قد لا يعدو بيت من أبيات الحكمة في شعر العرب إلا واستنبط العامة منه تلك الحكمة أو المثل وصاغوها بصورتها الأصلية أو بصورة شعبية موازية للأصل، وكلما زاد بحثنا في الأمثال والحكم الشعبية زادت نسبة اكتشافنا لجوانب التماثل بينها وبين الشعر العامي والشعر الفصيح. واستكمالاً لما سبق نستعرض بعض الأمثال الشعبية ونحاول موازنتها بالشعر الفصيح: 1- ما صدقوا بالموت يا لين شافوه: هذا المثل يُضرب في حالة عدم تصديق الشخص بالخطر إلا بعد وقوعه، وفيه توجيه شيء من اللوم على عدم استماع النصيحة. وهذا المعنى وارد في قول دريد بن الصمة: أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى القد وقد استشهد بهذا البيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في إحدى خطبه عندما مرق من جيشه الخوارج ولاموه على الموافقة على التحكيم وقذفوه بالكفر ونسوا أنه هو الذي رفض التحكيم من قبل وأصروا عليه هم بالموافقة. 2- مال البخيل حظ الوارث: يضرب هذا المثل للتعليق على مَن يجتهد في جمع المال ويتصف بصفة البخل، وهذا المثل واضح في معناه ومطابق لقول أحد شعراء العرب: يغنى البخيل بجمع المال مدته وللحوادث والأيام ما يدع 3- المستريح اللي من العقل خالي: هذا المثل شطر من بيت للشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله، وشطره الآخر: (ما هو بلجات الهواجيس غطاس). ويرى فيه قائله أن العاقل شقي بكثرة تفكيره. وقد سبقه إلى هذا المعنى شاعر الحكمة المتنبي بقوله: ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم 4- ما يخلي الظلم إلا عاجز: سبق أن تحدثنا عن هذا المثل في مقالة سابقة تحت عنوان: (ليس كل الأمثال الشعبية صحيحة في معناها)، وإيرادنا له هنا من باب موازنته مع قول الشاعر زهير بن أبي سلمى في معلقته: ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم وإلى الملتقى مع أمثال شعبية أخرى سعد الهلولي - ينبع
