قرأت كما قرأ غيري ما كُتب في الصفحة الاقتصادية بالجزيرة في العدد رقم (12168) في تاريخ 21-12- 1426ه وذلك بزاوية (عاجل للإفادة) إشارة إلى تواضع سياسات التدريب والتأهيل التي تطبقها كثير من الشركات السعودية في ظل المتغيرات والمؤثرات التي نواكبها.. فنحن الآن نمر بفترة والعالم يشهد تطوراً في شتى مجالاته المختلفة، وكما يعلم الجميع القفزة والنهضة التي تمر بها بلادنا بانضمامها الى منظمة التجارة العالمية، لا أخوض في عراك مع تلك المنظمة ما لها وما عليها ولا أخوض في مخرجات التعليم لدينا عاما كان أو أكاديميا فهما ينقصهما الكثير والكثير، ولكن دعوني أعرج قليلاً لسياسات التدريب والتأهيل لدينا وخصوصاً في القطاع الخاص، فالتدريب والتأهيل في القطاع الخاص هنا ينقصه الكثير ويفتقر الى مقومات التدريب الناجح بما تحمله الكلمة من معنى، فمع دخولنا إلى منظمة التجارة العالمية ونحن في تأخر بطيء..! فالعثرة التي تقف في وجه التقدم هي تلك مراكز التدريب لدينا التي تحتضن هذه الأعداد. فأين هي من التقدم الذي تشهده مجالات الحياة المختلفة..؟! أين هي من التكنولوجيا المستحدثة..؟! أين هي من مرافق التدريب ووسائله النموذجية التي تواكب العصر الذي نحن فيه..؟! أين هي من مقومات التدريب والتأهيل الناجح الذي يضمن لنا إعداد جيل ومواكب للعصر الحديث..؟! أين هي من ملاحقة ومجاراة التقدم الذي يشهده العالم..؟! القطاع الخاص لدينا في ظل حكومتنا الرشيدة متوافر له جميع سبل ومقومات النجاح التي تؤهله للنجاح والفعالية المرجوة منه التي ترتقي به إلى تدريب وتأهيل الفرد السعودي تأهيلاً وتدريباً عالي المستوى والإنتاجية، مما يضمن لنا أفراداً مؤهلين تأهيلاً شاملاً في سوق العمل. حكومتنا الرشيدة غير مقصرة في الدعم والمساندة لهذا القطاع فنرى التسهيلات والمميزات التي تقدمها ولم تكتفِ بذلك فطالت هذه المميزات الدعم المالي لهذا القطاع وذلك من خلال إنشاء صندوق يدعم هؤلاء الشباب وإدراجهم في هذا القطاع مؤهلين ومدربين، وذلك من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية الذي خصص لمواكبة هذا العصر ومتطلباته من تدريب وتأهيل للقوى البشرية السعودية والنهوض بذلك الفرد في سوق العمل. ولكن دعوني أقف لحظة مع أجل شاهد على سوء التدريب لدينا ودعونا نقول: رغم الإمكانات المتاحة لذلك فالقطاع الخاص وبتعاونه مع صندوق تنمية الموارد البشرية الذي كما يعلم الجميع يتكفل هذا الصندوق بجزء من مصاريف التدريب والتوظيف مع تلك المنشآت، حيث إن هذا التعاون لم يضف أي جديد في إعداد هؤلاء الأفراد من تدريب وتأهيل بمستوى هذه الكلمة، بل إن تلك المنشآت تراكضت وتسابقت إلى هذه الخطوة ليس غيرة وحبا على ذلك الموظف بقدر نيلها والظفر بتلك الكعكة التي وهبها الصندوق لهم بتحمل أعباء التدريب والتوظيف لذلك الموظف.! وإن تحدثنا عن التدريب بين تلك المنشآت وهذا الصندوق لا نجد له مكانا بل الاتفاقية ما هي إلا حبر على ورق وإن وجد ذلك فنجده نادراً وبتواضع لايذكر. ولا نذهب بعيداً فمحدثكم هذا بالأمس القريب هو أحد ضحايا تلك الاتفاقية، فبعد الجهد الجهيد للبحث عن الوظيفة تم ترشيحه وإلحاقه بإحدى الشركات على أمل تدريب وتأهيل أو حتى الرفع من أدائه الوظيفي حسب الاتفاقية المبرمة، فمع أول يوم انخرط في العمل لم يشاهد أي تدريب أو تأهيل بل أصبح في عالم النسيان ولمصلحته الخاصة رضخ للأمر الواقع، بل اصبح هَم تلك الشركة وشغلها الشاغل ذلك الدعم المادي الذي يظفرون به وساعدهم على تحمل أعباء مصاريف المرتب، لم اقل على مصاريف التدريب لأنه لا يوجد أصلاً تدريب بما تحمله الكلمة من معنى.. اذاً أين هو التدريب المزعوم..؟! هذه الحالة جزء من حالات عدة لكوادر بشرية ينقصها التدريب والتأهيل والرفع من أدائهم. وإن أراد الفرد أن يطور ويؤهل ذاته فأين يتجه..؟ فمراكز التدريب لدينا غلاء في الأسعار وتواضع في التدريب.