يتفق الجميع على أن الأمة الإسلامية تمر في هذه الأزمان بحال من الفرقة وتباعد وجهات النظر، وكم هي حاجة المسلمين اليوم إلى التوحد والاجتماع وإعادة الثقة بالنفس خصوصا هذه الأيام، ليعود لهم دورهم الريادي في العالم علماً وعملاً، كما قال تعالى:{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } ولقد كان لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لملوك وقادة العالم الإسلامي لعقد قمة إسلامية استثنائية تعقد في الخامس والسادس من شهر ذي القعدة دليل على الهم الحقيقي لولاة الأمر في هذه البلاد لخدمة الإسلام والمسلمين وتوحيد صفهم وجمع كلمتهم وتقريب وجهات نظرهم، ولا ضير فهم قادة بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي وقبلة المسلمين أجمعين. ولقد جاءت هذه الدعوة في المكان والزمان المناسبين لتحقق المقصد الأسمى لها، فالمكان في أطهر بقاع الأرض مكةالمكرمة مهبط الوحي وموطن الرسالة الخاتمة وبجوار بيت الله العتيق. والزمان في شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم ومن أشهر الحج الذي تتوافد فيه جموع المسلمين لتأدية فريضة الحج. إن هذه الدعوة رسالة واضحة لكل قادة العالم الإسلامي لتوحيد الكلمة ورص الصف وتجاوز العقبات، لأن دينهم واحد وهدفهم واحد وقبلتهم واحدة، فلابد أن تكون نتائج هذا الاجتماع بحجم الأمل منه لتروي عطش مليار مسلم ينتظرون من قادة بلادهم الوحدة والتضامن والاجتماع. ولتحل المشاكل وتنتهي الحروب ويتفقد الفقير والمسكين ليكون المسلمون جسداً واحداً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد كما قال سبحانه:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لابد أن يرى المسلمون أثر هذه القمة عليهم وعلى بلدانهم جمعاً للكلمة وتوحيداً للصف في زمن فرقة واختلاف.. وختاماً أذكِّر بقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }، وحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -:(تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أو من قلة نحن يا رسول الله؟ قال: بل كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل). أسأل الله تعالى أن يحقق لقادتنا ما يصبون إليه وأن يجزيهم خيراً على هذه المبادرة القيمة وأن يجمع قلوب القادة على خير لصالح أمتهم وشعوبهم.