العبرة درس من الدروس المهمة جدا في حياتنا ومقياس بليغ يخرج المرء منه متى تحققت عنده عملية الاعتبار بقناعة عالية ويقف - بعد أن يتغلغل هذا الدرس في خياله - دون التمادي في طريق تكون نهايته سيئة على حياته أو صحته أو طريقة سلوكه وتعامله.. إلخ. فالمجتمع يعج بكثير من العبر والدروس.. دروس مجانية تجعل من الحجر القاسي قلبا ينبض.. هذا يجعلنا نتساءل عن موقف أفراد مجتمعنا من هذه الدروس وهل تحقق من ذلك ردع قوي لنا دون الإمعان والانسياق في الدرب الخاطئ.. في الحياة اليومية نقف على كثير من المشاكل والمصائب (لسان الحال فيها يغني عن لسان المقال).. لكن مسألة العبرة من ذلك قد تقل وقد تكثر حسب مقاس الإحساس في دواخلنا, فبعضنا تمثل له هذه الدروس مفترق الطرق في التغيير، والبعض الآخر تكون ردة فعله دون المستوى وإن حدثت كان أثرها آنيا سرعان ما يزول مع زوال الحدث. إن ارتكابنا الأخطاء حالة ماثلة، ووقوفنا على الكثير من الحالات المأساوية من الحوادث وغيرها يمكننا بلا شك من أخذ العبرة لكننا مع كثرتها - للأسف - أصبح ينطبق علينا المثل القائل (كثرة المساس.. تذهب الإحساس) ولعل أكبر شاهد لهذه المقولة يتبادر لكل ناظر عندما نجد وخاصة بين قطاع بعض الشباب والمراهقين - الذين هم في مرحلة الطيش - من يقوم بتوثيق الأحداث والحوادث المؤلمة ب(البلوتوث) ليجعلها مادة للتسلية ومدعاة للفخر (بسبق) التوثيق. إن مثل هؤلاء وهم بهذا التعامل هم ربما يكونون العبرة اللاحقة لغيرهم عندما تبلدت أحاسيسهم بهذا الوضع. إن أكبر مواجهة لعدم مسايرة الأخطاء هو الاعتبار.. الاعتبار بالحوادث المرورية ومسبباتها التي جعلت من ضحاياها مجازر معروضة على ساحة الطرق، ودرسا لكل معتبر وسالك طريق التهور واللامبالاة, وكذلك العبرة من حال من وصلوا لخط النهاية من متعاطي المخدرات, والعبرة من العقاب الذي يشرع بحق مرتكبي الجرائم من القتل والسرقات وغيرها.. والعبرة من كل شيء يمس حياة الفرد.. وإن مثل هذه الأحداث يكون فيها رحمة لمن جعل غيره عبرة له وليس العكس.. فهل يا ترى ندرك هذا العامل..؟