سلسلة الأيام لا تنقطع وحديث النفس أمر واسع لطالما تشعبت منه الأفكار وتضاربت حوله الآراء وتشرنقت حبال الحقيقة حول مفهوم واحد لا يعقله إلا من يعي معنى الحياة الواسع.. في ماذا نفكر يا ترى، بماذا تتشبع هذه الأفكار المرهقة في العقل الإنساني؟!.. إذاً كيف الخلاص من هذا المأزق المتأزم في المشهد الحياتي؟... إنه التفكير المستمر.. الذي يحكم قبضته القوية على العقل ويجعل الأفكار تخرج بصعوبة هذا إذا حدث التعمق الفكري.. إن هذا الكيان البشري بداخله من الصراع الشيء الكثير.. فهناك... من هو عدو لنفسه.. هناك من هو متذبذب بين أفكاره المتضاربة فهو لديه القدرة للوصول إلى مبتغاه، لكن يخشى لحظة المواجهة والتعثر بحجر الواقع.. وهناك أيضاً من وصل إلى مرحلة التوسط الفكري والنفسي.. فأما من هو عدو لنفسه فإنه ذلك الكيان البشري الذي أمدَّه الله بنعم متعددة لا تعد ولا تحصى، لكن أسرف على نفسه في أمور متعددة.. قد تضيع كل تلك النعم وتجعله على قرب من الهاوية بل الضياع في دروب الحياة. فهو يريد منصباً، جاهاً، أموالاً طائلة، حياة هادئة منعَّمة يتوسَّد على وسائد من حرير ويلتحف من الريش أنعمه وأجمل ألوانه... وبالرغم من تلك الأمنيات العِذاب فهو لا يزال قابعاً في مكانه ولا يستطيع الحصول على ما يريد.. قد يحدِّث نفسه دائماً ويقول إنني (سيئ الحظ) (أقل بكثير من غيري) بل غيري أفضل حالاً مني.. إنني فاشل، غير قادر على تحقيق شيء، يا ترى ماذا بعد هذا النزاع والعذاب المرير؟!! هل سيتحقق جزء يسير من تلك الأحلام؟ ربما، لكن لا بد أن يكون حديث النفس أرق من ذلك بكثير حيث يقول تعالى: {إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.. إن الرزق بيد الله ولا بد أن أسعى إلى تحقيق أحلامي بما أملكه من مواهب، قدرات قد تقودني للوصول إلى مبتغاي.. إن الحياة كفاح وسلاحي هو الإيمان بالله أولاً ثم الإرادة والعزيمة القوية الصادقة.. إذاً انطلق أيها الإنسان يا من تحدِّث نفسك بهذا الحديث المترقرق المنهمر بين أعطاف نفسك..انطلق إلى ميدان الحياة، واشرع نوافذ الأمل، وارتئي من نسائم الضوء.. الطموح، العزيمة، الصبر، الجد.. العمل الدؤوب... بينما مَنْ نراه في تذبذب مستمر فإن لحظة التذبذب كثيراً ما تجعل الإنسان في صراع فهو يكثر من الاستشارة، يكثر من النقاش وتمتد سلسلة أفكاره إلى الفشل... بينما إذا فعل أمراً واحداً وهو (الاستخارة) ثم استند إلى الاستشارة بمن يراهم أهلاً للخبرة ويمتلكون الرأي السديد، فهو لن يندم أبداً بشرط أن يختار طريقه وهو في قرارة نفسه يستند على جدار القناعة التام بحيث لا يحاول الفرار من ساحة المواجهة والتأزم في واقع الحياة... فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار... دائماً من هو في مرحلة التوسط فهو يملك التوازن الفكري الصحيح ويخبركم بأن لكل نفس طاقة ولكل عقل مقدرة للتفكير بما يمنح الإنسان الإقدام على المعطيات الإيجابية.