واصلت إسرائيل اعتداءاتها على جنوبلبنان بغارات جوية صباح أمس الثلاثاء، وعلى الرغم من مبادرتها بالعدوان فإن الولاياتالمتحدة حاولت التغاضي عن ذلك وسعت إلى إدانة المقاومة اللبنانية إلا أن هذه المساعي فشلت في مجلس الأمن بفضل تدخل الجزائر. وذكر مراسلون لوكالة فرانس برس والشرطة اللبنانية أن طائرات حربية إسرائيلية شوهدت في الأجواء في محيط صيدا على بعد حوالي ستين كيلومترا عن الحدود. وذكر الجيش الإسرائيلي أن صاروخا أطلقه حزب الله سقط على قرية المطلة الحدودية القريبة من مزارع شبعا، وقد دعي سكان القرى الإسرائيلية إلى عدم إضاءة الأنوار وإلى المبيت في الملاجئ. وزعم الجيش الإسرائيلي صباح أمس الثلاثاء أن قواته دمرت موقعا لجماعة حزب الله اللبنانية بالقرب من الحدود مع لبنان وذلك إثر الاشتباكات بين الجانبين يوم الاثنين التي اندلعت إثر قيام قوة إسرائيلية بتجاوز خط الحدود باتجاه لبنان مما دفع مقاتلي المقاومة إلى التصدي لها وتدمير آليتين للقوات الغازية. وبينما كانت المعارك تدور على الأرض وخصوصا في قرية الغجر التي يسيطر كلا الطرفين على جزء منها، حلقت مقاتلات إسرائيلية ومروحيات بكثافة فوق جزء كبير من جنوبلبنان، وأطلقت صواريخ استدعت ردا من المدفعية اللبنانية المضادة للطائرات. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له إن الموقع الكائن شمال قرية راجار (لعب دوراً رئيسياً) في الهجمات التي شنها مقاتلو المقاومة على مواقع إسرائيلية يوم الاثنين. وتقول إسرائيل إن خمسة من مقاتلي حزب الله قتلوا وأصيب 11 إسرائيليا بينهم ثمانية جنود في الاشتباكات بين الجماعة والجيش الإسرائيلي والتي تعد الأكبر من نوعها على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية منذ سنوات. وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح أمس أن الطائرات الحربية الإسرائيلية هاجمت أيضا مواقع لحزب الله أثناء الليل في منطقة مزارع شبعا اللبنانية التي لا تزال إسرائيل تحتلها. واحتلت إسرائيل هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالي عشرين كيلومترا مربعا عام 1967م، وخيم هدوء مشوب بالتوتر على الحدود صباح أمس وسمح لسكان شمال إسرائيل بالخروج من المخابئ التي أمروا باللجوء إليها لدى اندلاع القتال بعد ظهر الاثنين، وتأتي هذه المعارك الاثنين عشية احتفال لبنان بذكرى عيد الاستقلال. وحذر الرئيس اللبناني أميل لحود في خطاب إلى اللبنانيين مساء الاثنين من الضغوط الدولية على لبنان ودعا إلى حل الخلافات الداخلية بالحوار منعا للتدخلات الخارجية، مؤكدا أهمية العلاقات المميزة مع سوريا. وقال لحود: مرة جديدة يقع لبنان تحت مجهر المتآمرين بالتزامن مع الضغوط التي تمارس عليه لفرض صيغ ومخططات خارجية تتوافق مع مصالح أصحابها ولا تتوافق حتما مع مصالح لبنان وشعبه. وأعلن مصدر حكومي لبناني لوكالة فرانس برس أن اتصالات دبلوماسية كثيفة جرت الاثنين في بيروت لإعادة الهدوء إلى جنوبلبنان. وقال هذا المصدر إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بحث في هذا الموضوع مع سفيري الولاياتالمتحدةوفرنسا في بيروت، ومع قائد قوات الأممالمتحدة في جنوبلبنان (فينول) الآن بللغريني ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن وقيادة حزب الله. وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي المكون من 15 عضوا فشل في الاتفاق على كيفية إدانة الاشتباك الدموي وذلك أساسا بسبب خلافات بين الولاياتالمتحدةوالجزائر. وبعد عدة ساعات من المفاوضات تخلى أعضاء مجلس الأمن عن محاولة تعديل بيان اقترحته فرنسا ويقضي بإدانة ما أسماه التراشقات العسكرية التي بدأها حزب الله وكذلك انتهاكات إسرائيل للمجال الجوي اللبناني. وقال مشاركون في المفاوضات إن الولاياتالمتحدة أرادت حذف الإشارة إلى إسرائيل وإن الجزائر العضو العربي الوحيد في المجلس رفضت إلقاء اللوم على حزب الله. واتفق الأعضاء على إجراء مزيد من المناقشات لكن المبعوثين اعترفوا بأن جهودهم فقدت قوة الدفع. وجاءت مداولات المجلس في أعقاب صدور بيان في القدسالمحتلة من قبل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة الزائر للشؤون السياسية إبراهيم جمبري. وأدان جمبري الاشتباك الذي زعم أنه بدأ وفق ما تظهره المعلومات المتاحة من الجانب اللبناني ودعا كل الأطراف إلى وقف إطلاق النار. وقال جمبري إن الهجمات تظهر مرة أخرى أهمية أن تبسط الحكومة اللبنانية سيطرتها على كل أراضيها وهي إشارة إلى هيمنة حزب الله على الجنوب. وفيما فشلت الولاياتالمتحدة في استصدار إدانة من مجلس الأمن للمقاومة اللبنانية فإنها أدانت بشكل منفرد ما أسمته ب(الهجمات التي شنها حزب الله). وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك: ندين الهجمات التي شنها حزب الله اليوم. وأضاف: قلنا بوضوح تام للحكومة اللبنانية إن عليها أن تسيطر على الوضع في جنوبلبنان، مشيراً إلى أن أحداث النهار تؤكد أهمية التطبيق التام من قبل جميع الأطراف لقرار مجلس الأمن الرقم (1559).