التقى بعض أفراد الكشافة من مختلف الدول المشاركة في المخيم الدولي الكشفي للتعرف على الحضارات وتبادل الثقافات (معاً من أجل السلام) وتحاوروا معاً في أولى ندوات منتدى السلام التي ينظمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت عنوان (منطلقات التعاون بين الحضارات والثقافات العالمية). وأكد نائب الأمين العام للمركز (الدكتور فهد بن سلطان السلطان) المشرف على الندوة على أن دور الكشاف لا يتوقف على مهمة واحدة أو على عدد معين من المهمات بل يتعدى دوره ليشمل جميع جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحتى السياسية ويجب أن يعي من خلال دوره في الحياة إلى نشر مبادئ ومفهوم السلام العالمي ويحملها على عاتقه لأنه رسول سلام وخير للعالم. وأضاف السلطان خلال المنتدى بأن الحوار هو الطريق الصحيح لتحقيق السلام العالمي بين الشعوب والحضارات وذلك من خلال توضيح الصور ووجهات النظر والرأي وهذا هو المهم في الحوار، وأكد على أن السلام مسؤولية جميع الأفراد في جميع الدول. وتم طرح عدة محاور متنوعة في الندوة حول الأسس والمنطلقات للحوار بين الثقافات والشعوب، والأخطار والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المؤثرة على السلم العالمي، ومن ثم تحديد دور الشباب في نشر مفاهيم السلام والتعايش بين الثقافات واتفق أفراد الكشافة على أن تنوع ثقافات الشعوب واختلاف آرائها سيعزز من فرص السلام. وفي بداية الندوة قال (فادي الشامي) من كشافة الأردن: نريد حواراً قائماً على احترام الثقافات من جميع الأطراف ويجب على الغرب احترام التراث الإسلامي أو غيره من التراث العالمي وعدم المساس به أو هدمه وطمسه لأنه يمثل الهوية الأساسية لأي شعب أو أمة ويمثل حضارتها وثقافتها. ويشير (عامر كيبوما) من كشافة تنزانيا إلى أهمية التركيز على مسألة احترام الثقافات وبيان صور وأنواع الثقافات الإسلامية وتوضحيها للآخرين لتفادي المساس بها أو اتهامها بما ليس فيها. وطالب الاتحاد العالمي للكشاف المسلم بنشر مثل هذه المبادئ والمفاهيم الإسلامية وتوضحيها وشرحها للآخرين والتأكيد بصورة دائمة ومستمرة على أنها تقوم على احترام الأديان وثقافات الشعوب الأخرى مهما كانت معتقداتها وديانتها وعاداتها، وقال كيبوما يجب على الجميع فتح عقولهم وعيونهم وآذانهم على العالم وأن يستوعبوا الآخرين من الثقافات والديانات الأخرى وألا ينغلقوا على أنفسهم فتضيع فرصة تحقيق السلام المنشود. وإلى أمريكا الجنوبية ومن كشافة كولومبيا طلب الكشاف (سيبيستيان غوميز) من مشرف الندوة ومن أفراد الكشافة المشاركين طرح عدد من الأفكار المتعلقة بالحوار التي يمكن أن ينقلها إلى بلاده ويستطيع من خلالها انشاء قنوات جديدة للقضاء على المشاكل الكثيرة والحروب المستمرة التي تمر فيها كولومبيا منذ 60 سنة، وأشاد (غوميز) بفكرة الحوار الوطني في السعودية وقال إنه ولأول مرة في حياته ومن خلال هذا الحوار المباشر يجلس مع عدد من أفراد الكشافة من مختلف الدول ويتحدث معهم عن بلده وثقافته ويتحاور معهم حول أهمية الحوار ومبادئه الصحيحة. واجابة لطلبه قال أحد افراد الكشافة السعوديين بأن عليهم في كولومبيا أن يستعينوا بأرباب الأدب والفكر والثقافة والمفكرين ويحاوروهم عبر قنوات متخصصة للحوار للوصول إلى حلول وخطط يمكن لكولومبيا أن تبني عليها مستقبلها وتفضي على العديد من المشاكل والحروب. وحول الأخطار والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المؤثرة على السلم العالمي تحاور أفراد الكشافة كلاً حسب بيئته ومعرفته وأجمعوا على أن الظلم وانعدام العدل والمساواة والتمييز العنصري أسباب رئيسة مؤثرة على السلام العالمي. ويقول (فادي الشامي) من كشافة الأردن أن من الأسباب يكمن في قيام بعض الدول الكبرى والقوية بفرض ثقافتها وقيمها على الشعوب والدول الضعيفة وإلغاء ثقافات هذه الدول وعاداتها وهذا سبب رئيس لبروز مشاكل تؤثر مباشرة على السلام العالمي. ويرى كشاف آخر أن اختلاف معاملة الدول له أثر على السلام العالمي، وضرب مثالاً بأن دولة إسرائيل يسمح لها بالصناعات النووية بينما الدول الأخرى تحارب من أجل ألا تصنع، فأين العدل والمساواة عند هذه القضية المهمة في العالم. ويرى (سيبيستيان غوميز) من كشافة كولومبيا أن أكثر المشاكل تنطلق من منطلقات اقتصادية بحتة، ويرى أن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء بالعالم ستكون سبباً للكثير من المشاكل الجديدة التي تهدد السلام العالمي ولابد من تضييق هذه الفجوة والقضاء على المشكلة قبل استفحالها الظاهر حالياً في دول العالم. وحول ذلك ركز أحد أفراد كشافة الأردن على أهمية نشر الأنظمة الاقتصادية الموجودة في الدين الإسلامي والتي تستطيع القضاء على الفوارق الاقتصادية بين الناس والشعوب والمساواة بين الجميع دون تفرقة والقضاء على مشكلة الفقر التي طغت على الساحة الدولية في السنوات الأخيرة. وينطلق (عامر كيبوما) من كشافة تنزانيا في رؤيته لأهم الأسباب المؤثرة على السلام العالمي ويقول إن الإعلام يتحمل الجزء الأكبر من نشر ثقافة السلام، ويضيف بأن صورة السعودية مشوهة بسبب ما شاهده من تقارير سيئة وسلبية عبر القنوات العالمية والإنجليزية ومنها (CNN) و(BBC)، ولقد تغيرت نظرته فور وصوله السعودية للمشاركة في هذا المخيم. ويتساءل (كيبوما) أين هذه القنوات الآن من هذا الحدث العالمي العظيم في نظره، أم أنها لا ترى إلا ما هو سلبي وسيئ عن السعودية وغيرها من الدول الأخرى التي نالها ما نال السعودية، وأكد على أن الإعلام الغربي بشكل عام يركز على السلبيات أكثر من تركيزه على الايجابيات ومنها فكرة المخيم الدولي الكشفي المقام حالياً بالجبيل. ويرى كشاف آخر أن بعض وسائل الإعلام العالمية تضخم بعض المشاكل الصغيرة وتصعد من وتيرتها وكأن العالم قد قضى على مشاكله الكبيرة الأخرى، حتى تصبح هذه المشاكل الصغيرة مستحيلة الحل والعلاج بسبب ما تم نقله من الصور السيئة عبر وسائل الإعلام. ويضيف الكشاف بأن الإعلام الغربي يركز غالباً على أخطاء بعض المسلمين على أنها أخطاء موجودة في صميم الدين الإسلامي بينما الإسلام بريء منها وقال انه حتى الأخطاء الموجودة عند الآخرين من الديانات الأخرى يجب ألا تحسب على تلك الديانات بل على الأفراد أنفسهم. وانتقل الحوار بين الكشافين إلى المشاكل البيئية المؤثرة على السلام العالمي ويقول في ذلك الكشاف (سيبيستيان غوميز) من كشافة كولومبيا انها لا تقل أهمية عن المشاكل الأخرى، وإن السيطرة على مصادر المياه والنفط في مختلف الدول وخلق المشاكل والحروب بسببها من أكبر المشاكل البيئية القائمة. بينما يحمل الكشاف (عامر كيبوما) من كشافة تنزانيا الدول الصناعية الكبرى مشاكل التلوث القائمة وأثرها على السلام العالمي، وقال يجب عليها أن تحافظ على السلام العالمي من خلال احترامها لثروات الدول وحفاظها على البيئة من خلال تقنين صناعاتها ورمي مخلفاتها وقال (كيبوما) إن الدول الافريقية من أكثر الدول المتضررة من الدول الصناعية الكبرى التي اهتمت بشعوبها وحافظت على بيئتها من التلوث وأهملت الدول الافريقية التي هي سبب صناعاتها وتطورها أو ثرائها. وخلال محور دوري الشباب في نشر مفاهيم السلام والتعايش بين الثقافات أكد الكشاف (عبد الماجد نورولي) على أهمية زيادة وعي الشباب وأفراد الكشافة بدورهم في نشر مفهوم السلام العالمي، وتوضيح المفاهيم والاسس التي يجب أن يبنوا عليها أفكارهم، وأن يكونوا خير رسل لنشر هذه الرسالة السامية والنبيلة ليصل السلام إلى جميع أقطار الأرض. ويشاركه الرأي الكشاف (فادي الشامي) من كشافة الأردن ليقول إن تحديد المصطلحات والمفاهيم الثقافية والعالمية ضرورية عند تعليم الشباب والكشافة وبيان الصحيحة منها والخاطئة. ويرى الكشاف (رمضان ماقومادوف) من كشافة روسيا إن أفضل طريقة لتحقيق السلام تكون عبر أفراد الكشافة والشباب بشكل عام من خلال مساعدتهم على بناء الصداقات والعلاقات الودية والمعرفية مع أفراد الشعوب الأخرى وتبادل الثقافات المختلفة وزيادة فرص الحوار والزيارات بين شباب الدول مثل ما هو حاصل في هذا المخيم الرائع والمفيد جداً. ويؤكد الكشاف (عبد الرحمن مسعود) من كشافة الهيئة الملكية في ينبع على أهمية تعليم الشباب الأخلاق والعادات الحميدة لكي ينقلوها إلى الآخرين عبر مشاركاتهم في اللقاءات والمخيمات، وقال يجب على الشباب التواصل مع الشباب الآخرين من المجتمعات الدولية سواء عبر الإنترنت أو مثل هذه المخيمات والندوات والعمل على نشر مفاهيم السلام، ويجب عليهم أيضاً تحديد أهدافهم وتنظيم أوقاتهم لكي يستطيعوا نشر السلام، وطالب بتوسيع دائرة هذه المخيمات الدولية الكشفية الداعية إلى تحقيق رسالة السلام العالمي. ومن جامعة الشارقة من الإماراتالمتحدة أكد (أحمد بن صالح المرزوقي) على أهمية التركيز عند نشر المفاهيم العالمية على المفاهيم المتفق عليها عالمياً وخاصة تلك التي اتفقت عليها الديانات السماوية والعمل على نشرها وجعلها موضع اهتمام الندوات واللقاءات الدولية المختلفة. ومن كشافة تنزانيا يقول (عمر خطيب) إن تطبيق ونشر مبادئ ومفاهيم الحركة الكشفية بين الشباب يكفل في نشر مفاهيم السلام والتعايش بين الثقافات لأنها تحمل في طياتها الكثير من معاني الخير والسلام. أما (فيصل البحر) من كشافة الكويت فيرى أهمية تدريب وتعليم الشباب احترام الغير والحوار معهم مهما كانت جنسياتهم وأديانهم وثقافاتهم، وتوسيع مداركهم وتطوير خبراتهم الثقافية لنشر مبادئ الاحترام وفن التعامل مع الآخرين.