هؤلاء الذين خرجوا من تحت ثياب المسرح صغاراً,, ثم غابوا طويلاً داخل دروب الدراما التلفزيونية وفسروا هذا الغياب بكل مفردات العقوق المسرحي لقد كان في تصورهم أن المسرح سيغيب إذا غابوا وسيتوقف إذا توقفوا عن الركض فوق خشبته,, وعليهم ان يعيدوا نظرتهم للأمور,, فالمسرح ولاّد ,, وهو لا يتوقف أبداً حتى وان بقي من كل رهط الواحد والاثنان,, فالمسرح ولاّد وهو لايتوقف عن إخراج المجموعة,, تلو المجموعة مهما قل نشاطه. خرجوا من المسرح ثم غابوا طويلاً طويلاً,, فماذا وجدوا,, غير الغربة الطويلة؟ والهجر ولَّد العقوق والعقوق ولّد النسيان,, فلم يعد لديهم القدرة على تذكر تفاصيل الخشبة أو حتى الحبو على خشبتها فقد بادلتهم هجراً بهجر وعقوقاً بعقوق، أصبحت خطواتهم ثقيلة,, وفكرهم مشتت,, وقدرتهم على فعل الوقوف ذابلة وهشة. خرجوا من المسرح وهم يمنّون انفسهم بعودة قريبة فسرقتهم الاضواء ووجدوا لانفسهم اعذاراً جاهزة لا مسرح,, لا نص,, لا خشبة,, لا جمهور,, لا مادة,, قائمة طويلة من فعل التبرير,, لكن الخشبة لاتزال تلد,, والجديد يلتهم القديم الذي غاب,, ويطوي اسمه,, حاولوا العودة فسقطوا من الخطوة الاولى لم تعد لديهم المقدرة على الحبو على تلك الخشبة الأم. دخلوا للمسرح وهم يعتبرونه,, خطوتهم الاولى للهروب نحو غيره، قالوا انه يجيد تقديمهم للضوء الذي يبحثون عنه,, ولكنه كان صعب الترويض,, ولم يكن من السهل عليهم ترويض هذه الخشبة فقذفت بهم بعيداً عنها وعن الضوء الذي كانوا يبحثون عنه,. بقي المسرح مسرحاً,, وذبلت كل الحقائق امامه بقي صامداً قوياً يلد ويلد، لا يتوقف لغياب أحد,, لايذبل لأن أحداً أنكره أو هجره أو اعتبره جسر عبور. وقفوا على الشط المقابل للمسرح,, كانوا يرغبون في العودة فهم يعرفون تماما ماذا تعني هذه الخشبة,, لكن الخطوة كانت عاجزة عن نقلهم للشط الآخر,, اصبحوا يشاهدون مخلوقات جديدة تمتطي صهوة هذه الخشبة فرسانا عالية الجودة,, ولم تعد لديهم القدرة على العودة,, فبقي الحنين طويلاً يطاردهم,, دون ان يجدوا بارقة امل في العودة وكلما طال الغياب,, كلما كبر العجز وتضاءلت فرصة العودة فالمسرح ولاّد,, والقديم الذي لم يتواصل ويستمر ويتعملق القديم الذي غادر المسرح لم يتمكن من العودة مرة اخرى ولن يتمكن من ذلك.