تدوي أنغام الموسيقي الإفريقية المبهجة في سوق جوبا المفعم بالحياة، حيث التجارة مزدهرة بعد تطهير طريق تجاري مهم من الألغام عقب سلام أنهى عقدين من الحرب الأهلية في جنوب السودان. وتتدفق على جوبا عاصمة الجنوب البضائع الأجنبية القادمة من بلدان مجاورة، وتضيق السوق حالياً بالبضائع مثل الأناناس الأوغندي والأغذية ومنتجات تصفيف الشعر من أوغندا والكونجو وغيرها من دول المنطقة. وقالت جوزفين جوج التي تسكن في جوبا أعتقد أنني سأصاب بارتفاع ضغط الدم لأنني لا أستطيع أن أصدق أن عيني تقع على كل تلك البضائع التي لدينا هنا، أتمنى ألا يقضي الارتفاع في ضغط الدم علي. وأضافت بينما كانت تبتسم ابتسامة عريضة أنه أصبح بإمكانها أخيراً جلب طعام جيد لأبنائها الأربعة. واعتادت البلدة أن تكون خط مواجهة في الحرب الأهلية المرة بين الشمال والجنوب التي راح ضحيتها مليوني شخص ودفعت أكثر من أربعة ملايين على الفرار من منازلهم. وأصيب الاقتصاد المحلي بالاختناق بعد أن حوصر بنقاط التفتيش التابعة للجيش والطرق المزروعة بالألغام كما تحكم التجار في السوق وكانوا يبيعون بضائع مرتفعة الأثمان تأتي جواً إلى الجنوب من العاصمة الخرطوم. لكن جوبا تشهد أولى ثمار ملموسة للسلام بعد قرابة عام من الاتفاق الذي وقع في يناير - كانون الثاني. وقال اندرو انتوني الذي جاء من ياي التي تبعد 160 كيلومتراً عن جوبا لرؤية أصدقاء له إننا نرى السلام أخيراً.. هذا لم يكن ممكناً من قبل، وأضاف أن الطريق المؤدي من جوبا إلى ياي افتتح قبل أشهر قليلة. وشكلت الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة سابقاً حكومة للجنوب في سبتمبر - أيلول اتخذت من جوبا مقراً لها. ولكن الآن انخفض سعر زيت الطعام من 500 دينار سوداني (2.08 دولار) إلى 300 دينار للتر الواحد (الدولار =240 ديناراً سودانياً). وانخفض أيضاً سعر السكر إلى النصف تقريباً كما يعج السوق حالياً بالسيارات والشاحنات التي تربط المدينة يومياً بكل من أوغندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية. ويتعين على التجار المحليين الآن منافسة نظرائهم الأفارقة الذين تعرض بضاعتهم التي يتم جلبها براً بأسعار أرخص. وقال فينسينت كوجو لابونج المسؤول بالحكومة المحلية كانت جوبا يائسة من قبل.. لم يكن هناك طعام.. وكانت الأسعار عالية.. ومع فتح الطرق انخفضت الأسعار بشكل فعلي.. والناس ياكلون الآن ولم نعد نعتمد على الخرطوم. وقال التاجر سام توبي إنه رغم أن اللغة المشتركة في جوبا هي العربية فإن البضائع التي تأتي من شرق إفريقيا تحمل بطاقات تعريف باللغة الإنجليزية. وأوضح الناس لا يعرفون ماذا يشترون، يعتمدون على شم ولمس الأشياء أولاً. وأضاف أن الهجمات التي يشنها متمردو ما يسمى جيش الرب للمقاومة الأوغندي والتي تسببت في توقف زيارات الأممالمتحدة أثارت أيضاً قلق المرور التجاري، لكنه قال إن الأمور أفضل بكثير من ذي قبل. وكان لجوبا نصيبها الخاص من الاضطرابات إلا أن الأجواء فيها أصبحت تتسم بالبهجة والتفاؤل بعدما انفتحت على العالم الخارجي، وقالت جوج هذا حقاً هو ما يمثّله توقيع السلام بالنسبة لي. ومن جانب آخر رفضت لجنة للجمعية العامة للأمم المتحدة ليل الأربعاء الخميس دراسة مشروع قرار اقترحه الاتحاد الأوروبي يدين ما أسماه انتهاكات حقوق الإنسان في السودان مثل أعمال القتل والاغتصاب في منطقة دارفور. ويدعو مشروع القرار المعروض أمام اللجنة الاجتماعية والإنسانية للجمعية العامة حكومة السودان إلى وضع نهاية لثقافة الإفلات من العقاب ونزع سلاح ميليشيا الجنجويد في دارفور والكف عن الترحيل الإجباري للنازحين حول الخرطوم وأماكن أخرى. غير أن نيجيريا ممثلة للاتحاد الإفريقي قالت إنه ينبغي ألا يتخذ أي إجراء حتى لا يعرض للخطر اتفاقيات السلام والمفاوضات في السودان. ووصفت الدول الإفريقية مشروع القرار بأنه مثير للانقسام ومدمر واعترضت على أنه اختص بالذكر دولة واحدة.