أكد خبراء اقتصاديون في مصر أن الفترة القادمة ستشهد إقبالاً متزايداً من جانب مستوردي السيارات على أسواق دول الخليج وخاصة بعد أن ألغت لائحة الاستيراد والتصدير الجديدة التي صدرت مؤخراً شرط بلد المنشأ وتوقع الخبراء أن يحدث تراجع في أسعار السيارات خلال شهرين أو ثلاثة وهي الدورة التي تستغرقها عملية استيراد السيارات بعد استيعاب السوق الكم الهائل من السيارات الموجودة فيه حالياً. وكانت لائحة الاستيراد والتصدير الجديدة قد حملت العديد من المفاجآت للمتعاملين في سوق السيارات، حيث أتاحت استيراد السيارات من غير بلد المنشأ الأصلي لها كما لم تقصر عملية الاستيراد على أصحاب التوكيلات فقط، بل أباحتها للمستوردين الآخرين. وقال الخبراء: إن هذه التعديلات الجديدة كانت بمثابة الصدمة لطبقة المافيا الجديدة في سوق السيارات التي سيطرت عليه وتحكمت في أسعاره لسنوات طويلة وهي المرة الثانية التي تفاجئ فيها الحكومة هؤلاء المحتكرين بقرارات وإجراءات تسحب البساط من تحت أرجلهم في سوق السيارات. وكانت الحكومة قد قامت في سبتمبر من العام الماضي بتخفيض كبير في الرسوم الجمركية ورغم أن القرار كان سبباً في تحقيق زيادة كبيرة في مبيعات السيارات إلا أن هذه الزيادة ما لبثت أن هدأت بعد أن اختفى أثر التخفيض الجمركي وذهبت قيمته إلى جيوب الوكلاء والتجار من دون المستهلك لتعود أسعار السيارات إلى سابق عهدها وربما أكثر مع ظاهرة جديدة على السوق وهي قائمة الانتظار الطويلة لحجز السيارات. وأثارت اللائحة الجديدة مخاوف أصحاب توكيلات السيارات الذين خاضوا العديد من المحاولات المستميتة والمفاوضات الشاقة مع المسئولين بوزارة التجارة الخارجية لاستبعاد التعديلات الخاصة بفتح باب استيراد السيارات من غير بلد المنشأ ورغم فشل هذه المفاوضات إلا أنها نجحت في إزاحة بعض المقترحات المهمة التي درستها اللائحة مثل عدم الالتزام بسنة الموديل لسيارات الركوب بشرط أن تكون السيارة على الزيرو وتشترط التعديلات فيما يستورد من السيارات تقديم ما يثبت أنها من الطرازات الصالحة للاستخدام في الأجواء الحارة أو أن تكون مخصصة لمصر أو دول الشرق الأوسط أو دول الخليج أو صادر لها شهادة من الشركة المنتجة تفيد أنها تتمتع بمواصفات خاصة لمصر أو المنطقة. وفي الوقت الذي أكد فيه مسئولو وزارة التجارة الخارجية أن تعديلات اللائحة سوف تؤدي إلى خلق منافسة حقيقية في السوق سوف تكون في صالح المستهلك وتوقعوا أن تشهد السوق هدوءاً وتراجعاً في أسعارها أبدى وكلاء السيارات عدم سعادتهم عموماً بالتعديلات ووجهوا العديد من الانتقادات إليها إلا أنهم عبّروا عن أملهم في أن تقضي هذه التعديلات على التشوهات والعشوائيات التي سادت السوق خلال الفترة الأخيرة. ويرى بعض الخبراء أن أصحاب التوكيلات قادرون على حماية أنفسهم بما يقدمونه من خدمات وخصوصاً خدمة ما بعد البيع وهو ما لا يستطيع المستورد العادي تقديمه، مشيرين إلى أن تجارة السيارات ليست مجرد عملية بيع سيارة لكن يجب أن تكون هناك مراكز خدمة جيدة وأن تكون قطع الغيار متوافرة فخدمة ما بعد البيع هي أهم المراحل بالنسبة للمستهلك المصري الذي لا يقتني السيارة لمدة ثلاثة أو خمسة أعوام فقط مثل البلدان الغنية، بل تظل معه سنوات طويلة ولذلك يجب أن تتوافر جميع مقومات خدمة السيارة. وحذر الخبراء من أن يؤدى فتح باب الاستيراد للجميع إلى دخول فئات عشوائية وغير مؤهلة من المستوردين إلى سوق السيارات وتوقعوا أن يقدم المستورد العادي سعراً أقل للمستهلك، حيث إن تكاليف المستورد أقل من الوكيل لكنه لن يقوم بخدمة ما بعد البيع كما توقعوا أن يحدث تراجع في أسعار السيارات خلال شهرين أو ثلاثة. ومن ناحية أخرى طالب أصحاب التوكيلات بوضع محاذير وضوابط لعملية فتح الاستيراد وعدم الالتزام بشهادة المنشأ على سيارات الركوب، مشيرين إلى ضرورة أن يتم أيضاً فتح الاستيراد من المناطق الحرة في مصر حتى لا يلجأ التجار والمستوردون للاستيراد من الخارج فالشراء من المنطقة الحرة سيجنبهم مشقة السفر والشحن ويقلل من التكلفة التمويلية بالنسبة لهم وسيزيد سرعة دوران رأس المال بالنسبة للوكيل من الناحية الأخرى وأكدوا أنهم قادرون على حماية أنفسهم بتوفير المنتج الجديد والقيام على خدمته ورعايته من خلال مراكز الخدمة عالية التكنولوجية، مشيرين إلى أنهم يستطيعون بذلك خلق ميزة لبضاعتهم تجعلهم قادرين على المنافسة مع التجار والمستوردين الآخرين. وأكد أصحاب التوكيلات أن تعديل اللائحة لن يكون في صالح المستهلك على عكس ما يتوقع الجميع خاصة في الفترة القادمة وانه سيحدث نوع من الفوضى الأمر الذي سيجعل الشركة الأم تتخذ موقفاً طالما أن الأمر سيضر بمصالحها العليا، خاصة مع شكاوى العملاء مستقبلاً لعدم قيام المستوردين بتوفير مراكز خدمة لسيارتهم أو قطع الغيار الأصلية بهذه المراكز الأمر الذي سيضر في النهاية بسمعة المنتج التابع للشركة الأم ويطيح بقواعد الملكية الفكرية. وأشاروا إلى أن عقود الوكالة المحلية في مصر تنص على التزام الوكيل المحلي أمام الشركة الأم بالحفاظ على مكانتها حتى لو كان هذا الالتزام يمثل عبئاً مالياً على الوكيل تجاهها، خاصة فيما يتعلق بتوفيره أفضل مراكز الخدمة وأعلاها تكنولوجيا والمخزون الأمثل من قطع الغيار الأصلية ومسؤولياته أمام عملاء الشركة في فترة الضمان وغيرها من البنود المهمة التي تصل لأكثر من 20 بنداً يلتزم بها الوكيل المعتمد من قبل الشركة الأم وعلى العكس يشير الخبراء إلى أن التعديلات الجديدة ستعود بالفائدة على المستهلك المصري في الأساس لأنها ستخلق منافسة بين الوكيل والمستورد لتكون نتيجة هذا التنافس لصالح المستهلك. وأكدوا أن بعض الوكلاء يستوردون هم أيضاً بالفعل سيارات من الدول المجاورة لبيعها محلياً أما عمّا يقال بأن السيارات المستوردة من قبل المستوردين بعد تطبيق اللائحة الجديدة لن تجد مراكز خدمة على غرار المراكز التابعة للوكلاء فيشير الخبراء إلى أن هناك بالفعل مراكز خدمة على أعلى مستوى يمتلكها رجال أعمال على غرار مراكز خدمة أصحاب التوكيلات لأن المراكز أصبحت نوعاً من أنواع (البيزنس). وأضافوا أن السيارات المغالى في سعرها من قبل الوكيل هي التي سيتم استيرادها من الخارج أما السيارات التي يقوم الوكيل ببيعها بسعر معقول فلن يغامر المستورد باستيرادها من الخارج لأن بضاعة الوكيل ستربح في هذه الحالة.