سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
- كشفت عن علاقتها باسم "مناحي" - حذرت من "شلل" المدارس و "دراكولا" الأطفال ... - اعتبرت أن آلية الزواج عندنا غير "صحية" . هناء المطلق : المرأة ليست إلا "قطعة غيار" للرجل أو "بطارية" يكمل بها حياته !
مع مطلع التسعينات شهد المجتمع السعودي تحولات عدة في شتى المجالات، كان هناك حراك اجتماعي لافت للنظر، وبدأت تعلو أصوات تخبر بأن هناك في المجتمع رئة معطلة لا تتنفس كما يجب، وأن المجتمع بكل أطيافه يخنق تلك الرئة الضعيفة وهي المرأة! في تلك المرحلة بزغ نجم الدكتورة هناء المطلق الأكاديمية المتخصصة في علم النفس جاءت بالدكتوراه من بريطانيا ويحدوها الأمل في ترك بصمة مميزة لها. كانت محاولاتها جريئة، وتحمل في طياتها الجديد والمثير، وحرفها يقود إلى دهاليز في كوامن الشخصيات ومفترق الطرقات. لم يعجب البعض توجهها هذا، فحاربوها من كل اتجاه. وفي المقابل، وجدت لها أرضية شعبية مكّنتها من الانطلاقة الأقوى في كل اتجاه، كل ما تتمناه فقط أن نسمح للبوح أن يغادر داخلنا إلى فضاءات أرحب. حملنا أسئلتنا إليها، وعدنا بأسئلة أكثر منها... فإلى تفاصيل الحوار: كونك من"القصيم"ومن أبناء العقيلات... ماذا شكّل ذلك بداخلك؟ - حياة العقيلات ذات مذاقات خاصة، فالغربة الاستقرارية في البلد المضيف تمنحك جذوراً إضافية لتنتمي حتى إلى غربتك وإلى حقيبة سفرك وإلى بلد تستقر فيه يوماً واحداً فتتعلم وتستمتع من دون أن تذوب في النماذج المطروحة. وهذا يمنحك القدرة على أن تكون أنت على رغم العواصف. الواقع اليومي... هل يظلم النساء عندنا؟ - للأسف بعض النساء عندنا مغيبات ومبرمجات بعناية فائقة على الشعور بنقص الجنس الأنثوي وضعفه وهامشيته. لذا لا تحاول أن تكتشف نفسها ولا قدراتها الشخصية، بل إن فعل البرمجة الداخلية جعلها تقلل من أهمية تلك القدرات إن أتيحت لها الفرصة لاكتشافها، وهذا جعلها غالباً جاهلة بحقوقها الشرعية، وإن ذكّرتها بها واجهتك بالواقع اليومي الذي جعلها يائسة من الحصول عليها. لماذا المرأة يطاولها التهميش من كل جانب؟ - واقع تهميش المرأة يستشرس جداً عند بعض الأسر إلى درجة الحط من قيمتها الإنسانية، فالمرأة ليست إلا قطع غيار للرجل أو بطارية - مثلاً - يكّمل بها حياته. فحين يدمن الشاب مثلاً يسرع الأهل بتزويجه بقطعة غيار تجهل واقعه، وحين تصدم به لا يهتم أحد بلملمة أحلامها البشرية، بل يحمّلونها مسؤولية الصبر على إدمانه ونزواته وعنفه، بل والتستر عليه بدلاً من علاجه. هذا الواقع جعل المرأة تبالغ بما عليها وتقبله على أنه حقيقة تَكْبُت متطلباتها الإنسانية، لكي تتعايش يأساً من تطبيق حسن المعاملة التي كفلها لها الشرع. دائماً نجد المرأة في لهاث... هل ذلك لأن الفرص المتاحة للمرأة عندنا قليلة؟ - على رغم الفرص المتاحة حالياً أمام المرأة لكي تثبت نفسها، وعلى رغم أن عملها صار يوفر لها فرصاً أفضل للزواج تجد أن بعض النساء لا يستثمر هذه القدرة الاقتصادية في تحسين أوضاعها، بل تتنقل من دائرة لهاث لاقتناص زوج في بداية حياتها إلى دائرة لهاث جديد، للحفاظ على هذا الزوج لأيامها المتبقية. لذا فالكثير من الزوجات ضائعة بين غيرة مرضية وتخوفات غير واقعية حول علاقات زوجها الوهمية أحياناً. وللأسف يميل بعض النساء إلى السكوت على علاقات غير شرعية، خوفاً من أن يقال لها"أمسكي الباب"إن هي تدخلت في ما لا يعنيها كما يقول زوجها وكثيراً ما يتفق معه الآخرون. والمشكلة ألاّ أحد يتفق على تعريف حدود ما يعنيها وما لا يعنيها و "الطاسة"ضائعة في أيام العولمة. والأهم من ذلك ضياع الأطفال في قافلة هذا اللهاث اليومي، فالأب لاهٍ عنهم بنفسه، والأم لاهية عنهم به. أشعر بأنك تلومين المرأة أكثر من اللازم؟ - أنا لا ألومها على ذلك، ولكن أمامي عشرات الحالات لأطفال طلاق انتقلوا فعلاً إلى حياة بائسة. فحين يتبعثر البيت بالطلاق يصبح واقع الأطفال مرهوناً كلياً بمدى شهامة الأب وصحوة ضميره. فبعض القضاة يميل كثيراً إلى إنصاف الأب الذي كثيراً ما يبدأ بيتاً جديداً وكأن شيئاً لم يكن، وسط حقد عائلته القديمة وتوتراتهم بسبب الضيق المادي والاجتماعي. ما زلت أذكر أم عبدالله وهي تقول لي إن زوجها فصل من العمل بسبب التعاطي والشرب، استقر زوجها في البيت وصار دائم السكر ودائم الضرب لها ولأطفالها، وعلى رغم أنها هي التي تعوله وتعول أطفالها الستة، وعلى رغم أنها مديرة مدرسة إلا أنه لا أحد يخولها في إدارة نفسها وأطفالها. فهو يهددها بسحب موافقته على عملها إن قطعت عنه المصروف، وبسحب أطفالها إن هي طلبت الطلاق. لأن"زوجي لسانه طويل ولبق". تقول أم عبدالله"وسيقول ما يقول في المحكمة ويأخذ أطفالي ليتربوا وحدهم في جو الانحراف". أم عبدالله تعيش في رعب دائم، ليس فقط من تكرار إرهاب الزوج، بل من خوف الله، لأن زوجها يأخذ نصف راتبها لشراء المنكر، فهي إذاً تساعد زوجها في المعصية. صراعات النساء الصراع الذي تعيشه المرأة... هل يحرمها من شيء؟ - الصراع مع الواقع يجعل المرأة مشغولة في المحافظة على البقاء أكثر من انشغالها بتطوير ذاتها ومعرفة نفسها وقدراتها. وما زواج المسيار إلا صورة بالألوان الفاقعة لهذا الواقع الذي يجعل من المرأة بضاعة في"السوبر ماركت". فعادة ما يحدد للبضائع تاريخ لانتهاء الصلاحية، والصلاحية هنا تنتهي بتأخر الزواج أو بالطلاق ولو من مدمن. وما على البضاعة حينذاك إلا أن تتقرفص في سلة"التنزيلات"، والسلة كما تعرفون قرب"الكاونتر"عادة لتذكير من نسي أن يستضيف هذه البضاعة بأنها زهيدة الثمن سمينة الراتب. ولكن الرقابة تغفل أن تلصق تحذيراً مهماً للمتعاطين: "أن شراء هذه البضاعة سيجلب معه ضغط الدم وارتفاع السكر والتشرد لمن تدخل بيته". هذا الإعلان للمتعاطين لزواج المسيار يستند إلى معايشة وقائع حياة الأسر ومعاناتهم اليومية بعد زواج كان يبدو مغرياً لسهولته. أعرف أن كلامي هذا لن يروق للبعض، وبالذات لا يروق لمن هم على وشك التعاطي أو لمن يحلمون بالتعاطي، ثم اطمئنوا كلنا بخير باسم الله تبارك الله، ثم لماذا تلتفتون مثلي إلى ملفات حقوق الإنسان والمحاكم والسجون؟ اتركوا عنكم"دَبْلَة الكبد". التفتوا إلى صالات الأفراح فهي مضيئة دائماً ضاجة بالحياة. وإمعاناً في إرضائكم سأعود إلى الملفات التي بين يدي لكي أوزع التحذيرات الواردة في الإعلان، إذ سيكون التشرد والقلق والخوف من نصيب الزوجتين أو الزوجات والأطفال، وهؤلاء أمرهم هين، لأنهم لا يشكلون قوة شرائية. أما القوة الشرائية، الرجل، فلن يصيبه من مساوئ الأمر غير أمراض السكر والضغط وربما القلب. وهذا أمر سهل، فالمستشفيات كثيرة. كيف تقرئين العنف الذي تتعرض له المرأة عندنا؟ - العنف عادةً ما يفرز من ذاته العنف المضاد، تجد أن المرأة أصبحت تمارس العنف هي الأخرى. يحركها الانتقام ممن حُرِم من إرضاء حاجاتها إلى الاعتراف والاحترام والأخذ بالاعتبار. وظاهرة عنف المرأة وهربها من بيت الأهل غالباً ما يعودان إلى أسباب مثل هذه. مع أن بعض من هربن لديهن فعلاً قضية تستحق النظر فيها. علماً بأن هذا الواقع البائس الذي وصفته لا ينطبق على كل النساء. وهذه ظاهرة غير مألوفة قبل عصر العولمة تلفت النظر إلى ضرورة تعديل هذا الواقع حتى لا ينتج مزيداً من الحقد على المجتمع لدى المرأة والأطفال. عدوانية المرأة هل الظلم والعنف اللذان تتعرض لهما المرأة يجعلانها أكثر عدوانية؟ - لدينا امرأة عدوانية هوجاء معبأة بالغضب على المجتمع وعلى أهلها بسيطة التفكير لا تفكر بنتائج أفعالها ولا تحسب حساباً لا للدين ولا للتقاليد ولا لمستقبلها. وهذه المرأة جاءت رد فعل للكبت الذي عاشته، إنه رد فعل غير صحي للتهميش. فحين يستشري الغبن يلجأ الإنسان موقتاً إلى قطع تيار الإحساس بالغبن كآلية دفاعية للتعايش. وهذا التبلد والقبول تحول هذه الأيام للأسف إلى رفض مدمّر يصل إلى حد العنف والاندفاع لدى بعض النساء. على رغم كل الإحباطات، إلا أن هناك نماذج مشرقة لنساء استطعن أن يفرضن شخصيتهن في المجتمع... هل ترين أنهن قلة أم كثرة؟ - لدينا في المملكة هذه الأيام أعداد تتنامى من النساء تذهلك بثباتها وقوة شخصيتها وقدرتها على فهم معطيات الواقع وعلى التطور المتناغم ضمن معطيات واقعها الديني والثقافي. فعلى رغم المعوقات الاجتماعية والقانونية التي تحد من حركة المرأة بسبب كونها أنثى وعلى رغم يافطات ممنوع دخول النساء- ممنوع المراجعة من دون محرم تجد بعض النساء السعوديات على وقتنا الحالي يكتشف نفسه بسرعة مذهلة تخترق كل التوقعات والمعوقات فتتفجر بالفعل والطموح والرؤية الشاملة بشكل يتجاوز كل الأسئلة. وعادة ما تسرع القدور الكاتمة إنضاج الطعام. رجالنا والغضب يرى الغالبية أن مجتمعنا ذكوري في كل شيء... كيف ترين أداء الرجل في المجتمع؟ - بعض الرجال كثير المعاناة سريع الغضب بسبب طريقة تفكيره فالرجل أكثر من المرأة تجسيداً لعطب الفكر العربي في التمركز حول الذات. انخفاض القدرة على رؤية الكليات، بل التركيز على الجزئيات. وهو ما يؤدي به إلى القفز في الحكم على المواقف من واقع الجزئيات الظاهرة. فبعض الرجال ولا أقصد كلهم مثلاً يحكم على الأشياء من مظاهرها ولا يتأنى لدرس المخبر، بل ولا النتائج. وهذه بساطة تفكير لدى البعض تجعله سريع الانخداع بمظاهر الأشياء. فهو قد يحكم على سلامة نية شخص من ملبسه أو مظهره، لأن التركيز على الجزئيات يشكّل لديه ميلاً مسبقاً إلى الانخداع بالأقوال والوعود من دون الأفعال، وهو ما ييسّر استغلال هذه الخاصية فيه ممن يريد إدخاله في مطبات عمل أو زواجات غير واعدة. ألا تشعرين أن الرجل يميل إلى الراحة أكثر فيختار الحلول السهلة حتى ولو كانت على حساب آخرين؟ - للأسف الرجل عندنا رؤيته للمستقبل ضبابية وغير واضحة لذا تراه يميل إلى الحلول المريحة الآنية حتى لو أدى ذلك إلى عواقب مستقبلية. فعادة ما يعلن المسؤول الجديد مثلاً خطة عمل تطهيرية وبرامج واعية تحفظ في الأدراج فهو يكتفي بإعلانها مدعومة ببعض عمليات التطهير الظاهرة ولا بأس إن دعمها بزيارات ميدانية تظهرها الصحف مدعومة بتصريحات ووعود جاءت من الدرج، لأنه هو ذاته يصدق المظهر وقد يصدقه البعض أيضاً. علماً بأن هذه الموضة في الإعلانات آخذة في الزوال على أيامنا هذه. الرجل في وقتنا الحالي يعاني من نتائج تربيته على التميز لمجرد كونه ذكراً يحتفي به، وهو ما لا يسمح له للأسف بالخروج عن ذاته، فبعض الرجال متمركز حول ذاته مشغول بها، ويعتقد أن العالم كله بما فيها زوجته وأطفاله والمؤسسات الحكومية قد وجدت لأجل راحته هو بالذات، وبالتالي عليها أن"تمشِّي شغله". ولأن منطق الحياة لا يسمح بذلك تجده محاصراً بغضبة مما يلاقي. فيشعر بالظلم. يهرب من الحقائق ويؤجل مواجهتها. البيت مسؤولية المرأة، حكمة ينطق بها كل رجل لأجل أن يهرب من مسؤوليات أكثر... ما رأيك؟ - الرجل في البيت لا يريد أن يعرف إشكالات أطفاله وعلى الأم أن تكون بارعة في لهمده مشكلة ابنه الذي صار يهرب من المدرسة وابنته التي لا تعرف أمها من أين تأتي بجوال جديد كلما عاقبتها وأخذت الجوال. أما الأب فيريد أن يقضي أطول وقت مع ابنه وابنته من دون صداع أو رؤية حقائقهم وليأت المستقبل بما يريد. واللهمدة مستمرة معه ترافقه إلى العمل. فهو في العمل أما"ملهمد"أو"ملهمد عليه"اعتماداً على موقعه في العمل. لذا فعمليات التطهير في الوزارات في رأيي لن تنجح ما لم يتعرض إنساننا الحالي إلى عملية تطهير داخلية تفتح منافذ انتمائه إلى هذا الوطن، بدلاً من انتمائه إلى مكاسبه الآنية وترفع من وعيه بواقعه وبذاته التي نسيها في خضم اللهاث، للمحافظة على المكتسيات غير حاسب حساب الله سبحانه. وهنا أقول أيضاً إن هذا الوصف الموحش لا يشمل كل عينات الرجال، ولكن طرحي للواقع لن يكتمل من دون الإشارة إلى عينات أخرى، فهناك الرجل عميق التفكير مستقبلي واقعي يتفهم وجهات نظر الآخرين شمولي النظرة إلى الحياة. انتماؤه إلى دينه ووطنه واعياً يتصرف وفق مبادئه العالية مهماً تشابكت الظروف والمغريات. شريعة الغاب هناك نظرية فحواها أن كل رجل هين يعيش مع امرأة متسلطة والعكس صحيح... هل هذا مفاده أن الحياة مع الضدين أجمل؟ - هذه شريعة الغاب. فالمواقف اليومية لدينا للأسف لعبة كرة يحكمها مبدأ رابح - خاسر. لذا فحين يجد أحد الطرفين أن الآخر متفهم أو طيب أو ضعيف، فإنه يأخذه سبياً ليمارس عليه كل تسلط مورس عليه هو من قبل. فحدا المعادلة لا يسمحان بغير ذلك. وعادة ما يطرح في العلاج الأسري مبدأ رابح - رابح لكي يثري أحدهما الآخر بدلاً من أن"ينشف ريقه". لماذا المرأة الجميلة أقل حظاً وأكثر عذاباً؟ - هذا يحدث فقط عند اكتفاء المرأة بجمالها على أنه رأس المال. فالأطفال يطورون نماذج السلوك اللباقة والذكاء مثلاً لجذب إعجاب الكبار وانتباههم، لكي يشعروا بالأمان. وهي تستطيع أن تجذب الانتباه والقبول بجمالها، الأمر الذي لم يستحث الجوانب الأخرى. دائماً ما نردد أن لنا خصوصيتنا ومجتمعنا مثالي و، و، ولكننا نسمع عن زنا محارم وعن تعذيب وهتك للإنسانية، أين المعضلة؟ - البكتيريا تتكاثر في الظلام. ولكنها حتماً ستطفح على الجلد يوماً ما. ونحن نعيش مرحلة الطفح علماً بأنها مرحلة أكثر صحية، لأنها على الأقل توجب العلاج. آلية الزواج عندنا كيف تقرئينها؟ - غير صحية ومسؤولة عن الطلاق، فالزواج عندنا بين عائلتين وليس بين شخصين. ومن هنا فمحكات الجودة لا تتفحص الشخص ذاته بل أهله بخيرهم وشرهم. ابن فلان والنعم ولا نعرف أو قد لا نريد أن نعرف إن كان هذا الابن عاطلاً أم مدمناً أم شاذاً أم مزواجاً. مشكلاتنا النفسية لا نجد لها فضاءات لمناقشتها، فنلجأ للغرف المغلقة والمظلمة لنبحث عن حل، إلى متى؟ - حتى تصل تمديدات الكهرباء إلى الغرف المظلمة. الجنس في مجتمعنا الجنس هو محور الدمار لكل نفسياتنا، إلى أي مدى تتفقين مع هذه المقولة؟ - ليس الجنس بذاته. بل الدمار هو تفريغ الأدمغة من محتواها ليعشش فيها الجنس كلية. ما أثر التحرش الجنسي في الطفل؟ - أقوى من آثار الضرب والتعنيف والحوادث في دمار الشخصية. فحالة تحرش واحدة بالطفل تدمر حياته كلها، فتصبح حياته كلها قبل وبعد التحرش لأن التحرش يفتح في مخ الطفل منافذ غير مستعد لاستيعابها. فإدراك الطفل يؤهله للعب والأكل والرسم بل وحتى الدخول في مشاجرات، أما الجنس فهو لم يعد بعد لفهمه. لذا تتفتح لدى الطفل مبكراً منافذ أكبر منه وعادة ما يخاف البشر ما لا يفهمونه. ماذا ينتظر الطفل مستقبلاً من وراء التحرش؟ - ضعف الشخصية عموماً والشعور بالذنب من دون سبب، لأن الضحية ينكفئ على نفسه ويخطئها ويكرهها والقلق الاجتماعي وخوف الناس، والوساوس والمخاوف. فبعض الشباب من المتحرش بهم أو من مورس عليهم التهديد من شخص أو شلة في المدرسة، تجده شديد الحساسية يرافقه انكسار دائم وأنه"لا يواجه"وعلى رغم انه انه ضحية، إلا أنه يشعر بالذنب والخوف من احتمال التكرار ويخاف التلميحات ويفسر حركات الآخرين على أنها إعداد لإيذائه. والاضطرابات الجنسية عموماً وأولها الشذوذ الجنسي واردة جداً، فالطفل المتحرش به من طفل أكبر أو رجل عادة ما تحدث لديه منذ يوم التحرش ميول مبهمة إلى الجنس ذاته حتى ولو قاوم التحرش وكرهه. لماذا يشعر الضحية بالذنب؟ وهل يعرف الطفل أن هذه الممارسة خاطئة؟ - لأن شعور الجاني بالذنب انتقل إليه والتصق به في اللاوعي. فبعض التحرشات تحدث في مرحلة مبكرة في عمر سنتين مثلاً، إذ انه لا يعرف معنى الأشياء. وبعض الناس لا يستذكرها أبدا. ولكنه يبدأ مسيرة الشعور بالذنب لأسباب مبهمة، فالشعور بالذنب عدوى التقطها المسكين من الجاني. وهل يشعر الجاني بالذنب؟ - سؤال خطر وعادة ما تسألني إياه معظم حالاتي. فالشعور بالذنب هو أنني على خطأ واستحق العقاب، هو شعور إنساني يتوافر لأعتى المجرمين أثناء ارتكاب الجريمة وهذا الشعور بالذنب هو الذي التقطه الطفل من دون وعيه، أي أن شعور الجاني قد انتقل إليه وسيدمر حياته المقبلة مهما عاش. لذا تجده يكره نفسه ويفشل إذ أن معظم أفراد عصابات التحرش في المدارس فاشلون دراسياً واجتماعياً، وما العدوانية وتحدي الأنظمة التي يظهرونها، إلا رد لتغطية الشعور بالذنب والفشل. كيف تفسرين شِلل التحرش في المدارس من المراهقين؟ - كلهم أطفال مساكين سبق أن تعرضوا للتحرش بهم. وعادة ما يبحث الضحية عن ضحية مثل ما يحدث مع"الدراكولا". علماً بأن أفراد هذه الشلل لا يؤتمنون حتى على محارمهم، فالتحرش به قد فتح عليه منافذ الجنس مبكراً، ما يجعلها تسيره وتستعبده فلا يفرق بين الحابل والنابل. وعلى المدارس أن تنظم عمليات علاج مكثفة لأطفال هذه الظاهرة. لماذا أنت مهتمة بشِلل المدارس؟ - لكثرة ما أعالج ضحاياهم من الأطفال. علماً بأن كل"دراكولا"منهم يمكن يفسد حياة 20 طفلاً. والنتيجة 20"دراكولا"جديدة. كم هم ضحايا الجنس الذين يزورون عيادتك؟ - بل الأهم كم الضحايا الذين لا يزورون عيادتي ولا أي عيادة. المرأة والمواجهة لماذا المرأة تكره المواجهة وترفض الاستقلالية وترضى بالنصيب؟ - هذه عادة سيكولوجية. لأن الحرية مثل العبودية ثمنها غال جداً. والضحية يفضل دفع الثمن بالعملة التي تعودها. لذا نتساءل هل تصلح الديمقراطية للعالم العربي. في الديموقراطية يحصل الفرد على ما تريده الغالبية. فهل أنت مستعد لقبول ما تريده الغالبية؟ وإن لم تقبل فعليك إذاً أن تختار الديكتاتورية كبديل. فورطة الإنسان العربي تتجسد في هذا الموضوع. رخصة ممارسة الطب النفسي هل لك عليها ملاحظات؟ لا طبعاً. أرجوك لا تسأل. كل شيء تمام"المواصلات فاضية"على ما يقول عادل إمام"والرغيف كبير وكل شوية يقولوا لنا خذوا الرخصة خذوا الرخصة، بس إحنا ننسى نروح". والنسيان أزمن لخمس سنوات. عندما ترين متخصصاً في علم النفس لكنه غير موفّق في حياته الخاصة، أين تجدين المشكلة؟ - المواصلات بين العقل والقلب مقطوعة. فالقلب لا يشرب مما شربه العقل. جامعاتنا مريضة تعليمنا الجامعي، هل يحتاج إلى: عيادة نفسية أم مصحة نفسية، أم مستشفى مجانين؟ - بل يحتاج إلى عمليات شطب التنافس الأكاديمي بين عضوات هيئة التدريس. البعض يرى أنه غير صحي، ما رأيك؟ - العيب في الإدارة التي تشجع التنافس غير الشريف. طالباتك يشتكين أنك مشغولة عنهن كثيراً ولا يجدن فرصة للاستحواذ بك أكثر، هل هي دعوة منك لزيارة عيادتك أم هناك أسباب أخرى؟ - بل روتين الجامعة الذي لا يسمح بتخصيص ساعات أكثر للعيادة. وهموم الطالبات كثيرة. ما العلاج بالطاقة؟ - طب الطاقة يعطي كل الاهتمام لما هو غير مرئي، لأنه هو السبب في تحقيق المرئيات. فأفكارك وعواطفك هي طاقة أي ذبذبات تحركك للفعل. فالطاقة هي محركات الأشياء. أما المادة فهي مادة الأشياء، فجسدك المرئي مادة، ومحركاته أفكارك وعواطفك من عالمها غير المرئي، وفيها تنبت جذور الخوف والجبن والشجاعة والمرض. وطب الطاقة يعمد إلى علاج الجسد بعلاج الأفكار والعواطف. أنت لا تهتمين بتشخيص المرض من بارانويا أو وساوس. لماذا؟ - التشخيص في شكله الحالي هو"دمغة"غير إنسانية يضعها المعالج على أجساد البشر، تسقط صدقية آرائهم وتهمش من معاناتهم. ولا فرق لدي بين معاناة وأخرى. فما يهمني هو الخوف والغضب المكبوت في خلايا البشر. العلاج بالحلم يقال إنك تهتمين جداً بحلم الحالة لعلاجها،. فما العلاج بالحلم؟ - الحلم الذي تتركه على مخدتك صباحاً وتغادر على عجل ليس إلا قطرة دم يطلعك تحليلها المختبري العلمي على جذور أوجاعك العميقة في اللاوعي الحلم العادي وليس الرؤيا. وهذا هو علم النفس التحليلي الذي طرحه كارل يونغ للعلاج النفسي في تحليل رموز الحلم الذي جعله الله سبحانه وتعالى الوسيط بين العوالم المرئية وغير المرئية. كتب تطوير الذات، كيف ترينها ولماذا هي الأكثر مبيعاً؟ - تساعد الناس الاعتماد على ذاتهم في تطوير ذاتهم وتخطي الخوف والخجل بشكل جذري، بدلاً من الاعتماد على المهدئات والأدوية التي تخدر الشعور بهذه المعوقات وتتركها تعيث فساداً في الداخل. متى يستطيع الإنسان أن يقلب الطاولة في حياته؟ - حين تنسد أمامه كل الطرق فيصبح مجبراً على هذه البطولة. فالناس والأمم لا تتعلم بالأفكار بل بالمعاناة. الخروج عن النص متى يكون علاجاً لا بد منه؟ وأي النصوص عجزِ عن الخروج عنها؟ - الواقع العربي الحالي يجعل الخروج عن النص هو النص المتبع. أما النصوص التي أعجزتني فهي نصوص اللوائح الإدارية والله المعين. متى تكرهين أنك امرأة؟ - حين لا يصغي المسؤولون إلى اقتراحاتي حول تعديل أوضاع المرأة، اعتقاداً منهم بأنني متحيزة لجنسي، فأضطر إلى التخفي تحت اسم فاعل خير اسمه"مناحي".