قدِّر أن يتزامن رحيل الشيخ المربي عبد الله الزوم ومقالتي التي تحدثت فيها عن أول مدرسة نظامية في مرات وكم خرَّجت من أجيال (دار التوحيد).. والشاهد في الموضوع أن أول مدير لها كان هو هذا الشيخ الذي رحل بالأمس القريب عبد الله الزوم رحمه الله رحمة واسعة. في البدء كانت المدرسة الأولى في مرات (النظامية) هي تلك التي تنحني على قارعة الطريق الأسفلتي شرق مرات تجاه الرياض.. يمرها الخريجون ليذرفوا دموعهم جيئة وذهاباً وليس بوسعهم إلا البكاء على الأطلال.. كانت هذه المدرسة الطينية يديرها الراحل عبد الله بن محمد الزوم، وكنت من الجيل الذي عرف هذا الأستاذ بعد رحيله إلى الوزارة ليكون مفتشاً إدارياً وقد زار مدرستنا الحديثة (المسلحة) بالإسمنت والحديد، وكنت إبانها على ما أذكر في الصف الخامس ابتدائي، وقد أشار معلمنا ومديرنا آنذاك إلى أن هذا هو الأستاذ الزوم وهذا الاسم رسخناه في أذهاننا لأنه مدير معلمينا الأفاضل.. فجلس - رحمه الله - في آخر الصف على مقعد ليرى شرح المعلِّم وكنا شغوفون برؤية (الزوم) لما نسمع عنه من معلِّمينا ومن الجيل الأول.زرنا نحن ثلة من طلبة الزوم وهم موظفون تسنموا مناصب في الدولة مع كبار السن.. زرنا هذا الشيخ المربي وألفيناه ذاك العابد الزاهد الورع يميط اللثام عن صفحات الذكريات ليستأنس بها - رحمه الله - كان ذلك قبل ست سنوات فرطت من أعمارنا. أعود للذكرى (لأهل الطايف) أو جيل دار التوحيد من مدينة مرات والذين اتكأ أكثرهم على مقاعد التقاعد والبعض أوشك. حري بهم أن يتعاونوا على ترميم هذه المدرسة لإحياء ذكرى هذا المربي ومن معه من المعلِّمين والتلاميذ والموظفين كسيرة عطرة من الذكريات التي نعلّل بها النفوس لتستكين بعد التحسر والبكاء والحزن!! وليبقى هذا المبنى الطيني متحفاً لمدينة مرات، وأعتقد أن مثل هذا أجدى من تركه ينوء تحت ظلال السنين!! يقول (نديم كميت): (الزوم) راح وكلنا لاحقينه والعمر ما به يا فتى حيل تعمير الموت حق وكلنا مدركينه حق علينا ما به اليوم تخيير وستبقى الآثار قبل اندثارها شاهد عصر وذكرى تتكئ على كاهل الزمان.. عليك رحمة الله يا شيخنا المربّي وأسكنك فسيح جناته.. والله المستعان.