلة ما أمركم الشيطان بالفحشاء. {وَفَضْلاً} أي في مقابلة ما خوفكم الشيطان من الفقر {وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}) أ.ه.) ومن المعلوم أن ما ينفق في سبيل الله مردود ومخلوف ولن يضيع أبدا، فقد قال الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. كما قال صلى الله عليه وسلم (ما من صباح يوم إلا وينزل فيه ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا). جميل أن نتعود على الإنفاق، وألا نلتفت إلى الشيطان وخذلانه، وأن نثق بعود الله وفضله جل وعلا، فلا ندخر جهدا ولا مالا ولا شفاعة في سبيل الله حتى نفوز بالوعد الرباني وننجو من الوعد الشيطاني.