إن الملاحظ في السنوات الاخيرة ان نسبة الامراض الصدرية وخصوصاً الربو تضاعفت خلال العقدين السابقين، اسباب مثل هذه الزيادة كثيرة ومنها التغيرات البيئية في الأجواء المحيطة بنا مع انتشار وسائل الحضارة الحديثة مثل السيارات والمصانع التي تتصاعد ابخرتها في الجو، وبعض الاشجار المستوردة التي تثير الحساسية، إلا أن أحد اهم اسباب مثل هذه التغيرات، انتشار التدخين الذي يلوث الاجواء المحيطة بنا ويعد دخان التبغ بجميع انواعه احد اكثر المواد التي تهيج وتؤثر على الصدر، ونقصد بالتبغ هنا التدخين والغليون والشيشة والمعسل وما شابهها. تأثيرات التدخين كثيرة ويتطلب تعدادها مجالاً اكبر إلا ان اهمها امراض الرئة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة, وكذلك امراض القلب وشرايينه وانواع كثيرة من الأورام الخبيثة والحميدة. مثل المشاكل الصحية السابق ذكرها ناتجه عن تأثير التدخين المباشر على الرئتين والجسم، وهذه المشاكل ليست الوحيدة الناتجة عنه، ولكنها تتوسع وتمتد الى البيئة المحيطة بالمدخن أو ما يسمى بالتدخين السلبي الناتج عن استنشاق دخان سجائر من قبل شخص آخر، ليدفع مثل هذا الشخص البريء الضريبة لخطأ شخص آخر. التدخين السلبي ينتج عند اشعال المدخن السيجارة في مكان مغلق أو عام، مثلاً ان يكون في السيارة أو داخل المنزل أو مكان العمل أو المصعد أو الأسواق هنا نجد ان غير المدخنين عندما يتعرضون لمثل هذه المواقف تنعكس سلباً لديهم بحيث تؤثر على الجهاز التنفسي مسببة كحة وسعالا وازمات ربو وتؤثر على الانف والجيوب الانفية وتسبب حساسية العينين، كل ذلك إضافة إلى تلوث الهواء بدخان السجائر، ولقد ثبت علمياً ان تعرض غير المدخن لدخان 4 سجائر أو ما يعادلها من الشيشة أو المعسل يساوي تدخين سيجارة ولبيان ذلك نضرب مثلاً بسيطاً وهو عندما يقضي شخص غير مدخن سهرة مع ثلاثة اشخاص مدخنين استهلك كل منهم معدل 8 سجائر اي ما مجموعه 24 سيجارة فكأن غير المدخن شرب 6 سجائر، وفي اعتقادي الجازم ان مثل هذا الرقم يخيف ويتطلب وقفة حازمة وجادة من غير المدخنين لتجنب الجلوس في الاماكن المغلقة التي يكثر فيها التدخين وبذل اقصى الجهود لتكون مجتمعاتنا خالية من التدخين. مثال آخر مقلق ومزعج في نفس الوقت، هو تدخين الاب امام ابنائه وزوجته في المنزل والسيارة والذي يعتبر وبدون مبالغة جريمة من الاب في حق أعز الناس لديه وهم ابناؤه, فإضافة الى احتمال تعودهم وتقليدهم لوالدهم في التدخين، يسبب التدخين مشاكل عديدة للاطفال خصوصاً ممن لديهم حساسية في الانف والجيوب الانفية أو تتطلب حالتهم استئصال اللوز. فقد اثبتت دراسة نشرت حديثاً في مجلة امراض الصدر الأوروبية واجريت فيمدينة ساسكتون في كندا، أن الكحة واعراض الجهاز التنفسي اكثر لدى الاطفال الذين يعيشون بين ابوين مدخنين عند مقارنتهم مع امثالهم من اطفال يعيشون عند ابوين غير مدخنين، كذلك احتمالية ان يتطور التهاب اللوزتين ويتطلب استئصالهما، أكثر بكثير لدى الاطفال الذين يعيشون لدى ابوين مدخنين. هذه الدراسة اجريت على عينة من 892 طفلاً وبينت ان نسبة اعراض الجهاز التنفسي مثل السعال كانت 15% لدى الاطفال الذين لم تستأصل اللوزتين لديهم ويعيشون لدى ابوين مدخنين، هذه النسبة ترتفع الى 37% عند الاطفال الذين استؤصلت اللوزتين لديهم, مثل هذه الدراسة المهمة تبين بشكل كاف وواف مدى معاناة الاطفال الذين يعيشون لدى والدين مدخنين. ان التدخين له مضار كثيرة على المدخن، إلا أنه ينبغي ان يتنبه غير المدخنين للاضرار التي تصيبهم عند مجالستهم المدخنين، وكذلك نجد ان هذه فرصة لتوجيه نداء للمدخنين ان يتقوا الله في انفسهم وفي مجتمعهم وفي أعز الناس لديهم وهم اقرباؤهم واصدقاؤهم لوقايتهم من اضرار التدخين، قال الله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . * استشاري الأمراض الباطنية والصدرية مستشفى الملك فهد للحرس الوطني