خلقت الأجواء المتقلبة للطقس التي تشهدها محافظة وادي الدواسر هذه الأيام أزمة حادة في لقاح النخيل، وذلك لزيادة طلب النخيل للقاح في ظل نقص حاد في اللقاح الذي ينتج من طوالع ذكور النخيل نتيجة عدم نضجها بسبب الأجواء المتقلبة التي تميل في غالبها إلى البرودة؛ مما حدا بأصحاب مزارع النخيل بالمحافظة إلى اللجوء إلى شراء أكواز اللقاح من بعض المدن والمحافظات الأخرى كمدينة الرياض ومحافظة الأفلاج والخرج؛ لتعويض النقص الحاد في اللقاح مع كثرة الطلب لتلقيح نخيلهم خشية فساد ثمارها. وقد زاد من حدة الطلب على اللقاح استغلال العمالة الوافدة هذه الأزمة بين الفلاحين ببيع أكواز اللقاح خفية في بعض المحلات التجارية والبقالات التي غالباً ما يحصلون عليها من سرقتها من المزارع؛ حيث يتراوح سعر الكوز الجيد بين 20 - 30 ريالاً، ويساعدهم في تصريفها وبيعها أبناء جلدتهم من العاملين في تلك المحلات التجارية. ويتميز النخيل عن غيره من كافة أشجار الفاكهة في العالم بأنه ثنائي المسكن؛ حيث الشجرة الأنثى (حاملة التمر) مستقلة عن الشجرة الذكرية (فحل النخل)؛ لذا لا يتم التلقيح والإخصاب إلا بنقل لقاح الفحل إلى طلع الأنثى، ويتم ذلك بعدة طرق، منها ما يتم عن طريق الرياح أو الحشرات كما هو معروف علمياً، إلا أنها طريقة غير مضمونة ونادراً ما تتحقق الفائدة من هذه الطريقة، ومنها ما يتم عن طريق نقل اللقاح عن طريق الفلاحين إلى طوالع النخيل؛ حيث يتم تلقيح طوالع ثمار النخيل على فترات متفاوتة، فكلما خرج عنق أحد الطوالع ثم أفلق (انفتح) لزم الفلاح بوضع اللقاح في ذلك الطلع، وتتكرر هذه العملية مع كل طلع جديد حتى تكمل النخلة كافة حملها (طوالعها)، وقد تستمر هذه العملية قرابة الشهر يعلن فيها الفلاحون حالة الاستنفار القصوى لمتابعة تلقيح نخيلهم؛ حتى لا تفسد ثماره عند النضج، وهي الفترة الحالية التي يعيشها مزارعو النخيل في المملكة هذه الأيام. ويختلف النخيل حسب أنواعه وأصنافه في الكميات التي يحتاجها من اللقاح وزمن تلقيحه، فمن النخيل ما يحتاج إلى كميات عالية من اللقاح فور انفلاقه، ومن ذلك نخيل (الخش خاش)، ومنه ما يحتاج إلى كميات متوسطة خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة أيام من انفلاقه؛ مثل نخيل السري وخلاص الحساء والشيشي والشبيبي والنبوت، وعند التأخير عن تلك الأيام قد تفسد ثماره، وهو ما يُسمَّى (الشيص)، وهو انقسام الثمرة عند نضجها إلى ثلاثة أو أربعة أقسام مثلثة الشكل مدببة الرأس، وهو خلاف الثمر الجيد. ومن النخيل ما يفضِّل المزارعون تركه دون لقاح عدة أيام، ولا يؤثر ذلك عليه، ومن ثَمَّ تلقيحه بكميات قليلة، ومن ذلك الخلاص والمقفزي والصفري، ولعل سر تأخير لقاحه هو أن ذلك يعطي ثماراً كبيرة الحجم عند النضج، وقد يلجأ المزارعون أيضاً إلى قص (جذاذ) الثلث الأعلى من الطلع (العذق) وبعض من جزئه الأوسط للحصول على تمور جيدة وكبيرة وذات قيمة غذائية ممتازة عند نضجها، ولكن لا يلجأ المزارعون إلى ذلك إلا مع بعض أنواع النخيل دون الأخرى. وكما أن زيادة نقص اللقاح قد يفسد الثمار فإن زيادته أيضاً عن الحد المعقول قد تفسده أيضاً. وتنتج فحول النخيل التي تبدو أكبر حجماً من بقية النخيل الأخرى قرابة 25 كوزاً في المتوسط.