بدأت مؤسساتنا التعليمية العالية في الفترة الأخيرة تتجه نحو ممارسة مزيد من التشدد في قبول الطلاب في الكليات الجامعية، تمثل هذا التشدد في رفع وتنويع معايير القبول. وعلى الجهة الأخرى ظهر أيضا توجه نحو فرض مزيد من التشدد في تحديد متطلبات التخرج. لا نجادل إطلاقاً في الأثر الإيجابي المتوقع لمثل هذه التوجهات في إمداد سوق العمل بأجيال من الخريجين على درجة عالية من الكفاءة والمهارة، ولكن مجرد التشدد في وضع معايير القبول وفي تحديد متطلبات التخرج لا قيمة له ما لم يرافقه محاولات جادة لتحسين نوعية حياة الطالب الجامعية. تحسين الحياة الجامعية للطالب يتطلب قبل أي شيء آخر احترامنا لكرامته وقدراته العقلية وتوفير البيئة التعليمية الثرية التي تحقق له أفضل تعلم ممكن، كما يتطلب أيضا اختيار المادة العلمية التي يجد فيها الطالب الجامعي معنى وصلة بحياته وتحدياً لقدراته. في المؤسسات التعليمية الجامعية المتخلفة لا تجد غير الحشو النظري الممل وطحن الطلاب إلى حد تعجيزهم وامتهانهم وتجاهل حاجاتهم. إن تحسين الحياة الجامعية للطالب يتطلب كذلك توفير فرص العمل الكريم لأولئك الطلاب الذين ينتمون إلى أسرة فقيرة. وفوق ذلك يتطلب تعزيز برامج التوجيه التي تساعدهم في اتخاذ القرارات، إضافة إلى تطوير وتنويع الأنشطة الطلابية التي تنمي استعداداتهم وتثري قدراتهم. باختصار، إذا كان تطوير معايير (القبول) ومعايير (التخرج) هما شطري الفطيرة الجامعية فأين اللحم (أي التعليم الحقيقي)؟ اللحم ستأتي به الجهود المباركة القائمة حالياً لتطوير التعليم الجامعي.