وسط إجراءات أمنية مكثفة في تسع محافظات، أسدل الستار أمس على واحدة من أشد الانتخابات البرلمانية شراسة وجدلاً في الحياة النيابية المصرية خاصة انها أول انتخابات تجرى بعد التعديل الدستوري الذي جاء بالرئيس حسني مبارك كأول رئيس منتخب في مصر على طول تاريخها، وكانت جولة الإعادة قد شهدت كسابقها من الجولات أعمال عنف وشغب في حين تخلّت وزارة الداخلية عن حيادها السلبي وكثفت من إجراءاتها حول لجان الاقتراع، بل زاد الأمر ان هناك لجاناً تم إغلاقها أمام الناخبين وكانت اللجان الانتخابية قد فتحت أبوابها صباح أمس أمام الناخبين في 9 محافظات هي الشرقيةوالدقهلية وكفر الشيخ ودمياط وسوهاج والبحر الأحمر واسوان وشمال وجنوب سيناء. وخاض هذه الجولة 254 مرشحا للمنافسة على 127 مقعداً منهم 201 مرشح يمثلون الحزب الوطني و35 للإخوان المسلمين ومرشحان للوفد ومرشح واحد يمثل الحزب الناصري وتبدو فرصة الوطني للفوز بأكبر عدد من المقاعد في جولة الإعادة لوجود 20 دائرة طرفاها وطني و 32 دائرة يتنافس في كل منها ثلاثة وطني ومستقل واحد . يبلغ عدد الناخبين المدعوين للإدلاء بأصواتهم في المحافظات التسع نحو عشرة ملايين و 422 ألفاً و 946 ناخباً أمام 67 دائرة انتخابية على أساس 16 دائرة في الدقهلية , و 14 في الشرقية , وكفر الشيخ تسع دوائر , ودمياط أربع دوائر , وسوهاج 14 دائرة , وأسوان ثلاث دوائر , والبحر الأحمر دائرتين , وشمال سيناء ثلاث دوائر , وجنوب سيناء دائرتين . ومنعت قوات الأمن منذ الصباح الباكر التصويتَ في بعض دوائر محافظة الشرقية والتي تشهد منافسة ساخنة بين مرشحي الحزب الوطني والإخوان المسلمين. فعلى مستوى الدائرة الأولى بالزقازيق أغلقت كل اللجان الانتخابية كما في مدرسة الناصرية، كما أغلقت قرية هرية رزنة مركز ثقل مرشح الإخوان والتي تبلغ كتلتها التصويتية تسعة آلاف صوت حُسمت بشكلٍ نهائي لمرشح الإخوان في الانتخابات البرلمانية عام 2000م، والتي تمَّ إغلاقها يوم الخميس في الجولة الأولى للمرحلة الثالثة للانتخابات. وقالت مصادر ميدانية انه تمَّ إغلاق لجان قرية تل حوين والتي تُقدر بثمانية آلاف صوت، وقرية بني شبل التي تبلغ كتلتها التصويتية تسعة آلاف صوت، كما تمَّ إغلاق قرية العدوة التي يبلغ تعداد التصويت فيها تسعة آلاف صوت. وفي دائرة أبو حماد أغلق الأمن غالبية اللجان منذ الصباح الباكر وبخاصة قرية القطاوية كما تمَّ إغلاق مجمع المدارس بمدينة أبو حماد الثورة والإعدادية بنات، وعندما لجأ الناخبون للقضاة ردوا عليهم قائلين: (إحنا بداخل اللجان ولا نأمن على أنفسنا خارجها). وفي دائرة ديرب نجم أُغلقت قريته صفط زريق، ومن جهة أخرى تمَّ القبض على ثلاثة من البلطجية من قِبل أنصار مرشح الإخوان تمَّ حشدهم لمنع التصويت وتمَّ تسليمهم للشرطة. وقال القيادي في جماعة الإخوان عصام العريان إن الشرطة أغلقت مراكز الاقتراع وألقت القنابل المسيلة للدموع على الناخبين في عدد من اللجان التي يتنافس فيها الإخوان المسلمين مع الحزب الحاكم. وأكد الحزب الناصري الذي يترشح رئيسه ضياء الدين داود في دائرة فارسكور ان الشرطة أغلقت منافذ فارسكو والقرى المحيطة تماما، ومنعت الناخبين من الوصول إلى لجان الاقتراع وقال مركز سواسية لحقوق الإنسان، وهو مقرب من جماعة الإخوان، إن الشرطة حاصرت ثمانية مراكز اقتراع تضم 75 مكتب اقتراع في مدينة المطرية وكانت الجولة الأولى من هذه المرحلة قد جرت الخميس الماضي ولم يحسم فيها سوى تسعة مقاعد فقط، أربعة للحزب الوطني الحاكم وأربعة للمستقلين وواحد لحزب الوفد المعارض، في حين لم تستطع جماعة الإخوان المسلمين حصد أية مقاعد في هذه المرحلة، أما المعارضة فقد واصلت أداها الباهت على وصف المراقبين في العملية الانتخابية. وتراهن أحزاب المعارضة على عدد من رموزها في الجولة الأخيرة منهم ضياء الدين دواد رئيس الحزب الناصري وحمدين صباحي وكيل مؤسسي حزب الكرامة وسامح عاشور نقيب المحامين ومحمود أباظه القيادي بحزب الوفد. وكانت الفترة الماضية قد شهدت جدلاً في الشارع السياسي المصري بسبب ضم الحزب الوطني للمستقلين إلى عضويته فور فوزهم بالمقاعد البرلمانية لضمان أغلبية مطلقة حيث استطاع بهؤلاء المستقلين ان يحصل على أكثر من مائتي مقعد بالرغم أن معظم مرشحيه قد سقطوا من الجولات الأولى للمراحل الثلاثة، غير أن اللجنة العليا للانتخابات أكدت أنّ نصوص الدستور وأحكام قوانين مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الأحزاب تخلو من أي نص يحظر أو يقيد الانتقال بين الأحزاب السياسية أو تغيير الهوية السياسية من مستقل إلى حزبي أو العكس سواء أثناء العملية الانتخابية أو بعد إعلان النتيجة. وقالت اللجنة في بيان أصدرته في هذا الشأن أنها تدارست في اجتماعها الذي عقدته مؤخراً ما يتصل بما أثير حول تغيير بعض المرشحين لانتماءاتهم الحزبية، وخلصت من ذلك إلى أن نصوص الدستور وأحكام قوانين مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الأحزاب السياسية قد خلت من أي نص يحظر أو يقيد الانتقال بين الأحزاب السياسية أو تغيير الهوية السياسية من مستقل إلى حزبي أو العكس سواء أثناء العملية الانتخابية أو بعد إعلان النتيجة، ومن ثم فلم يرتب المشرع على هذا التغيير أي نتائج قانونية تؤثر على سلامة الترشيح أو صحة الانتخاب أو العضوية. وأضاف البيان أن اللجنة العليا للانتخابات لا تقوم بتغيير انتماء المرشح من مستقل إلى حزبي أو العكس وان غاية ما تقوم به في هذا الخصوص من إعلان للانتماء الجديد - بناءً على ما يرد إليها من إخطارات من الأحزاب - ليس إلا أجراء، كاشفاً عن واقع استجد من صنع المرشح نفسه، وأكدت اللجنة التزامها بما يرد إليها من أي مرشح في شأن تحديد انتمائه الحزبي .. وأشارت إلى التزامها الكامل بإعمال أحكام القانون فيما أعلنته . على صعيد آخر تظاهر مئات الصحفيين المصريين الليلة قبل الماضية احتجاجاً على ما أسموه المعاملة السيئة من قبل بعض أجهزة الدولة تجاه الصحفيين أثناء تغطيتهم للعملية الانتخابية في مراحلها الثلاث.