لا أدري إن كان هناك سوانا من دول العالم تحظى بوظيفة خاصة تسمى.. بالمعقب؟ أو أن هذه الوظيفة هي أحد ملامح خصوصيتنا النادرة والمتميزة.. دون العالمين؟ على كل حال وظيفة المعقب هي أبرز المؤشرات على ما يلي: - الأنظمة الإدارية لدينا ما برحت متعرقلة بالشرك الروتيني، والمتاهات البيروقراطية التي تجعل من الصعب أن تسير الكثير من المصالح والأوراق والمتطلبات بيسر وسهولة، دون وجود من يتتبعها ويطاردها، كما يطارد الصقر فريسته، خوفاً عليها من فخ أحد الأدراج في المكاتب الحكومية الذي قد تسقط فيه فتبقى هناك إلى أبد الآبدين. - ظهور الكثير من الوظائف العجيبة المساندة لعجزنا وتواكلنا، وعدم رغبتنا الحقيقية في أداء أمورنا بأنفسنا، كالمعقب، ومنظمة الحفلات، أو الأخرى التي صنعت لها صفا دراسيا لتعليم الخادمات الجديدات أصول العمل المنزلي، بعد أن غدت ربة المنزل عاجزة عن إخبار عاملاتها كيف تنظف النوافذ أو تغير أغطية الأسرة. - يمتلك المعقب دوماً شخصية مميزة فهو بسيط التعليم لكنه حذق أريب، له دائرة واسعة من المعارف، الذين بدورهم يمتلكون لغة سريعة وخاصة فيما بينهم خاضعة للمحسوبيات والواسطات.. ولم أضف شيئاً آخر هنا..!! ولكنها تشير بالتأكيد إلى طبيعة الأنظمة الإدارية التي لم يأكل الزمن ويشرب عليها فقط.. بل بذر وزرع.. وحصد. - وظيفة المعقب تنضوي تحت مسمى مكاتب خدمات، منتشرة لوحاتها فوق المباني، بل وتتخذ صيغة رسمية، تلك الصيغة التي تؤكد بأنه مازال يفصلنا عن الحكومات الإلكترونية.. أزمان ضوئية.. فعلى الرغم من أن النظام الإلكتروني هو ضرورة عصرية ملحة، لكن بعض الأنظمة الإدارية مازالت تشابه النظام الإداري في زمن.. الباب العالي العثماني. - وظيفة المعقب بالتأكيد تشير إلى أن هناك فئات ضعيفة عاجزة ومقصاة عن متابعة مصالحها في الدوائر الحكومية، مثل النساء الممنوعات من دخول تلك المصالح. كبار السن.. العجزة.. الأطفال.. فلا بد عندها أن يتم الاستنجاد بمعقب يجيرهم من رمضاء حاجة الأقارب والمعارف. المعقب هو أحد ملامح أنظمتنا الإدارية.. بكل جدارة واقتدار.. وهو أحد خصوصياتنا التي تميزنا دون العالمين.