إنني أعتقد دائماً أنه يجب أن يكون هناك رابط وثيق بين الآباء والأمهات مع أبنائهم.. وإنهم حينما يريدون التعامل معهم فإنه عليهم أن ينزلوا قليلاً إلى تفكيرهم وعمرهم حتى يعرفوا الطريقة التي يستطيعون بها التفاهم معهم ليصلوا إلى قناعتهم وتقبلهم.. لذا وعلى حسب ما أعتقد أن أكثر الثغرات التي تنمو بين الآباء والأبناء تبدأ من سن المراهقة.. والسبب في ذلك عدم قدرة الوالدين على التعامل مع أبنائهم.. ولم يقدروا المرحلة التي يمر بها ابنهم أو ابنتهم.. والكل يعلم أنه ليس هناك في تفكير الأطفال والمراهقين والراشدين أي رابط.. فللأطفال طريقة حنونة.. وللمراهقين سبل منطقية.. وللراشدين تعامل صارم.. فمثلاً.. لو جاء أب وتعامل مع ابنه وكأنه راشد كبير بما فيه الكفاية ولم يعامله كطالب علم في دروس الحياة.. فلن يستجيب الابن طالما الشخص الذي أمامه لا يقدر حجم عمره وعقله اليافعين الطريين ولا حتى تفكيره المختلف.. وأفضل التربية دائماً التي تعكس مفعولاً قوياً للمستقبل المقبل تبدأ في سن المراهقة.. ولكن جميعنا لا يجهل أن هذا السن هو أشد الأعمال خطورة في التربية.. فهو يحتاج إلى شخص يجيد الأخذ والعطاء بعناية ملموسة ويجيد التفاهم مع هذه المرحلة الحرجة بصدر رحب ومتفهم ومتقبل لأشكال التصرفات.. فيمنع أشياء ويسمح بأشياء.. وإن رأى الأب أو لاحظت الأم شيئا خاطئا فلا يؤنبه ويوجهه.. بل يحاول التحدث معه ليعرف سبب هذا التصرف ويحاول بقدر ما يستطيع أن يجد له حلاً بديلاً عما فعله.. هكذا يصل إلى قلبه.. وبالتالي فإن ذلك ينعكس على الابن أو الابنة.. ويصححان من تفكيرهما.. فلن تنفع الصرامة والشدة لشخص لم يعان تجارب الحياة الكافية.. ولكن المجتمع أيضاً لا يخلو من بعض الآباء المرخين في التربية.. فإن تدخل شخص ما وسأل الأب أو الأم عن سبب تصرفات ابنهم الغريبة.. فإنهم يؤنبونهم ويقولون لهم إنه مراهق عابث.. قريباً عندما يكبر سوف يعدل عن تصرفاته ويفهم.. كيف يفهم وأنت تنشأ بنفسك بينه وبينك فجوة.. إنهم هكذا يهدمون حياة أبنائهم وبناتهم على حد سواء ويجعلون من أنفسهم بلا شخصية وأشخاص لا يقدرون ان يكونوا قدوة لهم طالما تركوا على حريتهم وهواهم.. وأضيف أيضاً أن الشدة كذلك ليست حلاً.. بل عندما يكون الأب شديداً مع ابنه أو الأم مع ابنتها فإنهم يخلقون شيئاً من الكره في نفوسهم ويحاولون عمل بعض الأشياء من دون علم آبائهم.. حتى لو كانت خاطئة فهم لم يوجهوا على الطريق الصحيح.. فالمفروض على الآباء أن يكونوا إخوة مع أبنائهم يوجهونهم ويعلمونهم ما هو صائب وما هو خاطئ.. فلو طبق هذا الكلام على الكل لما سادت المشاكل في الأسر وما تفككت.