قبل أن ينهي المكالمة مع نائب رئيس لجنة الحكام لكرة القدم قال له: (ستكون مباراة الهلال والنصر الحافز ورد الاعتبار لي كحكم)، بعدها ودع الحكم عبد الرزاق المقهوي المتصل إبراهيم العمر، ثم تفرغ لتحضير نفسه لمباراة القمة فنياً وبدنياً ونفسياً، فكان أن حصد النجاح المتوقع من طالب مجتهد ذاكر دروسه جيداً فحقق درجة النجاح بتفوق. تحاورت مع أبو ميثم صبيحة اليوم التالي لديربي العاصمة، وتطرقنا لأشياء كثيرة قبيل المباراة وخلالها وما حدث بعدها، طالعوا الحوار (المباشر) واكتشفوا قبل أسباب نجاح المقهوي طيبة قلبه وعفويته.. * كانت مباراة الديربي هي الخامسة لك فيما يبدو؟ - لا.. لقد أدرت مباريات الهلال والطائي والهلال والأنصار وكذلك الشباب والحزم والشباب والطائي وأيضاً الأهلي والأنصار وأخيراً الهلال والنصر.. تقريباً ست مباريات. * كانت هذه المباريات الخمس التي سبقت الديربي كفيلة بتجهيزك لمباراة القمة؟ - تقريباً كنت راضياً عن أدائي في تلك المباريات وسارعت إلى تعديل الأخطاء وتصحيحها بعد آراء المراقبين حتى موعد اتصال الأستاذ إبراهيم العمر وإعلامي بتكليف المباراة وقلت له في ذات اللحظة ستكون المباراة رد اعتبار لي ولن أخذل ثقتكم والحمد لله كنت في الموعد وعند حسن الثقة بدليل الإشادات التي وصلتني وسمعتها وقرأتها. * بصراحة هل أنت راض في قرارة نفسك بعد المباراة؟ - الحمد لله، راض ولم أخيب ظن من راهن على نجاحي، وكانت أولى بوادر الرضا النفسي بعد المباراة مباشرة عندما أخذني المراقب الفني للمباراة الأستاذ يوسف العقيلي بالأحضان وكان (مبسوطاً) جداً، وبالمناسبة هو أحد الذين كانوا يراهنون على نجاحي والحمد لله لم أخيب ظنه. وكما قلت لك كان لدي حافز كبير على النجاح. * نحن سعدنا بلا شك لنجاحك ودعنا نتحدث عن ركلة الجزاء أولاً التي احتسبتها للنصر بعد الهدف النصراوي الأول وفي وقت قياسي.. هل كنت واثقاً من صحة قرارك؟ - سعيد بشهادتك أخ سامي، وبالنسبة ل(بلنتي) النصر فقد قال لي (واحد من الربع) - قالها بلهجته الحساوية التي لا تمل - هذا البلنتي لا يحتسبه سوى الحكم الدولي خليل جلال فرددت عليه قائلاً: شكراً، لأنه شبهني بحكم دولي وسيكون عالمياً قريباً وهو خليل جلال ووضعني في مصاف خبرته ومستواه. وصدقني كنت واثق ومقتنع بقراري لأنني كنت قريباً من الحالة وزاوية الرؤية بالنسبة لي كانت واضحة، ولم أتردد في احتساب البلنتي.. وسبحان الله الصافرة انطلقت مني في لحظتها بكل توفيق وهذا من رب العالمين، لأن مسألة التوفيق مهمة للحكم خصوصاً في بداية المباراة. والحالة لم تكن تستوجب حتى الإنذار. * بالمناسبة كان للمحلّل التحكيمي الخبير محمد فودة رأي مختلف فيما يتعلق بحالة المدافع كامل الموسى والمهاجم سعد الحارثي، حيث كان يطالبك بطرد المدافع الذي اكتفيت بإنذاره.. ما تعليقك؟ - احترم رأي الأستاذ محمد فودة فهو كما وصفته خبير وضليع في المسائل التحكيمية لكن المراقب الفني الأستاذ يوسف العقيلي أيّدني في قراري بإنذار اللاعب المدافع فقط، وقد منحت مبدأ إتاحة الفرصة في اللعبة وبعد توقف اللعب بخروج الكرة عدت لإنذار اللاعب. * ولكن اسمح لي أن أسوق إليك ملاحظة بشأن (الفاول) الذي احتسبته للنصر في الدقيقة الأخيرة من الشوط الثاني وإنذارك للاعب الهلال كماتشو.. برأيي أن قرارك في احتساب الخطأ جانبه الصواب.. ما تعليقك؟ - قد يكون كلامك صحيحاً بالنسبة للخطأ لكن فيما يتعلق بالإنذار كان مستحقاً على اللاعب كماتشو للاعتراضه. وصدقني (طولت بالي) على كماتشو كثيراً في المباراة لكثرة اعتراضاته. ولكن لا تنس أيضاً أنني أطلقت صافرة النهاية قبل تنفيذ الخطأ أي بعد إنتهاء الوقت بدل الضائع الذي قدرته ولم أمدد الوقت لتنفيذ الخطأ. * لا شك أن ذلك يحسب لك كحكم لأننا نعرف بأن المباراة لا تمدد إلا في حالة احتساب ركلة جزاء، لكن ماذا عن إنذارك للمهاجم الهلالي ياسر القحطاني؟ - في داخل نفسي زعلت لحصول ياسر على الإنذار وأنا تربطني به علاقة طيبة منذ أن كان لاعباً في القادسية لكن أنا ملزم بتطبيق القانون داخل الملعب ولا أنظر لمثل هذه العلاقات أو أضعها في ميزان حساباتي داخل الملعب، هو أخطأ واستحق البطاقة الصفراء في اللعبة التي اشترك بها مع المدافع النصراوي، وهو مقتنع بذلك، وتحدثت معه محذراً وطالباً إياه بالهدوء وعدم التمادي، ولأنه لاعب كبير فقد هدأ بعد ذلك وتفرغ للعب. وعموماً اللاعب ياسر القحطاني من اللاعبين الذين يفرضون احترامهم داخل الملعب وخارجه ومتعاون جداً مع الحكام. * ثمة ملاحظة أخرى تتعلق ب(تداخلك) أو قربك من موقع الكرة إلى حد التداخل، هل ذلك مرده إلى حرصك الزائد من القرب لاتخاذ القرار الصحيح؟ - نعم، فقد كنت في غاية الحرص وبزيادة ألا يفوتني شيء وأن لا تفوتني أي لعبة إلى حد أنني بالغت في إحدى اللعبات في قراءتي لفكر أحد اللاعبين أثناء بناء الهجمة، ففي حين أعتقدت أنه سيتجه نحو مرمى الخصم، إذا به يرجع الكرة إلى الوراء (قالها ضاحكاً). أنا سعيد بأسئلتك وهي أشبه بملاحظات المراقبين الفنيين. * بصراحة كيف وجدت تعاون لاعبي الهلال والنصر معك خلال إدارتك المباراة؟ - هذه شهادة حق يجب أن أقولها، لقد وجدت منهم كل التعاون والتقدير والاحترام وهذا ساعدني على النجاح الذي أصبته. ولاعبو الفريقين غالبيتهم من الدوليين أصحاب الخبرة والتجربة لا يفسدون المباراة باعتراضات أو احتجاجات، بل يلعبون من أجل المتعة الكروية لذلك تخرج مباراتهما دائماً بمستوى فني عال يساعد رجال التحكيم على قيادتها. فالمباراة لم تكن صعبة عليّ، بل كانت صعبة خارج الملعب من حيث الجماهير الكبيرة التي حضرت والاهتمام الإعلامي، لكن داخل الملعب لم تكن صعبة علي ولا أبالغ إن قلت لك بأنني قدت مباريات أصعب داخل الملعب وأشرس وأقوى من مباراة الهلال والنصر في دوري الدرجة الأولى. أي أن مباراة الهلال والنصر ليست صعبة من ناحية الأداء التحكيمي داخل الملعب ويعود ذلك في المقام الأول إلى وعي اللاعبين وثقافتهم وتركيزهم على لعب الكرة وإمتاع المتفرجين. لكنها مباراة صعبة إعلامياً وفي متابعتها الجماهيرية فالخطأ فيها يتم تضخيمه للحكم لأنه يكون تحت المجهر وقراراته تتعرض إلى التشريح. * كيف كان تعاون ومستوى المساعدين معك خلال المباراة؟ - رائع جداً، فالمساعدان عبد الله العباد وإبراهيم الدباسي (شالوني) في الملعب. وصدقني يا سامي لا أبالغ إن قلت لك إني كنت أحس بالعباد وأن أجري في أرجاء الملعب لأني أعرف زين أن (قلبه علي) وأنفاسه معي في الملعب وين ما أروح. والدباسي هو الآخر لا يقل شأناً عن العباد وكان معي في الأسبوع الماضي في مباراة الشباب والطائي، وكذلك سعد الكثيري الحكم الرابع كانت روحه معي، كان ممتازاً ومتعاوناً لأبعد الحدود. وأنا أحرص كحكم على أن يكون معي المساعدان والحكم الرابع يشكلون روح الفريق الواحد، من خلال التجانس والاندماج والتناغم. وأساس نجاح نبع من المساعدين والحكم الكثيري. * من هم الذين أشادوا بقراراتك ونجاحك في المباراة؟ - طبعاً في الملعب التقيت أولاً بالمراقب الفني الأستاذ يوسف العقيلي الذي عبَّر عن رضاه وسعادته واشادته من خلال احتضاني، وكذلك الأساتذة عبدالعزيز العيدان ومحمد البشري وعمر المهنا. والأستاذ فهد الملحم الذي نقل إلي تهاني وإشادة رئيس اللجنة الأستاذ مثيب الجعيد ونائبه الأستاذ إبراهيم العمر والأستاذ عبد الرحمن الزيد عقب المباراة مباشرة. * تبدو منتشياً يا كابتن وراضياً عن أداء أو علاقتك مع اللجنة الحالية للحكام؟ - ما في شك أن اللجنة الحالية مشكورة أعادت لي ثقتي بنفسي وكأنها أحيتني من جديد بعدما تعرضت إلى فترة من التهميش أصابتني بخيبة أمل لمدة موسمين كادت أن تؤثر على مسيرتي التحكيمية أو حتى (أبطل) تحكيم بسبب نفسيتي المحطمة. وأنا لا أرغب في الحديث عن الماضي ما فات انتهى ونسيته تماماً وسامح الله من كان السبب. ويكفي أن اللجنة الحالية أعادت لي الأمل بترشيحي للدولية من جديد. * هل من كلمة أخيرة؟ - أنا أشكر لك يا أخ سامي اهتمامك وإشادتك المستمرة بمستواي وملاحظاتك التي دائماً آخذها بعين الاعتبار لتصحيح بعض الأخطاء، وأنا أعد عبر (الجزيرة) مسؤولي اللجنة بالمزيد من الجهد. وبدأت أفكر بالقادم وستكون مباراة الديربي هي الحافز لي لتقديم المزيد وأسأل الله التوفيق والنجاح. نقاط من الحوار * البطاقة الشخصية للحكم تقول: عبد الرزاق عيسى المقهوي، 38 عاماً، متزوج وأب لأربعة أطفال هم: (ميثم، عمار، قنوت وعلاوي)، موظف في وزارة النقل، لاعب سابق في نادي العدالة بالأحساء، بدأ التحكيم موسم 1415ه. * الحكم عبد الرزاق المقهوي من نتاج لجنة محمد المرزوق تعرض للتهميش خلال رئاسة عمر الشقير للجنة ومنحته لجنة مثيب الجعيد الفرصة مرة أخرى وحاز على الرضا والإشادة وحقق النجاح. يعترف بأنه كان حذراً إلى حد الخوف من الوقوع في الخطأ خلال ال(20) دقيقة الأولى من المباراة. فقد كان متماسكاً بقوة حتى دخل أجواء المباراة. * كان يستغل توقف اللعب لالتقاط أنفاسه، لأنه أول مرة يدير مباراة الهلال والنصر في تاريخ مسيرته التحكيمية وبحضور جماهيري كبير كما كان في استاد الملك فهد الدولي. * يقول: من استمتاعي بالمباراة ومع مرور الوقت تمنيت لو أن المباراة تطول لأكثر من (90) دقيقة.