أطلت بشائر عيد الفطر المبارك بالفرح في القلوب التي هي المعنى الحقيقي للعيد, ففي مثل هذه المناسبة السعيدة من كل عام يلتقي الجميع على الفرح والسرور بالعيد الذي شرعه الله تعالى لعباده المسلمين الصائمين بعد شهر رمضان.. تقبل الله منا ومنك الصيام والقيام، والفرحة بالعيد تكون حقيقة عندما يلتقي فيه الغني مع الفقير, ويتبادل الجميع التهاني كبارا وصغارا, فالكل شركاء في هذه الجائزة الربانية لعباده المسلمين التي ترسخ معاني الأخوة والتراحم والمحبة, وإذا تأملنا معانيه سنجدها واضحة على وجوه الأطفال الذين يغمرهم الفرح والمرح, ويحبون هذه الأيام المباركة, والعيد أيضا هو يوم الفقراء الذين فرحوا بما يسر الله لهم من سعة. والعيد أيضا هو يوم الأرحام, حيث يجتمع الجميع على هذه الصلة العظيمة بعد أن غرس فيهم الشهر الفضيل روح التسامح والتزاور, وتتجلى كل هذه المعاني منذ إشراقة يوم العيد.. هكذا تتجلى أفراح العيد في نفوس الجميع ليشكل مظهرا رائعا للحب والإخاء، ويملأ القلوب والنفوس بالبهجة التي تعم كل بيت وكل أسرة وكل فرد، وفي هذا العصر المزدحم بصخب الحياة تحتاج إلى تأصيل معاني العيد في النفوس حتى لا تتبدل عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، ونربي عليها الأجيال, لذلك أود أن أشير إلى ضرورة أن تصل زكاة الفطر إلى مستحقيها وأن يجتهد كل منا في تلمس أحوال الفقراء من الأقارب والجيران ثم غيرهم. فالأقربون أولى بالمعروف, وإذا أردنا أن نصل بالزكاة إلى مقاصدها، فالأفضل أن تكون عبر الجمعيات الخيرية والجهات الرسمية العاملة في هذا المجال بما لها من إمكانات وخطط لتوزيع الزكاة، وكذلك الصدقات والتبرعات المادية والعينية بشكل عام إلى من تشملهم بمساعداتها. إن مظاهر الحياة اليوم تخدع الكثيرين والبيوت تداري الكثير من الهموم من قلة ذات اليد وضيق في الإمكانات, ومنهم كثير ممن لا يسألون الناس إلحافا. لذا من المسؤولية والواجبات الإسلامية تحري أوضاعهم، والسؤال عنهم علما بأن الفقر اليوم في مفهومه ومستواه ليس هو ما كان عليه في الماضي، حيث كانت قروش قليلة تكفي لوجبات، وأكثر منها بقليل تكفي للستر من الكساء, ولكن اليوم أسعار الحياة وتكاليفها أصبحت نارا, ويعجز عنها الكثيرون, فتفقدوا أحوال إخوانكم وجيرانكم. يقول- صلى الله عليه وسلم-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). إن معاني العيد ليست فقط في مظاهر الجديد من اللباس, ولكنها تكمن أولا في النفس, وكلما كانت نفوسنا عامرة بالإيمان والحب والبذل والتسامح والتواصل ولم الشمل والعطف وصلة الأرحام جعلنا من تعاليم الدين الحنيف منهاجا لحياتنا وفي علاقاتنا, كما أن العيد ليس يوما أو أياما قليلة وإنما هو انطلاقة يجب أن نتمسك بها لتغذية نفوسنا بالطيب من القول والفعل والبذل, وليت البعض منا من حمل في نفسه غضبا أن يبادر بإصلاح ما بينه وبين الآخرين. ما أعظم هذا الإحساس وكل هذه المعاني عندما نمارسها ونعايشها ونطبقها في حياتنا, وما أروع أن يلتئم شمل الأسرة في بيت العائلة يصافحون بعضهم بعضا مهنئين فرحين يسلم صغارهم على كبارهم، ويحنو الكبار على الصغار، ويلتقي الجميع على إفطار يوم العيد بعد الصلاة, والابتسامات تشرق من القلوب على أن نتذكر في الوقت نفسه حق الأهل والجيران لأن نتزاور ونشاركهم أفراحهم, ولا نركن إلى الهاتف الذي اغتال المشاعر الإنسانية، فالتواصل الأسري وكل حقوق علاقاتنا وواجباتنا الاجتماعية يستحيل أن يصدق في حملها الهاتف، وكل عام والجميع وبلادنا وأمتنا بخير وأمن وأفراح. حكمة: هي الأخلاق تنبت كالنبات ... إذا سقيت بماء المكرمات. للتواصل: 6930973